كلية الإعلام تفتح النقاش حول المؤثرين

دعوة لتأطير صناعة المحتوى في الجزائر

هيام لعيون

احتدم النقاش بين أساتذة علوم الإعلام والاتصال حول تأثير صانعي المحتوى على المجتمع الجزائري، من عدمه، حيث احتضنت، أمس، كلية علوم الإعلام والاتصال الملتقى الوطني الموسوم بـ «المؤثرين الاجتماعيين عبر الواب 2.0»، في قراءة بحثية لإعادة تشكل مفاهيم التأثير وصناعة المحتوى وقيادة الرأي العام، حيث أجمع المتدخلون على ضرورة تأطير المحتوى بشكل يرقى لمتطلبات المجتمع من حيث الانشغالات والتطلعات.

أكدت عميدة كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر-3، مليكة عطوي، أن المساعي القائمة اليوم من المختصين في مجال صناعة المحتوى من قبل المؤثرين الاجتماعيين، تدور حول تصحيح المفاهيم القريبة من الواقع، وهذا من خلال الخوض في صناعة المحتوى، مؤكدة بالمناسبة على ضرورة تأطير صناعة هذا الأخير أو إيجاد حلول لذلك.
واعترفت المتدخلة، بسلبية المحتوى الرائج في مراحل معينة، مما يتطلب القيام بتأطيره بشكل صحيح ليرقى إلى متطلبات الرأي العام والمجتمع بمفهومه السليم، ولمَ لا ـ تضيف ـ إيجاد قادة رأي من النخبة يتحولون الى مؤثرين اجتماعيين؟.
ودعت عطوي إلى ضرورة ضبط صناعة المحاور وتدخلات المؤثرين عبر السوشيال ميديا، من خلال مواد قانونية يحملها قانون الإعلام الجديد لمَ لا؟، خاصة وأن العديد من المؤثرين أطلقوا على أنفسهم إسم الصحفي الاستقصائي مثلا.
ودعت عطوي إلى تكفل المشروع الجديد بالفوضى التي أفرزتها صناعة المحتوى وتأثيرها السلبي على مهنة الإعلام، لاسيما وأن الأمر يتعلق بشرائح واسعة تستهدفها مواقع التواصل الاجتماعي، مستشهدة بجر بعض المؤثرين الى السجن والمتورطين في قضايا احتيال راح ضحاياها طلبة، الأمر الذي يستدعي نصوصا تشريعية تضبط الوضع وتقضي على الفوضى.
في هذا الصدد، قدمت بن مكي فطومة أستاذة بجامعة الجزائر-3 مداخلة تحت عنوان «النجومية والشهرة في العصر الرقمي... خريطة مفاهيمية جديدة»، حيث قالت إن فكرة التأثير لها علاقة بعلوم الإعلام والاتصال وتخصصات أخرى، حيث يقع على الصعيدين؛ الأول المحتوى الذي يؤثر على شخص دون وجود علاقة مع التأثر. والثاني، مع وجود علاقة بين المؤثر والمتلقي، حيث أن العلاقة في حد ذاتها لا تتعلق بالمحتوى بعينه، مبرزة وجود تمازج بين البعدين في المؤثرين الاجتماعيين وهي علاقة افتراضية في المجتمع المعاصر.
وأشارت إلى أن كل شخص يسمح له الظهور على شبكات التواصل يمكنه التأثير على آراء الآخرين، من خلال تأثير وجداني معرفي وسلوكي. مضيفة، أن هؤلاء المؤثرين اليوم لا يتركون أثرا افتراضيا يُقاس بعدد الإعجاب «اللايكات» والتعاليق، بل إن السؤال الذي يطرح نفسه، كما قالت: هل كل مؤثر هو صانع محتوى، خاصة وأن كل صانع محتوى ليس مؤثرا، على خلاف المؤثرين القدامى قبل انتشار الشبكات؟
وأبرزت، أن الظاهرة اليوم ارتبطت بمجالات الطبخ، التجميل، السفر وغيرها من المجالات التي استفادت من الأمور التقنية التي أتاحتها التكنولوجيا.
أما المتخصص في علم الاجتماع السياسي، الأستاذ بجامعة الجزائر نورالدين بكيس، فأكد في مداخلته الموسومة بـ «المؤثرون على شبكات التواصل الاجتماعي، مابين التضخيم والإنكار، قراءة سوسيولوجية في الأدوار الوظيفية للنخب الشبكية»، أن قضية المؤثرين مرتبطة بجلب الانتباه، وهو أمر غير كاف، مشيرا إلى أن غالبية فيديوهات نجوم الفن تتكلم عن صراعات وخلافات وكشف فضائح عبر وسائل الإعلام وغيرها، كما هو الحال حول خلافات المؤثرين التي تظهر على شبكات التواصل الاجتماعي، فهي نوع من الخطاب التنفيسي فقط.
وأكد بكيس وضع المؤثرين في الجزائر، يتعلق بتمضية فراغ والتسلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن ظاهرة المؤثرين لا تؤثر بشكل كبير، بل هي مجرد فضول ورغبة في الهروب من الواقع.
وجزم المتدخل بأن المؤثرين لا يصنعون رأيا عاما في المجتمع، بل يصنعون فيديوهات تحمل فضولا تستقطب ملايين من المشاهدة ثم تندثر، أي لا يمكن القول بأن هناك تأثير على رأي المجتمع، ولا يوجد حقيقة تؤكد بأن مؤثري التواصل الاجتماعي استطاعوا تغيير الواقع، بل إنهم يمارسون نوعا من التطبيع لإعادة التعبير عن واقع المجتمع، عكس تجربة المجتمعات الغربية التي تتسم بالفردية، فالمؤثرون لم يتخصصوا في قطاع معين، بل يخوضون في كل المواضيع. إذاً، هناك محاكاة للواقع فقط، يقول بكيس.
في وقت أكد الأستاذ غياب دراسات حول ما مدى تأثير أولئك على المجتمع الجزائري.
رأي خالفته فيه الأستاذة كريمة شعبان، التي أكدت أن هناك تأثير كبير على الشباب من قبل صانعي المحتوى، متسائلة عمن يتحكم في هؤلاء، خاصة وأن هناك من يسعون للحصول على العوائد المالية التسويقية وإمضاء إعلانات بالملايين، مبرزة أن كل من تحصلوا على الإعلانات أغلبهم يعادي المعتقدات. لتتساءل، هل هناك رغبة في تحطيم الأسرة الجزائرية؟
وشددت الأستاذة حورية شريط، على أن «هناك تغيير للمفاهيم لدى الشباب، مع وجود خطر يداهم المجتمع»، حيث خلصت قائلة «أصبحنا نعيش حياة الآخرين ولم نعد نعيش حياتنا»، مبرزة أن التأثير يصل إلى خارج الفضاء الأزرق.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024