توقّع أن يلامس النّفط 200 دولار للبرميل، خبير:

الجزائر أمام انفراج كبير للوضع الاقتصادي

هيام لعيون

 هل سيكون باستطاعة الجزائر تخطّي الأزمة المزدوجة النفطية والصحية التي ألمّت بها، خلال السّنوات القليلة الماضية؟ والتي أثّرت سلبا على الميزانية العامة، من خلال اقتناص الفرصة الذهبية لارتفاع اسعار النفط في السوق العالمي، بسبب التداعيات العالمية الحاصلة، والتوجه نحو تحقيق التعافي التدريجي للاقتصاد الوطني، واستغلال الفرصة التاريخية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، وسط توجّه نحو مراجعة قوانين في غاية الأهمية تتماشى والطرح الجديد، على غرار قانون الاستثمار، وقانوني البلدية والولاية المرتبطين بالتنمية المستدامة.

 أكّد الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، الدكتور عمر هارون، في تصريح لـ «الشعب»، أنّ الدول النفطية من أهم الدول التي ستحقق مكاسب خلال هذه المرحلة والجزائر واحدة من هذه الدول، خاصة بعد رفع الحصة الانتاجية الخاصة بها في آخر اجتماع  لـ أوبك + إلى 1.2 مليون برميل يوميا، وهو ما يجعلها أمام انفراج كبيرة للوضع الاقتصادي.
وبعد أن شدّد على أنّ الجزائر عانت في ميزانيتها العامة لسنة 2022 من عجز تاريخي بلغ 30 مليار دولار، ما جعل عديد المشاريع الاقتصادية تعرف جمودا بسبب نقص الاعتمادات، لفت الى أنّه «سيكون أمام الجزائر فرصة ذهبية خلال المرحلة الحالية من أجل إعادة النظر في سياسة التجهيز، والتوجه نحو تحقيق مجموعة من مشاريع البنى التحتية، خاصة ما تعلق بالسكن والطرقات والسكك الحديدية، التي أعلن عنها الرئيس مؤخرا، والتي تربط الشمال بالجنوب وصولا إلى دول الجوار في إفريقيا».
وأوضح عمر هارون أنّ الجزائر اليوم، وفي ظل القرب الجغرافي من أوروبا، « تبقى واحدة من الدولة التي يمكن لها أن تموّن أوروبا بكل حاجاتها الطاقوية، سواء تعلق الامر بالغاز النفط أو الطاقات البديلة، على غرار الهيدروجين الأخضر، هذا ما جعل شركة سوناطراك، وبتوجيهات من رئيس الجمهورية تخصص 39 مليار دولار ميزانية استثمار خلال الخماسي القادم، وذلك في ظل قانون المحروقات الجديد الذي أعطى لا محالة ديناميكية كبيرة في جلب الاستثمارات الاجنبية من جهة، وتجديد الاستثمارات والمنابع الموجودة حالياّ».
وأشار الى أنّ «هذا الواقع يجعلنا أمام فرصة حقيقة لتحقيق وثبة تنقل الاقتصاد الوطني من حالة الاعتماد الكلي على المحروقات إلى مرحلة حققنا فيها 4.8 مليار دولار خارج المحروقات، ونصبو لتصل إلى ما يفوق 15 مليار دولار خارج المحروقات خاصة بدخول منجم غار جبيلات الخدمة».
وفي السياق، أكّد الدكتور أنّ الاقتصاد الوطني قادر على أن يتحول إلى واحد من أهم الاقتصاديات الكبرى في إفريقيا والبحر المتوسط، في ظل المعطيات الحالية، مبرزا أن «كل ما يبقى ينقصنا هو العمل على تطوير مناخ الأعمال ومنظومتنا البنكية، وهذا الأمر سيكون أسهل، والجزائر مقتدرة ماديا من خلال عوائد المحروقات، خاصة أن الميزان التجاري عاد ليكون موجبا، وهذا مؤشر مهم في دولة تبقى مديونيتها صفر وقرارها بيدها لوحدها».
وعاد الخبير الاقتصادي للحديث عن سبب التداعيات العالمية الحاصلة في شرق أوروبا، بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ما خلّف أزمة على مستوى سوق الطاقة العالمي، موضحا بعض التداعيات الحاصلة بالقول «فروسيا تزود أوروبا بـ 40 بالمائة من حاجاتها من الغاز، وهو ما يقارب 155 مليار متر مكعب، هذا الحجم الهائل من الطاقة جعل قيام روسيا بعملية عسكرية مع دولة محسوبة على المعسكر الغربي يتسبّب في مخاوف من قطع روسيا للغاز على أوروبا، وهو ما يعني تجمد الأوروبيين، خاصة أن الاحتياطات حاليا في أوروبا لا تتجاوز 40 بالمائة، بالرغم من أن مستوى الاحتياطي من الغاز في نفس الفترة من السنوات الماضية كان يتراوح بين 60 إلى 85 بالمائة.
وقال إنّ هذا «الواقع الجديد جعل النفط يرتفع لأعلى مستوياته، فبرميل برنت الجزائري وصل إلى حدود 118 دولار للبرميل، وقد يبقى ارتفاعه مستمرا في حال بقيت الحرب، ويمكن أن يلامس عتبة 200 دولار للبرميل، حاله حال الخفيف الأمريكي الذي يبقى سعره أقل من الأول بـ 5 إلى 8 دولار في البرميل الواحدّ.
وأضاف «واقع جعل العالم ككل يعيش تخوفا ورهبة من أن ندخل في مرحلة ترتفع فيها أسعار النقل، وهو ما بدأ يحصل فعلا، خاصة بعد إعلان مصر عن رفع رسوم العبور في قناة السويس بـ 10 بالمائة، أسعار الحبوب هي الأخرى ستعرف ارتفاعا مهولا، خاصة أن روسيا وأوكرانيا من الدول المهمة في توريد الحبوب للعالم.
كل هذه المعطيات ــ يقول نفس المتحدث ــ ستدخل الأسواق الدولية في حالة عدم التأكد، وتوجه البورصات العالمية لحالة من الركود والتحوط، وأكبر مستفيد من مثل هذه الأوضاع هو العملات الرقمية التي ستعرف انتعاشا كبيرا، خاصة على ضوء غياب أي بوادر توضّح حدود العملية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024