مشاورات رئيس الجمهورية مع الطبقة السياسية

إرساء الانسجام الوطني حول خيارات المرحلة

حمزة محصول

أنهى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، سلسلة لقاءات جديدة مع الطبقة السياسية وبعض الشخصيات. وقد اتسمت بمشاركة الآراء والتحاليل حول قضايا داخلية وخارجية. في وقت يتوخى منها تحقيق التوافق حول الخيارات والقرارات الوطنية الهامة.

لثالث مرة في ظرف 16 شهرا، تفتح أبواب رئاسة الجمهورية أمام رؤساء الأحزاب والشخصيات السياسية المستقلة، للحوار والتشاور حول قضايا محددة أو مواضيع مفتوحة وكل مرة تسبق أجندات هامة أو تتماشى مع متطلبات المرحلة.
البداية كانت في فيفري 2021، حينما كان مسار التجديد المؤسساتي في بداية تكييفه مع التعديلات التي حملها دستور نوفمبر 2020. ثم جاء الدور على مشاورات تشكيل الحكومة في الصائفة من السنة ذاتها استنادا لنتائج الانتخابات التشريعية.
والتقى الرئيس تبون، الأسبوع الماضي، قادة أحزاب وشخصيات سياسية بقصر المرادية، وباستثناء رئيس حزب جيل جديد سفيان جيلالي والوزير الأسبق والناشط السياسي عبد العزيز رحابي، نظمت بقية اللقاءات مع التشكيلات السياسية الممثلة في البرلمان الحالي.
 ويفهم من ذلك، أن رئيس الجمهورية يولي ثقة كبيرة للمؤسسات الدستورية المنتخبة حديثا، دون أن يكون الأمر مانعا أمام توسيع النقاش مع فاعلين آخرين في الساحة السياسية، لتبادل الآراء والمعلومات حول مختلف المواضيع.
والملاحظ، أن لقاءات الرئيس بالطبقة السياسية، جرت كلها في ظروف استثنائية بالنسبة للبلاد والعالم، كامتداد جائحة كورونا عبر الزمن (منذ مارس 2022) وتداعياتها على الاقتصاد، وقبلها الظروف الداخلية للبلاد منذ حراك فيفري 2019.
ولأن استمرارية الدولة فوق كل هذه الظروف -حتى لو تعلق الأمر بقوة قاهرة- يضع رئيس الجمهورية، الفكرة الاقتصادية والانسجام الوطني كإطار عام للوفاء بالتزامات برنامجه الانتخابي، وتقوية الأداء العمومي على كافة الأصعدة.
الرئيس، الذي كانت أقوى التزاماته محاربة الحكم الفردي، ناقش مسعى «الإنعاش الاقتصادي» مع الطبقة السياسية، قبل الانتقال إلى تنفيذ ورقة الطريق الخاصة بإعادة ضبط سياسة التحويلات الاجتماعية في الأيام القليلة المقبلة عبر مؤسسات الدولة.
إذ سبق وأكد أن الخطوة التي تلي إعادة البناء المؤسساتي، هي «الإصلاح الهيكلي للاقتصاد الوطني»، خاصة مع تعلق بسياسة الدعم، على أن يفتح النقاش مع الهيئات التمثيلية، كالمجالس المنتخبة والمجتمع المدني والنقابات والمؤسسات الكبرى.
ومن خلال تصريحات كل من تم استقبالهم بقصر الجمهورية، الأسبوع الماضي، يتضح أن التنمية الاقتصادية كانت نقطة توافق بين الجميع، باعتبارها هدفا مركزيا يتيح الحفاظ على توازنات المجتمع وتحقيق وثبة على صعيد تنويع الاقتصاد الوطني والخلاص نهائيا من أنموذج الاستيراد المكثف.
الجبهة الداخلية
التوافق أو الانسجام أو الإجماع، ليس مطلوبا عادة في منطق الديمقراطية المتعارف عليها، لكن قاعدة «قوة الحكم من قوة المعارضة القائمة»، بصدد التراجع في عديد دول العالم، أمام الظروف الاستثنائية عبر العالم التي فرضت «وعيا جماعيا» بالأخطار والتهديدات الوشيكة.
هذا الحال ينطبق تماما على الجزائر، فحتى الأحزاب المعارضة طلبت رسميا وجود قناة اتصال مباشرة مع السلطة التنفيذية لفهم الخيارات الوطنية التي تم تفعيلها أو المطروحة على طاولة القرار، لتفادي أي شرخ أو انفصام في الأداء الوطني المرتبط بالسياسة الخارجية.
تجدر الإشارة، إلى أن لقاء الرئيس تبون مع الطبقة السياسية هذه المرة، جاء عقب نشاط دبلوماسي مكثف عرفته الجزائر، حيث استقبلت وزراء خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا، إلى جانب رئيس الوزراء الإيطالي.
كما تمت اللقاءات مع أزمة دبلوماسية مستمرة مع إسبانيا، التي انحرف رئيس حكومتها بيدرو سانشيز عن موقفها التاريخي من النزاع في الصحراء الغربية منذ منتصف مارس الماضي.
وتدرك الطبقة السياسية جيدا، وجود ضغوط هائلة على الجزائر، جراء مواقفها السيادية حيال كثير من القضايا، خاصة من قبل بعض القوى التي لا تتحمل سماع كلمتي «السيادة» و»الحياد».
والخيار المتاح للاستمرار في الحفاظ على ثبات الموقف وديمومته، يمر عبر تعزيز ودعم الجبهة الداخلية، وليس هناك أقوى مبادرة من أن يشارك رئيس منتخب شعبيا بقية الطبقة السياسية والشخصيات المستقلة، الآراء والأفكار حول ما تم القيام به ويجري التحضير له في المرحلة المقبلة.
ومن المفيد أيضا، أن يستمع الرئيس لتحليلات وتقييمات الأطراف السياسية للأوضاع، خاصة ما تعلق بالنتائج الميدانية للقرارات الحكومية ونتائجها على المواطنين. ومن المتوقع أن تظهر نتائج اللقاءات في الأيام القليلة المقبلة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19547

العدد 19547

الأحد 18 أوث 2024
العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024