بفضـل الرّؤيـة الاستشرافيـة لرئيس الجمهوريـة

محطّـات تحليــة مـياه البحــر..مشاريـع تتجسّـــد تباعـــا

سعاد بوعبوش

تـأمين تمـوين حاجيـات المـواطنين بمـاء الشّـوب أولويــــة قصـوى

 يتابع رئيس الجمهورية عن كثب إنجاز محطات تحلية مياه البحر، وتنفيذ البرنامج الاستعجالي لتدعيم التزويد بالماء الصالح للشرب، في ظل تنامي تحديات التغيرات المناخية والشح المائي، خاصة وأنها أثّرت على الخدمة العمومية للمياه، حيث كان من الضروري إيجاد حلول مناسبة لضمان تزويد الساكنة بالمياه الصالحة للشرب بشكل مستدام، والذي تمثل في خيار تحلية مياه البحر من خلال هذه النظرة الاستراتيجية لضمان أمن مائي للوطن لأنه يعد أحد ركائز السيادة الوطنية، ومن ثم أمننا الغذائي عبر توجيه المياه التقليدية السطحية منها والجوفية لا سيما إلى قطاع الفلاحة.

أكّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي ترأسه الإثنين، على ضرورة مضاعفة وتيرة إنجاز محطات تحلية مياه البحر.
وجاء في بيان مجلس الوزراء، أن رئيس الجمهورية وبعد الاستماع لعرض يتعلق بمتابعة إنجاز محطات تحلية مياه البحر، “شدّد على ضرورة مضاعفة الوتيرة، لإنهاء إنجاز محطات التحلية”. كما أمر “باستغلال هذه المشاريع الكبرى قيد الإنجاز لدمج الكفاءات الجزائرية، خاصة الشبانية منها”، وفق ما جاء في البيان.
وفي نفس السياق، حثّ رئيس الجمهورية على “تشجيع المصنّعين المحليين للتجهيزات والعتاد والأجزاء الميكانيكية وقطع الغيار المكونة لمحطات تحلية مياه البحر، والتقدم أكثر في هذا التخصص، تحقيقا للتحكم الواسع في تقنياته وتجهيزاته”.
ووجّه رئيس الجمهورية أيضا باستحداث مؤسسة كبرى، تتولى الإشراف وتسيير كل هذه المحطات المنجزة على طول الساحل.
وبخصوص عرض حول تنفيذ البرنامج الاستعجالي لتدعيم التزويد بالماء الصالح للشرب، أمر رئيس الجمهورية بمنح التراخيص لحفر الآبار في المناطق التي تعيش نقصا في الموارد المائية، حسب نفس المصدر.
وشدّد رئيس الجمهورية، في الإطار ذاته، على ضرورة العمل وفق نظرة استباقية بالنسبة لكل المناطق التي تعاني شحا في الموارد المائية، والعمل بالموازاة مع ذلك على ربط السدود وطنيا، حسبما ورد في بيان مجلس الوزراء.
يأتي هذا الاهتمام بسبب تراجع معدلات تساقط الأمطار، وتأثيره على مخزون المياه السطحية وحتى الجوفية منها، ممّا تسبب في نقص مياه الشرب ومياه السقي الفلاحي، حيث عمدت السلطات العليا وبأمر من المسؤول الأول عن البلاد اتخاذ عدة إجراءات لمواجهة الشح المائي على مستوى بعض مناطق الوطن، من خلال تبني برنامج استعجالي يهدف إلى توفير مصادر أخرى من المياه لتغطية العجز، كحشد موارد تقليدية إضافية، وكذا انجاز محطات صغرى، متوسطة وكبيرة من حيث طاقة الإنتاج لتحلية مياه البحر.
وبهدف مواجهة التذبذبات المسجلة في تزويد المواطنين بالمياه الصالحة للشرب، الناجمة عن نقص التساقطات المطرية، تبنّت الجزائر خيارا استراتيجيا من خلال النطرة الاستشرافية لرئيس الجمهورية، الذي قرّر أثناء اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 25 جويلية 2021، تجسيد برنامج وطني لتحلية مياه البحر، والمتضمن انجاز 05 محطات كبرى لتحلية مياه البحر بطاقة 300 ألف م3 / اليوم لكل واحدة، وذلك كل من الرأس الأبيض بولاية وهران، فوكة 2 بولاية تيبازة، كاب جنات 2 بولاية بومرداس، بجاية والطارف، والتي هي قيد الإنجاز حاليا كمرحلة أولى.
أما المرحلة الثانية فتتضمن إنجاز 6 محطات أخرى بنفس حجم الإنتاج اليومي، أي 300 ألف م3 / اليوم، بكل من تلمسان، مستغانم، الشلف، تيزي وزو، جيجل وسكيكدة، بالإضافة إلى محطة متوسطة بولاية تيزي وزو بقدرة إنتاج تعادل 60 ألف م3 / اليوم بتامدة أوقمون، والثانية بسيدي خليفة أزفون بقدرة إنتاجية تصل إلى 300 ألف م3، حيث ستدخل هاتين المحطتين مرحلة الإنجاز خلال الأشهر المقبلة، فبالنسبة لمحطة تامدة أوقمون تمّ اختيار مؤسسة الإنجاز فيما ستنطلق الدراسة هذه الأيام، أما المحطة الثانية فستطلق بخصوصها مناقصة.
أما فيما يخص مشاريع ربط المحطات الجاري إنجازها بشبكات جر وتوزيع المياه، والتي تشرف عليها مؤسسات قطاع الري من بينها الجزائرية للمياه، حيث تتمتّع كل المؤسسات الوطنية المكلفة بالإنجاز بخبرة كبيرة، وسيتم وضع حيز الخدمة لهذه الأنظمة بالموازاة مع دخول محطات التحلية طور الاستغلال، ويجري العمل بنمط 3 ×8 أو على الأقل 2 × 10 ساعات، من أجل التحكم في مقاربة احترام آجال الإنجاز، علما أنّ هذه المشاريع تنجز بسواعد جزائرية في كل مراحلها سواء في الدراسات، الإنجاز وحتى المتابعة والمراقبة، بعدما كانت حكرا في الماضي على المؤسسات الأجنبية.
وتهدف هذه المحطات إلى تأمين تموين ساكنة الولايات الساحلية بالماء الشروب، مع امتداد التموين إلى بعض الولايات التي تقع على بعد 150 كلم من مصدر انتاج هذه المياه، حيث أنّه بمجرد دخول هذه المحطات حيز الخدمة، سيتم تخفيض نسبة الاعتماد على المياه التقليدية (السطحية والجوفية)، لصالح المياه المحلاة.
في المقابل سيتم إعادة توجيه المياه التقليدية لاستعمالات أخرى كالفلاحة والصناعة، أو الاحتفاظ بها كمخزون استراتيجي، لترتفع نسبة الاعتماد على مياه البحر المحلاة إلى حدود 42 % في المرحلة الأولى، من إجمالي المياه الموجهة للشرب مقارنة بالنسبة الحالية التي تقدّر بـ 20 %.
وعند الانتهاء من المرحلة الثانية من هذا البرنامج، سترتفع نسبة الاعتماد على المياه المحلاة إلى حدود 60 %، وبالتالي ستصبح هذه المياه مصدرا أساسيا لتوفير مياه الشرب للمواطنين في الولايات المعنية بهذه البرامج، وهنا يتجلى الخيار الاستراتيجي لرئيس الجمهورية وسياسة الرّشيدة ورؤيته الاستشرافية، ما يترجم الاهتمام الذي توليه الدولة لتوفير مصادر مائية مستدامة للمواطنين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024