أكّدت الجزائر، طيلة العقود الماضية، على قدرتها في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها بفضل تضحيات شعبها وصمود مؤسساتها وجيشها، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر الجاري، تبرز مجدّدًا تحديات جديدة ومحاولات قوى خارجية لزعزعة استقرار البلاد، وهو ما حذّرت منه وكالة الأنباء الجزائرية في مقالها الأخير «الجزائر التي لا تقهر»، مشيرة إلى تزامن تحرّكات هذه القوى مع أجواء الحملة الانتخابية.
في مقالها، قدّمت وكالة الأنباء الجزائرية سردًا سريعًا لتاريخ الجزائر المعاصر، مستعرضة التضحيات التي قدمتها البلاد خلال حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، حيث أشار المقال إلى أنّ الجزائر أصبحت رمزًا للإلهام بالنسبة للعديد من الشعوب التي كانت تناضل من أجل الحرية، كما استعرض العلاقات المتوترة مع المغرب، مستذكرًا العدوان الذي قام به المغرب ضد الجزائر، وكيف تمكّن الجيش الجزائري الفتي من تلقين الجار المغربي درسًا مهمًا لن ينساه.
ولم يغفل المقال الإشارة إلى فترة التسعينيات، التي شهدت الجزائر خلالها سنوات من الإرهاب الأسود، والذي أسفر عن مآسي إنسانية كبيرة، ورغم تلك الصعوبات، تمكّنت الجزائر من الحفاظ على وحدتها بفضل وعي الشعب ودور المؤسسات الأمنية وجيشها، ويشير المقال بوضوح إلى الدور الذي لعبته بعض القوى الخارجية في محاولة ضرب استقرار البلاد خلال تلك الفترة، مسلّطًا الضوء على محاولات مماثلة قد تكون جارية اليوم، مع بروز أجواء ديمقراطية وتنافس شريف بين ثلاثة مرشحين من تيارات مختلفة.
وفي نفس السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور مصطفى بوحاتم، في تصريح لـ «الشعب»، أن المقال يقدم قراءة تاريخية موضوعية للتحديات التي واجهتها الجزائر خلال العقود الماضية. ويرى أن هذه القراءة تهدف إلى توعية الشعب بخطورة المرحلة الحالية، وتعزيز الروح الوطنية في مواجهة أي تهديدات خارجية، خصوصًا في ظل المسار الديمقراطي الذي تمر به البلاد، مؤكداً على أن هناك تحركات تهدف إلى زعزعة استقرار الجزائر على عدة أصعدة، وهذه التحركات لا يمكن فصلها عما يجري على حدودنا، خاصة وأن بعض الأطراف لا تهمها مصلحة الجزائر والمنطقة، بل تعمل كدمى وظيفية تحركها أيدي صانعيها.
ويضيف بوحاتم، المقال يستعرض العلاقة القوية بين الجيش والشعب الجزائري، مستذكراً التاريخ البطولي للجزائر في مواجهة الاستعمار الفرنسي، ويذكر أنّ الجزائر لم تكتفِ باستعادة استقلالها فحسب، بل كانت أيضاً نموذجاً ملهماً لشعوب أخرى في العالم، خاصة في إفريقيا وآسيا واسترجاع الذاكرة التاريخية يساعد على تذكير الشعب بالتضحيات التي بُذلت من أجل الاستقلال، ممّا يعزّز الشعور بالوطنية ويجعل فكرة زعزعة الاستقرار تبدو وكأنّها خيانة لهذه التضحيات، كما يشير إلى المواجهة العسكرية مع المغرب في الستينات وكيف استطاع الجيش الجزائري، رغم حداثته، صد الهجوم المغربي وتلقينه درسا لن ينساه.
علاوة على ذلك، يرى بوحاتم أن الحراك الشعبي سنة 2019 هو نقطة تحوّل مهمة في تاريخ الجزائر المعاصر، والمقال يعرض الحراك كمثال على النضج السياسي للشعب الجزائري، وقدرته على التعبير عن مطالبه بشكل حضاري وديمقراطي.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية، تعيش الجزائر أجواء من التنافس الديمقراطي بين مرشحين يمثّلون تيارات سياسية مختلفة، ورغم محاولات بعض القوى الخارجية للتأثير على استقرار البلاد، يبقى الشعب الجزائري واعيًا وموحدًا في مواجهة هذه التحديات، والتجارب التي مرّت بها الجزائر تؤكّد أنها دولة لا تقهر، بفضل تلاحم شعبها وقوة مؤسّساتها.