بُعد المسافات لا يُعيي أبنــاء الجزائـر عـن التمسّـك بـوطنهم
الانتخـاب واجـب وطني وتعبــير عـن المواطنـة الحقّـة
أعرب مجاهدون بألمانيا، الخميس، عن قناعتهم الراسخة بأن التصويت في إطار الانتخابات الرئاسية هو خطوة “ستفوّت الفرصة على أعداء الجزائر لتنفيذ مخططاتهم الدنيئة تجاهها”، مهيبين بالجيل الجديد حفظ أمانة الشهداء والسير على درب من قدّموا النفس والنفيس لاسترجاع السيادة الوطنية.
فبمكتب الاقتراع الكائن بمدينة بون الألمانية، تقربّت وأج من المجاهد مجيد صياف البالغ من العمر 98 سنة والمنحدر من مدينة عين الفكرون (أم البواقي) والذي أكد أنه لم يتخلّف يوما عن أداء واجبه الانتخابي أينما حل.
فرغم ثقل وآثار السنين الواضحة عليه، أبى صياف إلا أن يتنقل إلى مكتب الاقتراع، حيث يقول بخصوص ذلك: “لا يمكنني أن أفوّت أي موعد يتعلق بمستقبل بلادي الجزائر الحاضرة دوما في وجداني رغم انتقالي إلى ألمانيا منذ 68 سنة”.
وبتأثر بالغ، عاد صياف بذاكرته إلى سنة 1956 التي شهدت انتقاله إلى هذا البلد عقب ملاحقة الاستعمار الفرنسي له، ليواصل نضاله خارج التراب الوطني في إطار فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا التي امتد نشاطها إلى عدة بلدان أوروبية، على غرار ألمانيا.
ويرى هذا المجاهد في عملية التصويت “واجبا وطنيا وتعبيرا عن روح المواطنة الحقّة التي يتعين أن يتحلى بها كل جزائري غيور على مستقبل بلاده”.
ويشدّد صياف على الدور الكبير المنوط بالجيل الجديد الذي “تقع على عاتقه مهمة صون أمانة الشهداء والحفاظ على الوطن من كل ما من شأنه ضرب استقراره والمساس بأمنه”.
ومن أهم الأدوات الكفيلة بتحقيق هذا الهدف -مثلما أكد- أداء الواجب الانتخابي، من أجل “قطع الطريق أمام كل من تسوّل له نفسه التعدّي على الجزائر”.
ورفقة حرمه وحفيده صاحب السبع سنوات، كان المجاهد درويش فرحات البالغ من العمر 94 سنة أحد الحاضرين البارزين بمكتب الاقتراع ببون من أجل عملية التصويت.
ويقول درويش، ابن مدينة الميلية (جيجل)، أنه يحرص على اصطحاب أحد أحفاده في كل حدث يخصّ الجزائر، تحتضنه بون أو المدن المجاورة، والغاية من ذلك “غرس الروح الوطنية في نفوسهم وتوريثهم قيم نوفمبر الخالدة منذ نعومة أظافرهم” وهو الحال بالنسبة لهذه الانتخابات الرئاسية.
كما يرى بأن “شباب الجزائر يتحملون مسؤولية كبيرة ومهمة مصيرية كونهم الضامن لمستقبل البلاد”، مثمنا في السياق ذاته “التطورات التي تعرفها الجزائر على شتى الأصعدة” والتي تستدعي - مثلما أكد - “العمل على الحفاظ على المكتسبات المحققة”، مذكرا بأن “الجزائر تأتي قبل كل شيء”.
ورغم استقراره بألمانيا منذ نحو 60 سنة، يظل درويش مهتما بالشأن الوطني ومواظبا على المشاركة في كل المواعيد الانتخابية، يدفعه لذلك إيمانه بأن “الجزائر تبنى بسواعد جميع أبنائها”.
الانتخاب واجب وطني
أكد الناخبون الجزائريون من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بألمانيا، وتحديدا بالدائرة الانتخابية لفرانكفورت، يوم الخميس، أن إدلاءهم بأصواتهم في إطار الانتخابات الرئاسية يعد “واجبا وطنيا” و«أحسن تعبير عن صلة لا تنفصم مع الوطن الأم”.
وفي رابع يوم من عملية الاقتراع الخاصة بالانتخابات الرئاسية، اعتبر الناخبون الذين اقتربت منهم “وأج على مستوى مكتب الاقتراع بفرانكفورت، أن قدومهم للانتخاب رغم بعد المسافة، في الكثير من الأحيان، وارتباطهم بالعمل يعكس “العلاقة الوثيقة” التي تربطهم بالجزائر والتي “تعجز المسافات عن النيل منها”.
وفي هذا المنحى، تقول سالمي زهرة، التي كانت أوّل الوافدين على مكتب الاقتراع الذي يفتتح أبوابه منذ الاثنين المنصرم على الثامنة صباحا: “لم يسبق لي أن فوّتت أي موعد انتخابي يخصّ الجزائر، لأنني أرى في ذلك تعبيرا عن حبّ لا متناهي تجاه بلادي واهتماما لا ينقطع بكل ما يتصّل بها”.
وبكلمات رافقتها العبرات، تابعت هذه الجزائرية التي قدّمت إلى ألمانيا سنة 1979 من تيارت وتحديدا من فرندة: “أتابع يوميا الأخبار المتعلقة بالجزائر وأنا فخورة بكل ما يتجسّد من مشاريع تنمّ عن تطور كبير تشهده مختلف المجالات”، لتشدّد على أن “الاهتمام بالشباب يعدّ السبيل الوحيد للمضّي قدما في هذا المسار وضمان مستقبل مزدهر لبلدنا، في ظل كل التحدّيات التي يعرفها العالم والتي تعني الجزائر بشكل مباشر”.
ونفس الشعور بالفخر عبّر عنه كلاميسي محند السعيد، المنحدر من ولاية تيزي وزو والمقيم بألمانيا منذ 50 سنة، حيث أكد أن قراره بأداء واجبه الانتخابي ومنح صوته للمترشح الذي يعتبره الأنسب لقيادة الجزائر خلال السنوات الخمسة المقبلة نابع من قناعته بـ “حدوث تطور كبير خلال السنوات الأخيرة، ألمسه في كل مرة أقوم فيها بزيارة بلدي”، ليواصل بالقول: “يحقّ لنا أن نصف جزائر اليوم بالعملاق الذي استيقظ”.
كما أضاف في السياق ذاته: “هذه التغييرات الإيجابية تمنحنا الأمل، سواء نحن المقيمون بالخارج أو إخوتنا القاطنين بالجزائر، وهو ما شجعني على التنقل لمسافة 150 كيلومترا من مدينة ليمبورغ للإدلاء بصوتي”.
بدورهما، شدّد الأخوين وصراش القاطنين بألمانيا منذ ما يقارب 25 سنة، على أن الانتخاب “واجب وطني”، مسجلان أملهما في أن “يتواصل مسار التنمية الذي تشهده الجزائر رغم تعقيد الظروف الاقليمية والدولية”.
كما توقفا، بالمناسبة، عند أهم الانشغالات المعبر عنها من قبل الجالية الجزائرية المقيمة بهذا البلد، وعلى رأسها “ضرورة فتح وكالات للبنوك الجزائرية بألمانيا وخطوط جوية جديدة تربط بين مختلف المدن الجزائرية والألمانية، وكذا العمل على تخفيض أسعار تذاكر الطائرة”.