اللقــاء الـــ 12 عشــر بالأراضـي الجزائريـة..ثبــات وسنـد دائـم وإلـى الأبـــد
بات انعقاد الجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليساريو، ببومرداس، تقليدا سنويا، يرسخ تضامن الجزائر مع الشعب الصحراوي في كفاحه ضد الاحتلال المغربي، ومناسبة تنبض بأسمى معاني الإقدام لدى القيادات الصحراوية وأطرها، على تحقيق هدف الاستقلال، وسط سياق دولي يدين رموز الاستعمار أينما كانوا.
للعام الثاني عشر تواليا، تلتئم الجامعة الصيفية لإطارات الدولة الصحراوية وجبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، بمدينة بومرداس، وميزة هذه السنة تبحث مواضيع مستجدة إلى جانب المسائل الدائمة المرتبطة بالقضية الصحراوية، على غرار حماية الموارد الطبيعية من النهب، وحقوق الإنسان والأمن السيبراني ومواجهة الدعاية والحرب النفسية.
هذه المناسبة، تعتبر إحدى المحطات الهامة للتضامن الجزائري الصحراوي، وكل الأحرار الذي مازالوا يدافعون عن حق الشعوب في تقرير مصيرها وتطهير إفريقيا من الاستعمار، بشكل تام ونهائي، في وقت تمثل الصحراء الغربية آخر مستعمرة في القارة.
وتعقد الجامعة للعام الرابع تواليا، وسط انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين جبهة البوليساريو والمغرب سنة 1991، بعدم إقدام المخزن على جملة من التجاوزات التي جعلت الاتفاق لاغيا ولا معنى له، مستقويا بدبلوماسية القنصليات الوهمية في الأراضي الصحراوية المحتلة.
كما تنعقد أيضا، في وقت تحرص الجزائر، كما فعلت دائما، على دعم القضايا العادلة في العالم، وعلى رأسها القضيتان الفلسطينية والصحراوية، ولا تكتفي بالجهر بموقفها المبدئي، بل تعمل على تقوية أدوات الدفاع عن الشعبين الفلسطيني والصحراوي وفقا لقرارات الشرعية الدولية وبالأخص في مجلس الأمن الدولي.
وتتزامن الجامعة الصيفية للإطارات الصحراوية، مع استعادة الجزائر لوهجها الدبلوماسي على الصعيد الدولي، وفق التوجيهات الصارمة والواضحة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في السياسة الخارجية والمبنية على الاحترام المتبادل والندية واحترام القانون الدولي والإنساني ومبدأ تعدد الأطراف.
ومن خلال هذه الرؤية، عززت الجزائر مواقفها بخصوص القضايا العادلة، حيث تبنت بشكل حازم، خيارات اقتصادية طموحة أبعدتها عن الاستدانة الخارجية ووضعتها على طريق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي وجنبتها اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، ما عزز سيادتها على قرارها الاقتصادي وعلى موقفها في العلاقات الدولية.
تقويــة الموقـــف
رئيس الجمهورية، وفي مناسبات عديدة، أكد رفضه القاطع اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، لأنها «تضعف موقف الدولة، وحينها لن تستطيع الحديث عن فلسطين ولا عن الصحراء الغربية»، مثلما قال في لقاءات إعلامية وفي خطابات.
ومثلما ترفض الجزائر المساومة على كل ما يرمز لشخصيتها الدولية كمدرسة عالمية عريقة في الكفاح ضد الاستعمار التقليدي، تضع نصب أعينها الدفاع عن أهم وأعدل قضيتين مطروحتين على طاولة الأمم المتحدة وجهازها التنفيذي مجلس الأمن الدولي.
ويصب السياق الدولي الحالي، في الاتجاه الصحيح والأنسب الذي اختارته الجزائر وعديد الدول التي رفضت بيع المبادئ مقابل المكاسب الاقتصادية، إذ يقف العالم حاليا ومثلما لم يسبق إلى جانب الشعب الفلسطيني. في وقت راهن رموز الهيمنة العالمية بقيادة الصهاينة على حسم القضيتين الفلسطينية والصحراوية بشكل كامل، انقلبت الموازين وارتفعت أصابع الإدانة الدولية القانونية والمعنوية في وجه المحتلين وحلفائهم.
ولأن مواقف الجزائر، دائما صحيحة، تعتبر القيادات الصحراوية، أنها مصدر الإلهام الأول في الكفاح ضد الاستعمار وفي الثبات والإصرار على معركة الاستقلال، رغم حجم المعاناة ورغم الصعوبات والمؤامرات.
ويشهد التاريخ، أن الجزائر أثبتت للمغرب، كما للشعب الصحراوي، نزاهتها وحرصها على عدالة القضية الصحراوية، في ذلك اليوم الذي اقترح الملك المغربي عليها اقتسام الأراضي الصحراوية ومنحها ممرا نحو الأطلسي، لكنها رفضت، وتمسكت بأن الأراضي الصحراوية للشعب الصحراوي وحده ولا أحقية للمغرب وقبله الاحتلال الإسباني بها.
هذا الموقف المشرف والتاريخي، مازالت تحتفظ به القيادات الصحراوية المتعاقبة، وتورّثه لأجيالها الثورية، خاصة وأنه ينسجم كليا مع قرارات محكمة العدل الدولية التي أكدت في قرارها سنة 1975، أن لا سيادة للمغرب على إقليم الصحراء الغربية.
وإلى غاية اليوم، تؤكد المحاكم الدولية ومحكمة العدل الأوروبية والأمم المتحدة، أن الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار، مدرجة اللجنة الأممية الرابعة المختصة سنويا، حيث تناقش وينتهي النقاش إلى أن «لا سيادة للمغرب على الأراضي الصحراوية».
إرادة الشعب الصحراوي وقيادته وحبر القانون الدولي، ومواقف الدولة الداعمة وعلى رأسها الجزائر، جعلت المغرب يستهلك كافة أوراقه، آخرها التماهي كليا مع الكيان الصهيوني والاستقواء به واقتناء عتاده الحربي، لكن دون جدوى.
وأمام الأوضاع المزرية والمشحونة داخل مملكة مراكش، برزت أصوت من الداخل تصدح بالحق، وتؤكد أن القصر الملكي احتل الصحراء الغربية بغرض إبعاد الجيش وإلهائه في الحروب، حتى لا يفكر في القيام بانقلابات على الملك.
وفي وقت هبت رياح التفكك على المملكة المغربية، تمنح الجامعة الصيفية لإطارات الدولة الصحراوية في مختلف القطاعات، فرصة تقييم الرصيد المحقق والبناء عليه لحشد وتعبئة الموارد اللازمة لمعركة الاستقلال والحرية.