أكّد الأستاذ المحاضر بجامعة تيبازة، الدكتور محمد قدور، أنّ الوفد المفاوض وقف وقفة شجاعة وذكية من أجل الوحدة الوطنية بالرغم من الضغوطات من الجانب الفرنسي للاستسلام ووضع السلاح، مشيرا إلى محاولات فرنسا استغلال الخلافات بين قادة الثورة والمجاهدين للاطاحة بالثورة، خاصة ما تعلق باختلاف الباءات الثلاث مع الحكومة المؤقتة ولكنّها باءت بالفشل.
قال الدكتور محمد قدور «إنّ التلاعبات الفرنسية التي استعملتها بغرض تشتيت شمل قادة الثورة لم تنجح بل زادتهم إصرارا وعزيمة على التمسّك بوحدة واستقلال الجزائر دون التنازل والتخلي عن مكتسبات إسترجاع السيادة الوطنية والعيش في كنف الحرية والكرامة وعدم الخضوع للشروط التي أملتها فرنسا بعد التأكد من حقيقة نواياها الخبيثة التي ترمي لتقسيم الجزائر والاستمرار في استغلال ثرواتها والإبقاء على الامتيازات التي حصلت عليها حتى بعد الاستقلال.
وأضاف أنّ الوفد الجزائري تفطن بأنّ فرنسا تسعى لإجراء مفاوضات متعددة الأطراف وبناءا على بعض التصريحات الفرنسية مفادها بأنّ الجيش المستقبلي للجزائر سيكون متكون من فرنسيين وجزائريين تنبه لها قادة الثورة وسارعوا بنزع السلاح لهؤلاء الميليشيات وتمكنوا من مواجهة وإسقاط المخططات الفرنسية البائسة بسياسييها ومحنكيها وتجذرها الدولي، مشيرا إلى أنّ أعداء الثورة حاولوا استغلال وتضخيم الخلافات الداخلية والاستثمار فيها لزعزعة الثورة وإعاقة نجاحها بالرغم من أنّها مجرد اختلافات في الأفكار والآراء من أجل هدف واحد وهو استراتيجية الثورة التحريرية ووحدة التراب الوطني.
وأبرز الدور الكبير الذي لعبه المفاوض الجزائري في كافة مراحل ومسار المفاوضات مع المستعمر الفرنسي الذي حاول إملاء شروطه سعيا للتعجيل بوقف إطلاق النار ولكن تمسّك الجانب الجزائري بتقرير المصير واسترجاع السيادة الوطنية توّج بانتصار القضية الوطنية العادلة، قائلا إنّ التغيير التكتيكي في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية الثانية في جوان 1960 لم يأتي صدفة ولم يكن عفويا وإنّما خطط له من خلال تعيين كريم بلقاسم وزيرا للخارجية وسعد دحلب أمينا عاما للوزارة مع إنشاء وزارة الإتصالات والتسليح بقيادة عبد الحفيظ بوصوف وإسناد وزارة الداخلية إلى لخضر بن طوبال.
وتابع الدكتور بمنتدى جريدة «الشعب»، مؤخرا، بأنّ الإنتصارات الميدانية والتفاف الشعب حول ثورته رغم قلة الإمكانيات مقارنة بقوة الجيش الفرنسي هو الذي أرغم فرنسا على الإستجابة لمطالب الثورة في التفاوض على أساس الإستقلال الذي دعت إليه في أول نوفمبر 1954، باعتبار أنّ الثورة التحريرية كان لا بد لها أن تنتهي ولكن شريطة أن تتحقق جميع الأهداف المنصوص عليها في بيان نوفمبر، مذكرا بأنّ المفاوضات مرت بعدة مراحل وطال أمدها لعدم جدية فرنسا ونيتها السيئة واستعمالها لجميع المحاولات لإضعاف وإفشال الثورة والتلاعب بها.