يرتقب أن يتمّ إضفاء «إصلاحات» نوعية على القانون العضوي رقم 12- 04، المتعلق بالأحزاب السياسية.
تُلخص المادة 57 من الدستور، أهمّ الأحكام التي يتقيد بها المشرّع خلال إعداد القانون العضوي للأحزاب الجديد، وتنصّ على «حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به ومضمون». كما «لا يجوزُ تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو مهني أو جهوي».
وتضيف المادة، أنه «لا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات السياسية، والقيم والمكونات الأساسية للهوية الوطنية والوحدة الوطنية، وأمن التراب الوطني وسلامته، واستقلال البلاد، وسيادة الشعب، وكذا الطابع الديمقراطي والجهوي للدولة». ولا «يجوز للأحزاب السياسية اللّجوء إلى الدّعاية الحزبية التي تقوم على العناصر المبينة في الفقرة السابقة».
في الموضوع، يؤكد عامر رخيلة، أن تعديل القانون العضوي للأحزاب، مسألة منتظرة للمنظومة القائمة التي كانت سائدة قبل دستور 2020، والتي تستوجب إعادة تكييفها مع الأحكام الدستورية الجديدة، مشددا على «تناغم بعض المبادئ مع قضية الديمقراطية التشاركية.
التصريح للنشاط والإعتماد للمشاركة في الإنتخابات
وقال رخيلة في اتصال مع «الشعب»، إنّ «التصريح، بدل الاعتماد مسألة مطروحة منذ مدة، فيما يخص الجمعيات والأحزاب السياسية، حيث وبمجرد التصريح يحقّ للحزب النشاط، وتصبح مسألة اعتماده من عدمه مسألة إدارية فقط، وليس شرطا من الشروط القبيلة، بل يُصبح شرطا بعديا، أي بعد أن يُؤسّس الحزب ويتحصّل على التصريح بوجوده على مستوى وزارة الداخلية، حيث التصريح يؤهّل الجهات المعنية بالنشاط».
ليستدرك قائلا، «لكن هذا يسمى الإعلان عن وجود الحزب فقط، أما مسألة نشاط الحزب ومساهمته في العملية الانتخابية، ترتبط بالاعتماد، إذ لابد من أن يكون معتمدا، ولا يمكن لأي حزب سياسي، حتى ولو تحصل على التصريح واعتُرف بوجوده، ممارسة العملية الانتخابية، فهو عبارة عن إعلان وجود فقط».
وأضاف رخيلة، أنه «لابد من أن تصبح مسألة الاعتماد إدارية وفق شروط، لتبقى مسألة الحريات تتصل بالأمن والنظام العام، كما تتصل بالأشخاص المعنيين داخل التشكيلات السياسية، حيث من الممكن التحفظ من قبل مؤسسات أمنية، على مسؤولي التشكيلات السياسية، لوجود سوابق وأحكام قضائية تجرّدهم من حقوقهم السياسية، لذلك لابد من إقرار اعتماد الحزب فيما بعد».
التشاركية على المستوى المحلي
وأكد رخيلة وجوب تكييف قانون الجمعيات، حتى يتطابق مع الدور المنوط بها، في إطار المجتمع المدني، وما يسمى بالتشاركية على مستوى المجالس الشعبية البلدية والولائية، لتجسيد التشاركية الديمقراطية واقعيا، ومن الممكن إقرار الأمر من خلال تكييف دور الجمعيات على المستوى المحلي في الهيئات المتداولة، حيث يمكّنها من المشاركة».
إضافة إلى مسألة أخرى، ــ يقول رخيلة ــ لابد أن يتضمنها إصلاح قانون الأحزاب، وهي مسألة التنظيم، بعد التنظيم الإقليمي الجديد للبلاد، إذ لابد كذلك من البحث عن صيغ حتى يكون التنفيذ متلائما مع اللامركزية الإدارية وغيرها من المبادئ والأحكام العامة. أما فيما يخص تمويل الأحزاب، فيشدد محدثنا على أن القانون ثابت في هذا المجال، حيث حدد عدة مصادر وهي اشتراكات المنخرطين والأعضاء، الهبات والهدايا، والمساهمات المحتملة من الدولة. لكنه يرى ضرورة مراجعة تمويل الدولة للجمعيات والأحزاب، متسائلا «لماذا تقوم السلطات المعنية بتمويل الجمعيات، ودورها الأساسي تقديم تسهيلات إدارية لها؟، باعتبار تخصيص أصول من ميزانية البلدية والولاية أو من ميزانية الدولة، أفسد الطباع أكثر مما قدّم خدمة. غير أن المادة 58 من الدستور تؤكد على: «تستفيد الأحزاب السياسية المعتمدة، ودون تمييز من حقوق منها تمويل عمومي، عند الاقتضاء، يحدده القانون حسب تمثيلها، حريات الرأي والتعبير والاجتماع والتظاهر السلمي، حيز زمني في وسائل الإعلام العمومية يتناسب مع تمثيلها على المستوى الوطني».
أما بخصوص التمثيل السياسي للمرأة، فأكد رخيلة أن القانون العضوي للانتخابات فصل في الأمر، وليس لقانون الأحزاب أي علاقة بالأمر، بعد أن عدل المؤسس الدستوري عن القائمة النسبية، وعاد للقائمة الإسمية.