تبقى العلاقة بين الجزائريين المقيمين في كريتاي، ايل دو فرانس، ووطنهم الأم وثيقة بشكل عميق من خلال تمسكهم الكبير به ومشاركتهم في مختلف الاستحقاقات الوطنية على غرار الانتخابات الرئاسية المقرّرة اليوم 7 سبتمبر .
تم تسجيل هذا الشعور الكبير لدى أفراد الجالية الجزائرية الذين توجهوا صبيحة الخميس إلى مركز التصويت الموجود بالقنصلية الجزائرية في كريتاي لأداء واجبهم الانتخابي مما يمثل لحظة قوّية للتواصل من جديد مع وطنهم.
ففي تصريح لـ “وأج” أكد يزيد بولنوار، 62 سنة من العمر والمنحدر من مدينة الغزوات بتلمسان وهو مسؤول مكتب دراسات في قطاع البناء في كريتاي يقول “أنا متمسك كثيرا ببلدي الجزائر إذ تعكس حقيقة أداء واجبي الانتخابي التزامي كمواطن جزائري”، مضيفا: “ لاحظت للمرة الأولى تغييرا حقيقيا في الجزائر يتحقق تدريجيا الهدف منه تحسين معيشة المواطنين”.
من جهته، يرى مزيان لعودج، 58 سنة واطار سامي في مؤسسة اتصالات سلكية ولاسلكية يوجد مقرها بفرنسا أن التصويت لا يمثل حقا فقط بل أيضا واجبا تجاه الوطن مما يعزّز علاقته بالجزائر والتزامه بمستقبله، مضيفا “في سياق ازدهار اقتصادي واجتماعي في الجزائر، أعتقد أنه من المهم تعزيز هذه الديناميكية من خلال ممارسة حقّي في التصويت”.
وبالرغم من ولادته في فرنسا، إلا أن مزيان متأثر بقيم وقناعات والديه اللذين نقلا إليه حبا راسخا للجزائر، مصرّحا “لقد نشأت في بيئة كان فيها الالتزام تجاه بلدنا الأصلي أمرا أساسيا وهي تجربة مشتركة سمحت لي بالتواصل مجددا مع أرض أجدادي خلال زياراتي للجزائر”.
ولدى تدخلها في هذا النقاش، أكدت زوجته شهرزاد، موظفة في قناة تلفزيونية خاصة بالطبخ أن “الجزائر تمر بلحظة مفصلية في تاريخها وأن لكل منا دور يجب أدائه في كتابة هذا العهد الجديد سواء في مجاله المهني أوالشخصي”.
كما تابعت تقول “من الضروري اليوم أن نبعث برسالة قوية للعالم نظهر لهم فيها التزامنا تجاه وطننا ورغبتنا في بناء مستقبله”، مؤكدة على أهمية التصويت لإثبات أن الجالية الجزائرية تمثل قوة انتخابية حقيقية وأنها مستعدة للمشاركة بنشاط في بناء مستقبل أفضل.
من جهتها، أعربت حرة شيخي، متقاعدة مقيمة بباريس عن تعلقها العميق بالجزائر التي حققت تقدما معتبرا خلال السنوات الأخيرة في مختلف المجالات، مضيفة: “لا نزال مرتبطين بالجزائر كما أن الوفاء بواجبنا الانتخابي هو وسيلة للإشادة بها على كل ما نحن عليه اليوم”.
أما مراد أزرار في الثلاثينات من العمر، المولود في كريتاي ومتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي فقد أعرب عن تعلقه بالجزائر التي تزخر بإمكانات هائلة للابتكار والتطور في هذا القطاع، مشددا على أهمية استغلال كفاءاته للمساهمة في التحول الرقمي في البلاد.
كما أعرب متخصصون آخرون عن رغبتهم في أداء واجبهم المدني مؤكدين أنه رغم أنهم يعيشون خارج وطنهم الأصلي إالا أنهم يبقون ملتزمين بالمساهمة بخبراتهم خلال هذه المرحلة في تنمية الجزائر.
الجالية الجزائرية بفرنسا.. إقبال متواصل على الانتخاب
يواصل أبناء الجالية الوطنية المقيمة بفرنسا، على غرار مرسيليا وأفينيون، عملية الاقتراع لرئاسيات 7 سبتمبر، في جو يميزه الاقبال الكبير على التصويت، أرجعه ممثلو المترشحين، الى الحملات التحسيسية من أجل المشاركة التي نظمت خلال الاسابيع الماضية.
