تنطلق اليوم السبت بكل ولايات الوطن الانتخابات الرئاسية الأولى في تاريخ الجزائر الجديدة، بتعداد هيئة ناخبة تجاوزت عتبة 24 مليون ناخب.تكتسي هذه الانتخابات أهمية بالغة لدى الجزائريين، نظراً لدلالاتها ومدلولاتها، باعتبارها انتخابات رئاسية سابقة لآوانها يُنتظر منها الكثير، والتي تُجرى وسط أجواء يطبعها التفاؤل في الاستمرار بتحقيق المزيد من المؤشرات الايجابية على الصعيد الاقتصادي، الاجتماعي، الأمني والدبلوماسي.
يُعوّل الشعب الجزائري كثيراً على ما ستُسفر عنه الانتخابات الرئاسية، والتي تُمثّل حلقة أخرى من مسلسل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي انخرطت فيها الجزائر بقوة منذ سنوات.
فالشّعب الجزائري الذي يُتابع بقلق بالغ الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، وبقلق أكبر ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، تبقى آماله معلّقةً بنجاح الانتخابات الرئاسية المسبقة من أجل قطع دابر المتربّصين بأمن واستقرار الوطن، الناقمين على ما حقّقته الجزائر من إنجازات اقتصادية واجتماعية.
يرى السّواد الأعظم من الشعب الجزائري أن الانتخابات الرئاسية المُسبقة تكريس للعمل الديمقراطي وتجسيد لحرية التعبير، والأهم من هذا كله، مواصلة مسار الاصلاحات التي انطلقت غداة خروج الجزائريين في حراك شعبي مبارك، وضع الجزائر على المسار الصحيح وأسّس لجزائر جديدة أوجدت لنفسها مكانة اقتصادية، ديبلوماسية وسياسية بين الكبار.
وبالحديث عن جملة المكاسب المحقّقة، يرى الشعب الجزائري أن عنصري الأمن والاستقرار من بين أهم ما تحقّق خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة وأنّ المحيط الاقليمي الملتهب وما تشهده حدودنا الجنوبية من توترات تدفع بالمنطقة إلى أتون حرب إقليمية، تجعل الشعب الجزائري يُعيد ترتيب أولوياته، والعمل أكثر على النأي ببلاده عن كل ما قد يعكّر جو الأمن والاستقرار الذي تنعم به.
الى جانب ذلك، يرى غالبية الشعب الجزائري أنّ الانتخابات الرئاسية الحالية تُعد استمراراً للمؤشرات الايجابية للتنمية المحلية، فما شهدته الجزائر من برامج إسكان ضخمة والشروع في تقليص فاتورة الاستيراد بالاعتماد على السلع الوطنية من منتجات صناعية وفلاحية، وما نتج عنه من ارتفاع احتياطي الصرف من العملة الصعبة، تُعدُ فرصة ذهبية لتحقيق إنعاش اقتصادي غير مسبوق يقود الجزائر الى تحقيق المزيد من الرفاه والازدهار.
ولعل أكثر من يدرك حجم التغيير الحاصل في الاقتصاد الوطني، هم سكان الولايات الجنوبية الذين ينظرون بعين التفاؤل للانتخابات الرئاسية كسبيل لتعزيز النهضة التنموية التي شهدها الجنوب.
فقد شهدت الولايات الجنوبية تقسيمين إداريين تمخّضت عنهما ولايات جديدة أزاحت حملاً ثقيلاً عن مواطنيها، ووفّرت عنهم عناء التنقّل لمسافات بعيدة، إلى جانب الشروع في تجسيد منشآت قاعدية ضخمة على مستوى ولايات الجنوب، على غرار قطار تمنغست والخط المنجمي الغربي الرابط بين بشار وغار الجبيلات على مسافة 950 كلم، وتدعيم ولايتي تندوف والجلفة ببرنامجين تكميليين.
هناك إجماع شبه تام بين الشعب الجزائري حول ما هو منتظر من الانتخابات الرئاسية الحالية، فالابتعاد عن شبح السقوط في فخ المديونية يُعدُّ مطلباً شعبياً يرتجيه الشعب الجزائري، الذي يُدرك جيداً تبعات المديونية على الصعيدين الشخصي والوطني، الى جانب ذلك، ينتظر الشعب الجزائري مواصلة إنجاز المشاريع الضخمة والهياكل القاعدية، تحسين القدرة الشرائية، توفير الأمن، خفض نسبة التضخّم، والاستمرار في تجسيد البُعد الاجتماعي للدولة من خلال توفير السكن ومنحة البطالة ومجانية الصحة والتعليم.
