يقول الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي، لـ «الشعب الاقتصادي»، إن أوضاع العالم من شح الموارد بالأسواق التي باتت لا تلبي حاجيات السكان، أصبحت محل مضاربة بين الحكومات التي أضحت توفر في الكثير من الأحيان حاجيات تفوق المدة التي كانت عادة توفرها سواء في 3 أو 4 أشهر.
أصبحت كل الدول تحاول تغطية حاجياتها مدة تتجاوز 6 أشهر، ما يؤدي إلى نقص في المعروض من الإنتاج العالمي للمواد الغذائية، وهو أمر ينتج عنه الزيادة في الأسعار وميلاد منطق مضاربتي في العالم.
يرى كاوبي، «إذا أقررنا بأن المخزون الحالي من المواد الأساسية يغطي أكثر من ستة أشهر، مثلما صرح به مسؤولون في الحكومة، فإن الأمن الغذائي يطرح أمورا أكثر أهمية أو ما نسميه في الاقتصاد بالأساسيات».
وأوضح محدثنا، أن الأمر يتعدى الأولويات على المديين القصير والآني، ويتعلق بتنظيم سلسلة التوزيع، لأن الأمر مهم للغاية، بقوله «كل ما كانت فيه سلسلة توزيع تتميز بالتنظيم والفعالية، كلما كانت الأمور المرتبطة بالتوزيع، وبالتالي الأمن الغذائي موفر أو على الأقل تتفادى الحكومة مشاكل الانفجار على المستوى الاجتماعي».
الأمر الثاني -حسب كاوبي- هو أن تذهب الحكومة إلى الترشيد الاقتصادي في عمليات الإنتاج؛ «بمعنى نعطي للسعر أهميته كعامل أساسي في المعادلة الاقتصادية في الجزائر، مثل الدعم اللاعقلاني للاستهلاك وعملية الدعم العشوائي لبعض قطاعات الإنتاج أدت إلى تغييب أو تحييد السعر على العملية الاقتصادية»، ما أدى إلى تخلي العديد من الفلاحين والمنتجين الفلاحيين والصناعيين عن قطاعات، باتت ليست لها المردودية اللازمة، مثل قطاع إنتاج الحبوب وإنتاج الحليب، إنتاج المواد الأساسية التي تدخل في إنتاج الزيوت، والتي كان استيرادها ولايزال عملية أنجع من الناحية الاقتصادية والتجارية للأفراد من عملية إنتاجها.
وخلص المحدث إلى ضرورة تبسيط عملية الإنتاج من خلال تسهيل الإنتاج وتنظيم السوق على المستوى الفلاحي، إضافة إلى الزيادة في المساحات المنتجة وتوفير تقنيات السقي، باعتباره أمرا أساسيا للغاية، وبشكل يجعل من السعر أمرا مهما وفعالا في العملية الاقتصادية.
«إن أبقينا على منظومة الدعم بشكلها الحالي، لا ننتظر أن يكون فيه إنتاج في المواد الأساسية أو المواد الإستراتيجية مثل القمح، الزيت والحليب، أو المواد الأساسية التي تدخل في تصنيع أو تسمين الحيوانات».
وأوضح الخبير كاوبي أن تنظيم الأسواق أمر ضروري في هذه المرحلة، «أسواقنا منذ مدة طويلة لم تشهد عملية تنظيم في الإنتاجي التحويلي، سواء بالجملة أو البيع بالتجزئة وهو أمر أساسي في سلسلة التوزيع، لأن العملية الإنتاجية لا معنى لها إلا بعملية تسويق ولا معنى لها إلا من خلال إحداث توازن بين الأهداف التجارية والاقتصادية للمنتج».
وقال، إن الأهداف التجارية والاقتصادية للمستهلك، هي «عدم وجود توازن بين الكفتين، حيث يؤدي لاضطراب في سلسلة الإنتاج وسلسلة التسويق وينجر عنه تغليب عملية الاستيراد على عملية الإنتاج».