وأوضح ممثل مرشح حركة مجتمع السلم حساني شريف عبد العالي بعدة مناطق بجنوب فرنسا، توفيق خديم، لـ«وأج”، أن تشكيلته السياسية ساهمت في عمليات تجنيد أبناء الجالية عبر شبكات التواصل الاجتماعي وزيارة العديد من الاحياء من أجل حثهم على الإقبال على مكاتب الاقتراع.
وأشار، من جانبه، مقران شعبان، ممثل مرشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، إلى أهمية المشاركة الواسعة في هذا الاقتراع من أجل المساهمة في تعزيز استقرار البلاد وضمان أمنها، والوقوف إلى جانب المواطن لضمان حياة أفضل.
أما علي دحماني، ممثل المترشح الحر عبد المجيد تبون، فقد أكد، من جانبه، أن الاقتراع يجري في ظروف حسنة وقد تم وضع صور المترشحين الثلاثة بكل مكتب من المكاتب 20 لمقاطعة مرسيليا، مبرزا الجهود المبذولة لتجنيد أبناء الجالية الذين يواصلون الإقبال على مكاتب الاقتراع.
ويتوقع مؤطرون للعملية الانتخابية بمقاطعة مرسيليا مشاركة “واسعة” لأبناء الجالية الوطنية في اقتراع الرئاسيات خاصة اليوم السبت.
وأرجع المؤطرون هذه المشاركة المتوقعة إلى “تعوّد أبناء الجالية الإقبال على مكاتب الاقتراع اليوم (السبت) الذي يجرى فيه هذا الاستحقاق داخل الوطن لكونهم يتابعون عبر وسائل الاعلام المختلفة كل مجريات الأحداث التي تهم البلاد”.
وأكدت أم السعد بزاز، وهي متطوّعة مشرفة على مكتب اقتراع بمركز القنصلية العامة للجزائر بمرسيليا، أن توافد أبناء الجالية على مكاتب الاقتراع المنتشرة بالمقاطعة، سيزيد بقوّة بالتزامن مع عطلة نهاية الاسبوع.
من جانبه، قال دوي ميديم، متطوّع بأحد مكاتب الاقتراع أن “الناخبين الذين لديهم التزامات مختلفة خلال الأيام الأولى من التصويت أقبلوا بقوّة خلال الأيام الماضية واليوم وهذا ما عودتنا عليه التجارب الانتخابية السابقة”.
ويواصل أبناء الجالية الوطنية المقيمة بمرسيليا، من مختلف الفئات، الإقبال على صناديق الاقتراع يحركهم حب الوطن، على غرار الخبير الاقتصادي نزيم سيني الذي أدى واجبه، وكله أمل أن تساهم النخبة الجزائرية في الخارج في بناء مستقبل البلاد.
وقال سيني، وهو أستاذ بكلية الاقتصاد بجامعة مرسيليا ومستشار في المقاولاتية، في تصريح لـ«وأج”، ان هذه الانتخابات “مهمة جدا بالنسبة للاقتصاد الوطني وموعدا رئيسيا بالنسبة لابناء الجالية”، خاصة، كما قال، وأنها “تجري بعد التخلص من جائحة كورونا وفي ظروف تميزت بتغيرات جيوسياسية ونزاعات تتزايد من يوم لآخر إلى جانب تسجيل أزمات اقتصادية”.
ولهذه الأسباب مجتمعة، شدّد الخبير الاقتصادي على “ضرورة الاعتماد على من يسعى إلى حماية المواطن وتعزيز الاقتصاد الوطني”، مؤكدا على أن “تكون الخمس سنوات المقبلة مبنية على قاعدة اقتصادية متينة ومبتكرة وتنافسية”.
وفي الإطار، وصف الخبير الاقتصادي الجالية الجزائرية المتواجدة عبر مناطق العالم بـ«القوة الديموغرافية والاقتصادية التي يعول عليها”.
وبأحد مكاتب الاقتراع بمدينة افينيون (100 كلم عن مرسيليا) التقت “وأج” خضرة التي لم تتخل يوما عن نداء الوطن، إذ شاركت في كل المواعيد الانتخابية الهامة مظهرة بطاقات الناخب التي تحتفظ بها “جيدا” منذ سنوات السبعينات.
وتحدثت خضرة بكل اعتزاز وفخر عن الجزائر التي لم تقطع الصلة بها منذ هجرتها إلى فرنسا وتزورها كلما سمحت لها الظروف بذلك.
وأكدت هذه المسنة التي كانت برفقة ابنتها أن عناء السفر لم يمنعها من التنقل إلى القنصلية العامة الجزائرية بمرسيليا فيما سبق خلال كل هذه المواعيد، مثمنة قرار تقريب مكاتب الاقتراع من إقامة أبناء الجالية المتواجدين بجنوب فرنسا.