البروفيسور مخلوف ساحل يكتب عبر «الشعب»:

عن المشاركة المواطنية في الانتخابات

سبق وأن علّمتنا مختلف مدارس واتجاهات العلوم السياسية، أنّ مشاركة المواطنين في الانتخابات كانت دائمًا مهمة. وقد اعتبرت دائما مقياسا سياسيا لاتساق ونطاق الخطاب السياسي والتمثيل السياسي، وكذلك قياس مصداقية الفواعل السياسية في جميع المجتمعات، مع العلم أنّ هذا النمط الاستقرائي لتحليل المشاركة السياسية كسلوك مواطني في الانتخابات صالح لأي تجربة ديمقراطية قديمة أو حديثة.
إنّ مشاركة المواطنين هي أساس الحوكمة الديمقراطية، وهي أيضا مقياس للتدقيق في نجاعة الممارسة الديمقراطية، لأنّها تساهم في إنشاء مسار أفضل لعملية صنع القرار وفقا للخيارات السياسية للناخبين وينطوي على مسؤولية القادة إزاء الشعب.
ومن ناحية أخرى، فإنّ ارتفاع مستوى مشاركة المواطنين في الانتخابات هو أيضا إسهام كبير في تعزيز شرعية المنتخب الذي يقع عليه الاختيار، ممّا يترجم ما نسميه في مجال العلوم السياسية بالشرعية الديمقراطية.
وعلاوة على ذلك، فإنّ المنهجية السياسية المقارنة قد أكّدت دائما أنّ السياسة الخارجية لبلد ما هي مرآة عاكسة لحالته السياسية والاقتصادية الداخلية، وهذا ما يدل بوضوح على أن الحماس الشعبي الذي يصاحب خلال مختلف الانتخابات، وبصفة أخص الانتخابات الرئاسية يرمز إلى وجود دعم شعبي للرئيس المنتخب، وهذا بدوره سيزيد من مصداقية العمل الدبلوماسي في كل أبعاده لصالح البلاد ويعزز موقفها على الساحة الدولية.
كما أنّ مشاركة المواطنين عنصر هام من عناصر الحكم الديمقراطي. إنّه مبدأ توجيهي حيوي، ويبلور فكرة أن لكل شخص متأثر بقرار ما الحق في المشاركة في عملية صنع القرار.
لذلك، تعتبر مشاركة المواطنين السياسية في الانتخابات ناقلا أساسيًا لزيادة الجودة الديمقراطية في المجتمع، كما أنّها تعزّز أواصر الثقة بين الحكام والمحكومين، وهذا يسمح، في النهاية، بإنشاء نوع من العقد السياسي والاجتماعي الضروري لتحقيق إدارة أفضل لشؤون المدينة.
ومن المسلم به أيضا أنّ المواطنين فاعلون في العملية الديمقراطية؛ لأن لهم الحق والواجب في المشاركة في العملية الديمقراطية. ونتيجة لذلك، يصبح التصويت بمثابة العمل السياسي والمدني الذي يشارك بموجبه المواطنون في ممارسة الديمقراطية والمواطنة الواعية، كما يعني التصويت أن المواطن فاعل نشط ومسؤول، وهو بذلك، يكون على دراية بتطور الشؤون العامة ويناقش الحقائق السياسية والاجتماعية والاقتصادية وما إلى ذلك.
ومع ذلك، من المهم التذكير بأنّ المشاركة السياسية للمواطنين لا تأتي من العدم، بل هي نتيجة عمل تآزري مسؤول بشكل مشترك بين الطبقة السياسية والمجتمع المدني والسلطات العمومية.
من هذا المنطلق، فإنّ الأمر يتطلّب تعبئة دائمة وليس عرضية أو ظرفية للأحزاب السياسية، كما أنّه يتأتّى كمحصلة للتربية المدنية الجيدة ومساهمة كبيرة من مختلف وسائل الإعلام.
وأخيرا، وبالرجوع إلى الحدث الوطني الهام الذي يستعد بلدنا لتنظيمه في 7 سبتمبر الجاري، والمتعلق بالانتخابات الرئاسية المسبقة، من المهم التأكيد على أنه بالنظر إلى التحديات والقضايا التي تواجه البلد على جميع المستويات، ولاسيما فيما يتعلق بمخرجات بيئتنا الجيوسياسية المباشرة، فإن تعبئة المواطنين أمر ضروري ومأمول فيه للغاية، ليس فقط لتعزيز الممارسة الديمقراطية في البلد، ولكن أيضا للإسهام في تعزيز استقرار الجزائر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024