قال الدكتور الأستاذ بكلية المحروقات والطاقات المتجددة وعلوم الأرض والكون بجامعة قاصدي مرباح، بورقلة، والمختص في أبحاث الفوسفات رابح قشيشد، إن الفوسفات يعد من أهم الموارد المنجمية والموارد الإستراتيجية للدولة، التي تتركز أساسا في منطقة جبل العنق ببئر العاتر بولاية تبسة، حيث في الحوض المنجمي هناك 5 مناجم ويتم حاليا الاستغلال من منجم كاف سنون مليون طن أو ما يزيد قليلا، مشيرا إلى أن الاحتياطات المنجمية من الفوسفات تتجاوز (2) مليارا طن وهو ما يجعل ترتيب الجزائر جيدا بين الدول التي تمتلك احتياطات كبيرة في هذا المجال.
ذكر الدكتور قشيشد أن الفوسفات مادة استراتيجية، بالنظر إلى استعمالاته العديدة في ميدان إنتاج الأسمدة أساسا وأيضا الميادين الصناعية المختلفة، حيث يدخل في صناعة العديد من المنتوجات التي تتطلب الفوسفور، مثل الصناعات الصيدلانية والمنظفات والطلاء وغيرها.
وفيما يخص منجم بلاد الحدبة، فهو يعد من أكبر المناجم الجزائرية في الفوسفات ومن أهمها في شمال إفريقيا أيضا، وذلك لما يحتويه من احتياطات تؤهله لأن يكون الأهم في منطقة الحوض المنجمي بجبل العنق.
وأشار المتحدث إلى أنه وعبر دراسته السابقة، سيما المتعلقة بالاحتياطات المنجمية لمادة الفوسفات لسنة 2011، كانت العملية التقديرية لاحتياطات المناجم من الفوسفات، قد تجاوزت حينذاك 300 مليون طن، لكن بعد مشروع الاستكشاف الأخير والتطوير الذي قامت به المؤسسة، ارتفعت الاحتياطات وقد تكون تضاعفت، مما يجعل الاستثمار فيه مربحا للغاية وهذا بالأخذ بالاعتبار حياة المنجم وقدرته على تلبية احتياجات المصانع من المواد الخام التي سيغطيها هذا المنجم.
واعتبر الدكتور قشيشد أن أهمية مشروع إنتاج الفوسفات في الجزائر، تتوضح بالمقارنة مع إنتاجنا الحالي من الفوسفات الذي تقوم به الشركة الوطنية لمناجم الفوسفات، حيث يتم عن طريق استغلاله من كاف سنون وأيضا القيام بعمليات من أجل رفع نسبة الفوسفور فيه، ثم يتم بيع أغلبه خام عبر الموانئ.
لكن الجديد في هذا المشروع المدمج، أنه يستهدف تحويل ما يمكن من إنتاج أكثر من 5 ملايين طن من الأسمدة، أي أنه مشروع مدمج من المنبع إلى غاية المصب، بداية من الاستغلال المنجمي من مناطق الفوسفات لبلاد الحدبة التي سيلبيها هذا المنجم باحتياطاته الكبيرة إلى غاية القيام بتحويله إلى مواد كيمياوية، مثل الحامض الفوسفوري، ثم استخدامه من أجل إنتاج الأسمدة واستخدامها في ميدان الزراعة وتوجيهها نحو التصدير.
وأكد محدثنا في سياق متصل، أن هذا المشروع جد هام من الناحية الاقتصادية، لما سيقدمه من قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن تطوير إنتاج الأسمدة سيعود بفائدة أكبر وسيساهم في تطوير القطاع الزراعي وطنيا، لاسيما مع زيادة أسعار الغذاء في العالم، مما يحتم اللجوء إلى الأسمدة، من أجل زيادة الإنتاج الزراعي ولتلبية احتياجات السوق الوطنية من المواد الصناعية وأيضا التصدير وهذا من أجل التخلص من التبعية للمحروقات وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني.
من جانب آخر، يرى الدكتور رابح قشيشد أنه قد حان الوقت لتطوير الفوسفات الجزائري، ليس فقط في مجال الصناعة وإنما بالاستفادة مما تقدمه الجامعة الجزائرية من أبحاث في هذا المجال، مشيرا إلى أنه ينتظر من خلال هذه المشاريع الكبرى أن تكون هناك ديناميكية تشرك الجامعة والبحث العلمي فيها، باعتبار أن الفوسفات حاليا في العالم الأجمع أصبح يشكل أحد أهم الموارد الإستراتيجية، كما يعد أحد محاور البحث التطبيقي، ليس فقط من أجل تطوير استغلاله وبيعه وإنما لاستخلاص العديد من العناصر الكيميائية الهامة للصناعة التكنولوجية أيضا والتي من الممكن أن تكون في السنوات القادمة عناصر ذات قيمة ومردودية اقتصادية، أهمها العناصر الأرضية النادرة التي تشكل حاليا محور بحث بالنسبة للمتحدث، وهذا من أجل استغلال أمثل لهذه المناجم وأيضا من أجل المحافظة على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة لكل هذه المناطق.