خطوات التقدم الرقمي المتسارعة والانفتاح الكبير على التطور التكنولوجي يتطلبان تأمينا متينا لحماية المؤسسات العمومية والخاصة والاقتصاد الجزائري من خطر الهجمات الإلكترونية عبر إيلاء أهمية كبيرة للأمن السيبراني، الذي يتطلب في الوقت الراهن الإسراع بوضع خطوط دفاعية لحماية البيانات والمعطيات وإستراتجية فعالة.
حجم الاستثمار في هذا المجال لمختلف المؤسسات الناشئة مازال ضعيفا لا يتعدى 3 بالمائة، حيث تحتل الجزائر المرتبة 93 من بين 160دولة، وتعدّ الجزائر من ضمن 17 دولة الأكثر تعرضا للهجمات الإلكترونية.
لأول مرة تم تنظيم ندوة حول قضايا الأمن السيبراني في الجزائر من طرف مؤسسة «إي نات» Intelligent Network وتقرر عقدها دوريا مرة كل سنة، فيما أعلن بالموازاة مع ذلك عن افتتاح أول مركز تكوين وطني في هذا المجال لاستقطاب المهارات وتكوين الكفاءات، حيث جاءت الدعوة للإسراع بتهيئة المجال عبر تشجيع الاستثمار، من خلال استحداث مؤسسات ناشئة ناشطة بهذا المجال.
قال الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة ياسين المهدي وليد، إنّ الأمن السيبراني يعد تحديا استراتجيا ومركز اهتمام جميع الحكومات بالعالم، حيث خطر الأمن السيبراني تقدر قيمة سوقه بنحو 120مليار دولار مع تسجيل نسبة نمو تتجاوز 10 بالمائة.
واعترف الوزير بأنّه مجال حيوي ورائد يستقطب العديد من الشركات الناشئة، غير أنّه أشار إلى أنّ عدد الشركات الناشئة الناشطة بالجزائر في هذا المجال لا تزيد عن نسبة 3 بالمائة، معترفا بضرورة بذل المزيد من الجهود لتحفيز أصحاب المهارات لأنّه نشاط استثماري اقتصادي، ولا يمكن إنشاء الشركات في ظل غياب سوق أيّ طلب على المنتجات التي تحمي البيانات والمعطيات، وحذر الوزير في حالة غياب السوق فإنّ الكفاءات سوف تهاجر إلى دول أخرى. وركز الوزير ياسين المهدي وليد على ضرورة الكشف عن المواهب لأنّ الجزائر تحصي على حدّ وصفه مهندسين جد بارعين في الإعلام الآلي والأمن السيبراني، موضحا أنّ دور وزارته يتمثل في تمكين حاملي المشاريع من ممارسة مهنتهم في الجزائر.
وذكر الوزير أنّ الأمن السيبراني يأخذ أهمية متزايدة في ظل الاستثمار في القطاع الرقمي، وتحدث عن أهمية الاستماع للخبراء والمختصين بهدف الوصول إلى إستراتجية فعالة وقواعد متينة في الأمن السيبراني على خلفية أنّ الشركات من تكشف عن الثغرات في الأمن السيبراني.
بينما أكدت مديرة «إي نات» فلة قوار، بأنّ «تهديدات الفضاء السيبراني ومختلف البيانات والمعطيات التي تحوز عليها المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة، تصنّف ضمن مسائل السيادة الوطنية. واغتنمت الفرصة لتدعو الجميع من أجل التكاتف والوقوف في وجه خطر التهديدات واقترحت إرساء نظام بيئي اقتصادي ورقمي متطور وحيوي ولا يتسنى ذلك على حدّ تقديرها، إلا عبر تكوين وتأهيل مورد بشري يتمتع بالكفاءة والمهارة، وكل ذلك أضافت مديرة «إي نات» تقول من شأنه أن يسرع من التحول الرقمي السلس ومواكبة التقدم التكنولوجي الرهيب الذي يشهده العالم.
وحذّرت قوار في نفس الوقت من شراسة التهديدات والهجمات الالكترونية بالنظر إلى آثارها السيئة على البيانات والمعطيات، لذا بدت مقتنعة من ضرورة الأمن السيبراني كخط دفاع حقيقي للجزائر الرقمية والآمنة.
واقترح الخبير في الأمن السيبراني مهدي غوار، بعد أن اعترف بارتفاع الهجمات الإلكترونية التي تعطل سير المؤسسات بالعالم، الإسراع في إرساء حوكمة حقيقية تعتمد على الكفاءات البشرية.
من جهته، الخبير كريستوف لوبا تطرق إلى المخاطر وأهمية وضع استراتيجيات دفاعية في الأمن السيبراني ومواصلة حملات التحسيس، كما شارك في هذه الندوة خبراء وممثلين عن مختلف الشركات الوطنية من بنوك ومؤسسات اقتصادية وما إلى غير ذلك.