د . علـي سالـم نـور الديـن:
انطلاقـة لاستكمـال بنـاء الجزائـر الجديـــدة
وفي هذا الصدد، أوضح أستاذ القانون بالمركز الجامعي علي كافي بتندوف الدكتور علي سالم نور الدين، أنّ الانتخابات الرّئاسية الجزائرية تجري في سياق زمني إقليمي وعالمي خاص، بفعل أحداث سياسية، إنسانية وأمنية متسارعة.
أبرز نور الدين في حديثه لـ “الشعب”، أنّ الانتخابات الرّئاسية تُعدُّ محطّةً أساسية لتجاوز الأوضاع الأمنية الحالية، وفُرصة لاكتساب مناعة ضد أي خرق أمني أو مَطَبّ اقتصادي قد يمسُّ بتماسك المجتمع الجزائري، مشيراً إلى كونها ـ أي الانتخابات ـ بمثابة انطلاقة لاستكمال بناء الجزائر الجديدة.
وتابع نور الدين قائلاً إنّ هناك إجماعا شبه تام لدى الشعب الجزائري على أهمية المشاركة في الانتخابات الرئاسية المُسبقة، رغم اختلاف التوجهات السياسية وتعدّد مشارب الخطاب السياسي.
ونوّه بالنّظرة الايجابية للشعب الجزائري تُجاه هذه الانتخابات، مُستمدّة من رصيده الطويل ومساره الحافل في الممارسة الديمقراطية التي كوّنت لديه قناعة راسخة بضرورة التعبير عن رأيه عبر ممارسة حقوقه الدستورية بالتصويت، واختيار من يمثّله بطريقة ديمقراطية وشفّافة.
وأكّد أنّ سقف التطلعات قد ارتفع نتيجة ما شهدته الجزائر من طفرة تنموية، جعلت الجزائريين يطمحون الى الظفر بالمزيد من المكتسبات كنتيجة حتمية للمؤشرات الخضراء المسجّلة في الاقتصاد الوطني، والابتعاد تدريجياً عن التبعية للمحروقات.
وجدّد التأكيد على أن الانطباع الايجابي السائد لدى الشعب الجزائري حول الانتخابات الرئاسية المُسبقة، يعكس مدى تمسّكه بالمكتسبات المحقّقة وحرصه على الاحتفاظ بالقدر الكبير من الأمن والسكينة اللذين باتت تتمتع بهما الجزائر في محيط إقليمي وعالمي متوتّر.
ولَفَت المتحدث إلى أنّ الفعل الانتخابي هو حق دستوري كفلته الدساتير الجزائرية المتعاقبة لكل الجزائريين ممّن تتوفّر فيهم الشروط القانونية، داعياً الناخبين الى التوجّه بقوة الى صناديق الاقتراع للتعبير عن آرائهم، والمشاركة في هذا الحدث الديمقراطي لاختيار أحد المرشّحين الثلاثة ممن يروا فيه حاملاً لمشروع الجزائر الجديدة، ومكمّلاً للإنجازات المحقّقة خلال السنوات القليلة الماضية.
وأشاد المتحدّث بالإجراءات المتّبعة والتنظيم المُحكم والإمكانيات المادية والبشرية الضّخمة المُسخّرة لإنجاح الانتخابات الرئاسية، والتي مكّنت من إيصال صناديق الاقتراع الى أبعد تجمّع سكّاني في أقصى نقطة من جنوبنا الكبير.
واستطرد قائلاً إنّ الحملة الانتخابية التي مرّت بسلاسة تامة، شهدت عرضاً “منطقياً ومُتّزناً” للبرامج الانتخابية للمترشّحين الثلاثة، في جوّ ساده وعي تام للهيئة الناخبة بالتحديات والرهانات التي تواجهها بلادنا.
وأشار المتحدّث ذاته، إلى أنّ الإجراءات المتبعة والإمكانيات المادية التي سخّرتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات قصد إنجاح العملية الانتخابية، سمحت للناخبين من سكان البدو الرحل بالانخراط في ظروف عادية في العملية الانتخابية، والمشاركة بسلاسة في الاستحقاق الانتخابي، واختيار من سيقود البلاد لعهدة رئاسية تمتد لخمس سنوات قادمة.