لاستقطاب أكبر قدر من الأصوات

المداومات تنتعش واللافتات تملأ الفضاءات

تدخل الحملة الانتخابية لمحليات 27 نوفمبر أسبوعها الثالث والأخير بحركية ونشاط ملفتين، سواء على مستوى مداومات المترشحين التي تحولت الى فضاءات لاستقبال المواطنين، أو المساحات الإشهارية المخصصة لهم، حيث أصبحت تعج بالملصقات الدعائية لاستقطاب أكبر قدر من أصوات الهيئة الناخبة.
خلال زيارة “وأج” إلى عديد البلديات عبر اقليم ولاية الجزائر لاستطلاع أجواء الحملة الانتخابية والتقرب من المواطنين لجس نبض الشارع بخصوص هذا الاستحقاق الثالث في ظرف سنة ونصف، لوحظت حركية متسارعة على مستوى مختلف مداومات المترشحين.
ففي بلدية باب الزوار وعلى غرار بلديات عدة، مثل المحمدية والدار البيضاء وبرج الكيفان، شرقي العاصمة، أول ما يستوقف المارة على مقربة من هذه المداومات، الملصقات العملاقة التي نصبت عند مداخلها وتحمل صور المترشحين ووظائفهم تعلوها الرايات الوطنية والشعارات الحزبية لاستمالة المواطنين.
ويحظى المواطنون الذين يقبلون على مقار هذه المداومات، سواء عن قناعة للتعرف على برنامج المترشحين أو من باب الفضول والاستطلاع، بالترحاب وحسن الاستقبال، حيث تمنح لهم مطويات تتضمن برامجهم المسطرة لتسيير شؤون الجماعات المحلية، إن حظيت بتزكية المواطنين خلال اقتراع 27 نوفمبر الجاري.
كما تحرص الطواقم المشرفة على هذه المداومات، على الإجابة عن انشغالات المواطنين التي تتلخص أساسا في مشاكل السكن الاجتماعي (رغم كونه خارج صلاحيات المنتخبين المحليين) والتهيئة الحضرية والإعانات الاجتماعية (منح التمدرس) وخدمات الصحة والأمومة، فضلا عن انشغالات الفئة الشبانية التي تشكو من قلة أو انعدام الفضاءات الرياضية (ملاعب جوارية)، رغم الوعود الكثيرة التي سبق وأن منحت لهم من طرف المجالس المنتخبة السابقة.
وبحسب تصريحات بعض مسؤولي المداومات عبر بلديات أخرى بالعاصمة، مثل بلوزداد وحسين داي، فقد بدأ النشاط يأخذ منحناه التصاعدي ويرتقب أن يحتدم أكثر خلال الأيام الأخيرة قبل حلول فترة الصمت الانتخابي، حيث غالبا ما يفضل المترشحون لعب جميع أوراقهم بالتركيز طبعا على التجمعات الشعبية في العاصمة خصوصا وباقي المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية.
وبحسبهم، فإن التنافس بين مختلف المترشحين يظل حتى اليوم “نزيها ولم يسجل أي تجاوزات”.
بدورها، أصبحت الفضاءات المخصصة لنشر قوائم المترشحين والملصقات الدعائية المنتشرة عبر البلديات تستوقف المارة للاطلاع على من تقدمهم التشكيلات الحزبية وقوائم الأحرار كمرشحين للمجالس البلدية والولائية. وتطغى على هذه القوائم الوجوه الشابة من الفئة العمرية ما بين 26 و53 سنة ومن كلا الجنسين وغالبيتهم من أصحاب الشهادات العليا، منهم من يترشح لأول مرة وآخرون سبق وأن اقتحموا معترك المحليات في مواعيد انتخابية سابقة.
«من يا ترى الأصلح من ضمن كل هؤلاء؟”، تساءلت عجوز في عقدها السابع وهي تمعن النظر في قوائم المترشحين على مستوى بلدية الدار البيضاء، لتضيف وهي تتحدث لوأج “كلهم أبناء الجزائر(...) على اختلاف برامجهم، تبقى الغاية واحدة: خدمة المواطن والاستماع الى انشغالاته هذا ما يتطلع اليه كل جزائري”.
أما جمال.ع، موظف في الخمسينات من العمر، يقول إنه شارك في معظم الاستحقاقات الماضية عن قناعة للإسهام في تحقيق التغيير المنشود ومصمم أيضا على الانتخاب في المحليات المقبلة.
ويجانب بوعلام.ب هذا الاعتقاد، حيث “لا يرى أي جدوى من هذا الاستحقاق”، على اعتبار أن المنتخب المحلي ووفقا للمنظومة القانونية الحالية التي تسير الجماعات المحلية تجرده من أهم الصلاحيات وتجعله “واجهة فقط” لاستقبال المواطنين دون أن يحوز على أدنى أداة لحل انشغالاتهم وتحقيق آمالهم.
أما ريم.ط وهي فتاة جامعية، فترى أن “التغيير الحقيقي يبدأ من المواطن نفسه”، والانتخاب ليس سوى سلوك حضاري لمنح الشرعية الشعبية لمن يرغب في إدارة شؤونه.
واستطردت، “الانتحاب واجب ويكرس حق المواطنة، لكن الأجدر بالمواطن أن يتفاعل بإيجابية في محيطه، لأن الجماعة المحلية ليست في النهاية سوى أداة إدارية وقانونية وتنظيمية تتطلب مشاركة الجميع في تطويرها خدمة للصالح العام”.
وفي قراءته لما يمكن اعتباره “طفرة” في المشهد العام للحملة الانتخابية الجارية، قال المحلل والأستاذ في العلوم السياسية بجامعة الجزائر، رضوان بوهيدل، إن حملة المحليات المقبلة لم تخرج عن النسق المتعارف عليه ولم تجانب التقاليد السياسية في مثل هذه المواعيد بحيث تنطلق الحملة باهتة ثم تنتعش رويدا مع اقتراب يوم الحسم.
وبحسبه، فإن الطبقة السياسية “لم تتعاف بعد من صدمة تشريعيات يونيو 2021” وتداعياتها ماتزال ماثلة وهو ما يفسر الركود الذي عاشته الحملة في أسابيعها
الأولى، قبل أن تعاود شحن بطارياتها استعدادا للموعد الانتخابي المقبل.
ويرى بوهيدل، أن الحملة “اشتدت” أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة الفضاء الأزرق (فايس بوك)، حيث تحولت إلى منابر للدعاية والترويج للبرامج وهو توجه جديد مافتئ يتعاظم من استحقاق لآخر، بالنظر الى جدواه في إيصال الرسائل السياسية للمترشحين بأقصر الطرق وأقل التكاليف.
واستطرد ذات المحلل، يقول إن الحملة الحالية أبانت عن وعي سياسي جديد لدى الفئات الشبانية التي تصبو إلى تكريس القطيعة الجذرية مع ممارسات الماضي خصوصا على المستوى المحلي وأفرزت ممارسات جديدة في حقل النضال السياسي هي فاتحة نحو عهد جديد للديمقراطية التشاركية البناءة.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024