المتسابقون إلى المجالس الشعبية

إنعـــاش الفعـل الثقافي هدف منشـود

على الرغم من الحركية التي تشهدها الحملة الانتخابية لمحليات 27 نوفمبر، إلا أن حضور الثقافة في برامج المترشحين كان “متواضعا” لدى البعض و«طموحا” لدى آخرين. بيد أن إنعاش الفعل الثقافي محليا يظل هدفا منشودا بإجماع متسابقين إلى المجالس المحلية.
في قراءة لمحتوى البرامج الانتخابية للمترشحين للمجالس الشعبية البلدية والولائية، يتجلى حضور الجانب الثقافي “متواضعا” وشكليا في نواح كثيرة، حيث اكتفى المتنافسون باستخدام مفاهيم سطحية تدعو الى “ضرورة الاهتمام بالثقافة”، فيما استحوذت كلمة “الثقافة “لدى آخرين على حيز مهم وذلك بتبني مشاريع حيوية قدمت بشأنها وعودا لتحقيقها خدمة للمشهد الثقافي المحلي.
ورافعت حركة البناء الوطني، لأجل “بلورة منظومة ثقافية ترسخ ثوابت الأمة وهوية المجتمع وتتيح الانفتاح على ثقافة العصر وتشجيع روح الإبداع والمبادرة”، لافتة إلى أهمية “ترقية التراث الوطني وإحياء الثقافات الشعبية وتشجيع مختلف الفنون”.
كما أكد الحزب ضرورة “دعم الكتاب نشرا وتوزيعا وتوسيع شبكة المكتبات البلدية والمكتبات المتنقلة خدمة للقراء والمطالعة والتوعية” وأيضا بـ«الإسراع في ترميم القصبات العريقة في مختلف ولايات الوطن والمصنفة محميات وطنية واستغلالها سياحيا”، إلى جانب “تشجيع الإنتاج والعرض المسرحي والسينمائي وكذا الاهتمام بأدب الطفل”.
من جهته، دعا حزب تجمع أمل الجزائر (تاج) إلى”إعادة تفعيل المسارح البلدية بالشراكة مع المؤسسات التربوية والشبانية وخلق فضاء للإبداع واكتشاف المواهب” وكذا إنشاء فضاء للمبدعين وكبار الكتاب في كل ولاية وجعلها ملتقى أسبوعيا مع فتح مقاهي أدبية وفكرية وفنية.
كما شددت ذات التشكيلة السياسية، على ضرورة “تفعيل دور المكتبات البلدية والولائية للمطالعة العمومية، مع تنظيم لقاءات أدبية”، لافتة إلى ضرورة “إعادة النظر في دور دار الثقافة والقاعات العمومية لمختلف الأنشطة الفنية والحرفية”.
من جانبها، شددت جبهة المستقبل على وجوب التركيز على “ترقية الثقافة الوطنية بكل روافدها المحلية وحث المواطنين على المشاركة في الحفاظ عليها بتشجيع العمل الجمعوي في هذا المجال”، فضلا عن “تشجيع خلق المراكز الثقافية والمكتبات الخاصة”.
وتعهد ذات الحزب، بالعمل على “تعزيز نشر الثقافة خصوصا دعم الكتاب بإجراءات جبائية مناسبة وتكثيف إنشاء المكتبات على مستوى البلديات وإعادة الاعتبار للمسارح وقاعات السينما وتشجيع إنشاء معاهد الفنون عبر جميع بلديات الوطن”.
من جانبها، ربطت جبهة التحرير الوطني في برنامجها بين “الثقافة” و«التعليم”، معتبرة أن تكوين الإنسان يشكل “عنصرا أساسيا” في النهوض بالبلاد اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، في حين التزم حزب التجمع الوطني الديموقراطي بـ«المساهمة في حماية التراث الثقافي والفني والتاريخي والحفاظ عليه بالتنسيق مع كافة المصالح المعنية والبلديات وجمعيات المجتمع المدني”.
في تعليقها على محتوى البرامج والخطابات الانتخابية، اعتبرت الأكاديمية والمهتمة بالشأن الثقافي، حبيبة العلوي، في تصريح لوأج، أن “هناك «تهميش» للشأن الثقافي في الخطاب الحزبي، وفي المقابل ثمة تركيز على ما يعتقد أنه أولوية لدى المواطنين مثل المطالب الاجتماعية”.
«برأيي، هناك اعتقاد راسخ لدى السياسيين أن المواطنين قلما يرفعون مطالب ثقافية، لهذا من وجهة نظر براغماتية يتم إهمال هذا الجانب وعدم منحه الأهمية التي يستحقها”.
وأرجعت ذات المتحدثة ضعف الخطاب الموجه لدعم المشهد الثقافي محليا، إلى حالة “فقدان الثقة وغياب التواصل بين المنتخب والمواطن”.
وتابعت المتحدثة تقول، “هناك غموض عما يمكن أن تقدمه المجالس المحلية في
المجال الثقافي، في حين عمليا هناك مصالح مكلفة بتسيير الشأن الثقافي في البلدية وميزانية خاصة بالنشاطات الثقافية، غير أن قليلا من الفاعلين الثقافيين ممن يتوجه نحو هذه المصالح وبالتالي الاستفادة من تلك الميزانيات”.
وأضافت العلوي، أن “هناك أجيال جديدة تعبر عن حاجتها لتكوين الناشئة ثقافيا وملء فراغها خارج المدرسة بأنشطة ثقافية وترفيهية ورياضية” ويفترض من هؤلاء -بحسبها- الضغط ميدانيا على المنتخبين المحليين لتنشيط الفعل الثقافي.
من جهته، اعتبر الفنان حمزة بونوة (مؤسس ديوانية الفن)، أن “مجتمعنا يعاني من إشكالية كبيرة في فهم معنى الثقافة ودورها في صنع وبناء المجتمع وأخلقته وإبراز مواهب أفراده”، مضيفا أنه “من المؤسف أن نجد هذا المشروع المجتمعي غائبا عن مواضيع وتدخلات المترشحين في خطاباتهم أمام المواطنين وكأن الثقافة لا تهم المجتمع ولا تعنيه، رغم أنها ليست ترفيها ولا أمرا ثانويا”.
ونبه ذات المصدر، إلى أن الحضور “المحتشم” للثقافة في برامج بعض المترشحين، سببه “غياب” مثقفين أنفسهم عن القوائم المترشحة وعزوفهم عن القيام بدور سياسي، رغم أن الوطن بحاجة إليهم ليكونوا في الواجهة حتى يرسخوا في المجتمع أهمية الثقافة ودور المثقف في التغيير المنشود.
بدوره، اعتبر الأستاذ الجامعي المختص في المسرح، حميد علاوي، أن الكثير من البرامج المقترحة في المجال الثقافي من طرف المترشحين للاستحقاقات المحلية “لم تعدل منذ سنوات”، مما يعني، كما قال، إن هذه البرامج “غير مكيفة، في وقت يستدعي الأمر تحيينها وتطويرها استجابة للمتغيرات السوسيو- ثقافية”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024