إرساء استراتيجية ناجعة للتّحكّم في التّجارة الفوضوية
حذّر الخبير الاقتصادي الدكتور تيغرسي الهواري من تنامي ظاهرة الأسواق الموازية التي تمثل 60 بالمائة من السوق الوطنية، وهو ما يعادل خسائر كبيرة للخزينة العمومية، كما حذر من الخطر الذي يمكن أن يضر بالاقتصاد الوطني في ظل غياب الرقابة وعدم استغلال الأسواق النظامية، التي تمثل 650 سوق محلية غير مستغلة، مؤكدا ضرورة اتخاذ إجراءات لمحاصرة هذه الآفة.
قال الدكتور تيغرسي في تصريح لـ “الشعب”، إنه مع اقتراب شهر رمضان انتشرت الأسواق الفوضوية، التي يستغلها الشباب من أجل كسب بعض المال، وسط ارتياح كبير من المواطنين في ظل خفض الأسعار نسبيا مقارنة بتلك المعروضة عبر الأسواق والمحلات العادية، مشيرا في حديثه إلى ضرورة إرساء استراتيجية ناجعة لمراقبة السوق الفوضوية، مع إقرار لجان مختصة في المراقبة والتصدي للاسواق غير النظامية .
وأضاف تيغرسي، أن الإشكالية في عدم التحكم في السوق الموازية، وغياب الرقابة حول النشاطات غير الشرعية، في وقت استغل فيه الشباب مساحات كبيرة حولوها إلى أسواق فوضوية، واستحوذوا على الأرصفة والشوارع بشكل جعل إمكانية ردع الظاهرة أمرا صعبا، خاصة في شهر رمضان، حيث تكثف الجهود لإزالتها إلا انها تبوء بالفشل، لأن محاصرة النشاط الموازي مسألة صعبة ودقيقة تتعلق بالاف الأيدي العاملة.
صرح الأستاذ، أن التجارة الموازية تطورت لتشمل مختلف المنتجات الفلاحية، الصناعية والغذائية، وهو ما يمثل خطرا على الصحة العمومية، لأن اغلبها لا تحترم شروط التبريد والنقل، والأهم من ذلك عدم خضوعها إلى الرقابة من طرف أعوان وزارة التجارة، والتي تقابلها ضعف القدرة الشرائية للمواطن البسيط، هذا دون الحديث عن الخسائر التي تكبدها للخزينة العمومية، في ظل غياب إحصاءات حقيقية عن عدد الأسواق والتجار.
وعرج في سياق آخر، على مسألة التموين وارتفاع الأسعار في رمضان، حيث صرّح تيغرسي أن مجلس المنافسة أمام حتمية ضبط الاسواق، ووضع دراسة استشرافية للكميات الموجودة من أجل التنبؤ بوضعية السوق في حال التذبذب، مشيرا إلى أن وزارة التجارة تحرص في المقابل على ضمان وفرة جميع المواد الاستهلاكية بكميات كافية في رمضان.
وأفاد الخبير الاقتصادي، أن هذا غير كاف بل يستدعي التنسيق بين القطاعات الوزارية “التجارة، الفلاحة والصناعة”، وأن لا يكون العمل في رمضان فقط، وإنما عمل متكامل طيلة السنة، من أجل ضبط السوق الوطنية التي لا تعاني نقص المنتوج بالرغم من توفر المخزون بكميات كبيرة من مختلف المواد الغذائية الأساسية، والتي تضمن تموين السوق في رمضان، إلا أن المشكل في غياب المعلومة وتكثيف المعلومة المغلوطة، بالإضافة إلى احتكار المضاربين.وتحدّث أيضا عن عامل آخر من عوامل تذبذب السوق الوطنية في رمضان، تتعلق بغياب منظومة التسويق في الجزائر، وكذا استراتيجية النقل فهي” شبه مغيبة” مما يحدث خللا في تموين المواد بين منطقة واخرى، مشيرا إلى أن التعامل بالتنسيق والتكامل بين القطاعات الوزارية عبر منصة رقمية موحدة يسمح بالاطلاع على المعلومات الخاصة بالمنتوج، وحل إشكالية التذبذب إن وجدت في أي منطقة.
وأشار الخبير الاقتصادي في الختام، إلى غياب الرقابة على الاسواق، حيث تحوي الجزائر على 48 سوقا وطنيا لا يخضع إلى الرقابة اللازمة، مؤكدا على ضرورة استعادة الدور الرقابي للتقليل من الاستغلال، وتقليص حجم السوق الموازية والتعاملات غير الشرعية، مؤكدا أن السوق الوطنية باختلافها “سوق سوداء، المنتجات اليومية، سلع وخدمات ،تجارة إلكترونية” تحتاج إلى عملية جرد حقيقية لإصلاح الاقتصاد.