يُشكّل تخفيض الإصابات بالسل اللمفاوي تحديا حقيقيا للجزائر في الفترة المقبلة بعدما سجّل ارتفاعا ملحوظا منذ تفعيل مخطّط إنعاش البرنامج الوطني لمكافحة هذا المرض في سنة 2001.
تجاوز عدد الأشخاص المصابين بسل الغدد اللمفاوية في الجزائر 10 آلاف من 12 ألف شخص مصاب بالسل غير الرئوي، فيما بلغ عدد المصابين بالسل الرئوي 5423، وفق إحصائيات سنة 2019.
وقال المسؤول الوطني على برنامج مكافحة مرض السل بوزارة الصحة سفيان علي حلاسة، إنّ الإصابة بالسل اللمفاوي قد تحدث عن طريق التنفس، فتأتي عصيات كوخ التي تبتلعها الكريات البيضاء، وحينما تنقص المناعة عن الشخص، تتفاعل تلك العصيات وتتكاثر وتعطي سلا لمفاويا.
وناقش مختصّون كيفية تحسين الوضع الصحي فيما يتعلق الإصابة بمرض السل على المستوى الوطني، أول أمس، في ملتقى بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة في زراعة الأعضاء والأنسجة بالبليدة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة هذا الداء، وذلك بحضور المدير العام للوقاية بوزارة الصحة الدكتور جمال فورار ممثلا لوزير الصحة والسكان، وممثلة للمنظمة العالمية للصحة، عميد كلية الطب للجزائر ورئيس اللجنة الوطنية لأمراض السل، وبمشاركة خمس ولايات حضوريا والباقي عبر تقنية التحاضر المرئي، والأطباء والخبراء المختصين.
وأكد البروفيسور علي حلاسة، أنّ الإصابة بالسل الرئوي المعدي عرفت تراجعا منذ تفعيل المخطط الوطني لإنعاش البرنامج الوطني لمكافحة السل في 2001، فبعدما كانت عدد الحالات 28 لكل 100 ألف نسمة، أصبح 9،9 أي ما يقارب 10 حالات لكل 100 ألف نسمة في سنة 2019.
وقال المتحدث إنّ الرقم المسجل مؤشر جد إيجابي، بحسب تأكيدات الخبراء فيما يخص السل الرئوي، على عكس السل غير الرئوي الذي أصبح مقلقا، ويتوجب بذل الجهود لمكافحته، مثلما أكده رئيس مصلحة الأمراض الصدرية في مستشفى «فرانتز فانون» بالبليدة.
وصرّح في هذا الإطار: «السل غير الرئوي يعتبر تحدي في البرنامج الوطني لأنّ عدد الإصابات في ارتفاع من يوم لأخر ومن سنة لأخرى، فبعدما سجّلنا 22 حالة لكل 100 ألف نسمة في بداية مخطط الإنعاش سنة 2001 أصبح عدد الإصابات 38 لكل 100 ألف نسمة في سنة 2019».
وأضاف بالقول: «صحيح أنّه في سنة 2021 تم تسجيل معدّل قدره 28 حالة لكل 100 ألف نسمة، لكن ذلك الرقم لا يعكس الحقيقة بسبب القيود التي فرضتها جائحة كورونا، ولم يتسن لعدد من المصابين بهذا المرض من الكشف عنه، ولذا فضلنا أن نأخذ إحصائيات سنة 2019 كمرجع لنا وسنعمل على تخفيض منحى التعرض للسل غير الرئوي».
وحذّر علي حلاسة من السل غير الرئوي بشكل عام واللمفاوي بشكل خاص، حيث قال في هذا الصدد:
«عدد المرضى بالسل بلغ 18825 في سنة 2021 على المستوى الوطني، وينقسم إلى 5423 مرض بالسل الرئوي، والباقي أي أكثر من 12 ألف حالة غير رئوي، أي أكثر من 70 بالمائة من الحالات غير رئوي».
وشرح قائلا: «إصابة الغدد اللمفاوية بالسل مشكلة حقيقية بالنسبة للبرنامج الوطني ونعمل على حلها، لأن عدد المصابين بالسل غير الرئوي لديهم سل لمفاوي، أي ما يفوق 10 آلاف. إذن كل نشاطاتنا في السنوات القادمة ستتركّز على محاربة هذا النوع من السل».
وفي سؤال حول أسباب انتشار مرض السل، أكد علي حلاسة بأن فرضية العدوى عن طريق الأبقار من خلال استهلاك حليبها المعدي، لم تتأكد في الجزائر، وبالمقابل أكّد بأن الإصابة بالسل تحدث للأشخاص الذين تتراجع المناعة عندهم لأسباب مختلفة.
وبخصوص الوفيات جراء الإصابة بالسل، أوضح قائلا: «هناك ارتفاع في نسبة الوفيات، فبعدما كانت لا تفوق 1 بالمائة خلال العقود الماضية، قفزت إلى 3 بالمائة على المستوى الوطني، وهناك ولايات وصلت إلى 9 بالمائة».
فورار: تراجع محسوس في معدّل الإصابة
سجّلت الجزائر خلال السنوات الماضية تراجعا محسوسا في معدل الإصابة بداء السل بفضل تطبيق البرنامج الوطني لمكافحة هذا المرض المعدي، حسبما كشف عنه المدير العام للوقاية بوزارة الصحة جمال فورار.
أوضح فورار في تصريح للصحافة، أنّ الجزائر عانت بعد الاستقلال من إشكالية تفشي هذا المرض المعدي، غير أنّها تمكّنت بفضل تطبيق البرنامج الوطني لمكافحة السل الذي أقرته السلطات العليا للبلاد من التقليل من معدل الإصابة به.
وأضاف ذات المسؤول، أنّ الجزائر «كانت تسجل عقب الاستقلال الآلاف من حالات الإصابة بداء السل، إلا أن معدل الإصابة تراجع بشكل جد محسوس خلال السنوات الماضية، وهذا بفضل خبرتها المعروفة عالميا التي اكتسبتها في مكافحة هذا المرض المعدي».
واستدل فورار بالإحصائيات المسجلة التي تفيد بتسجيل سنة 2003 معدل إصابة يقدر بـ 28 حالة لكل 100 ألف نسمة مقابل تسجيل 4 ، 9 حالة إصابة لكل 100 ألف إصابة سنة 2021.
وبالرغم من تحقيق هذه النتائج الإيجابية في مكافحة مرض السل، غير أن التحديات لا تزال قائمة، يقول المدير العام للوقاية بوزارة الصحة، مشيرا إلى أن «جائحة كورونا أثّرت بشكل كبير في تجسيد البرنامج الوطني لمكافحة هذا المرض»، غير أن الاستقرار الذي تعيشه البلاد حاليا، يضيف ذات المسؤول، جراء التراجع المحسوس في نسب الإصابة بفيروس كوفيد-19 «سيمسح من استئناف العمل للتصدي لهذا المرض المعدي لتقليل أكثر فأكثر من معدل الإصابة به».