سيكثّف البرلمان بغرفتيه من عمله التشريعي، خلال الشهور المتبقية من السنة الأولى من عمر العهدة التشريعية التاسعة، التي انطلقت في سبتمبر الماضي وتنتهي جويلية المقبل، حيث من المنتظر أن يناقش نواب المجلس الشعبي الوطني، أكثر من 32 مشروع قانون، أهمها ما تعلق بالحياة الاقتصادية للبلاد وقوانين تخصّ العدالة والإعلام وما تعلق بتسيير الشأن العام.
تنتظر الهيئة التشريعية مشاريع قوانين “ثقيلة” وساخنة، وهذا بعد المصادقة على قانون المالية لسنة 2022، أوّل امتحان للنواب، الذين استطاعوا تكييف قضية رفع الدعم عن الأسر الميسورة، بما يتماشى وحساسية هذه النقطة، إذ أصبح لزاما على الحكومة قبل رفع الدعم عن الأغنياء، وضع آليات والمرور عبر البرلمان قبل اتخاذ أي خطوة.
وخلال الأسبوع الجاري، بداية من يوم غد الأثنين، سيناقش نواب المجلس الشعبي الوطني قانون العقوبات والمضاربة، طيلة أسبوع كامل، وهو القانون الذي ينتظره الجزائريون من أجل وضع حد لسماسرة السوق، الذين يريدون فرض منطق العصابات، وهذا من أجل تسليط عقوبات قاسية على المتلاعبين بقوتهم اليومي تصل حدّ الإعدام.
فتح الاستثمار الأجنبي والمحلي
فيما سيكون النواب على موعد مع مشروع قانون الاستثمار الذي يعتبر من أثقل الملفات التي تنتظر نواب الشعب، لما يحمله من وزن اقتصادي، حيث ينتظره الفاعلون الاقتصاديون داخل وخارج الوطن “بفارغ الصبر”، من أجل التكفل بانشغالاتهم، وقصد وضع بيئة استثمارية تسودها الثقة بين المستثمر ومؤسسات الدولة، وكذا إعطاء إشارات قوية وضمانات كفيلة بزيادة جاذبية البلاد للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإرساء شراكات حقيقية وقوية من شأنها المساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني، بحسب ما ورد في مخطط الحكومة.
خوصصة وشراكة
دائما، وفي الشق الاقتصادي ــ بحسب لائحة القوانين التي تحوز “الشعب” على نسخة منها ــ سيكون النواب أيضا على موعد مع مشروع قانون يتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص ويتعلق الأمر بنمط جديد للعلاقة التعاقدية التي تربط القطاعين، حيث تعدّ الشراكة بين القطاعين العام والخاص “بديلا واعدا” في تمويل مشاريع الـمنشآت الاقتصادية والاجتماعية، من شأنه أن يدرّ موارد مالية من خلال استغلاله.
كما سيسمح اللجوء إلى هذا النمط، “بالاستفادة من القدرات المالية والتسييرية ومهارات القطاع الخاص، مع ضمان فعالية الخدمات وتوفيرها في آجالها وبالجودة المطلوبة، فضلا عن الحفاظ على الطابع العمومي للمنشآت الـمنجزة في هذا الإطار”، بحسب بيان الحكومة، غداة مناقشة المشروع التمهيدي للشراكة بين القطاعين العام والخاص.
الصفقات العمومية والمناطق الحرة
إلى ذلك سيُمرّر قانون يحدد القواعد العامة للصفقات العمومية، إلى جانب مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 14 ـ 5 المؤرخ في 24 فيفري سنة 2014 المتضمن قانون المناجم، فضلا عن مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 01 ـ13 المؤرخ في 7 أوت 2001 المتضمن توجيه النقل البري وتنظيمه، وقانون يحدد القواعد العامة المطبقة على المناطق الحرة.
قانون الإعلام لمواجهة التهديدات
أما عن بقية مشاريع القوانين، فتتعلق أساسا بقانون عضوي متعلق بالإعلام، الذي سيحدد عمل مهنة المتاعب التي تعرف تطورات متسارعة بداية من قضية “تفريخ” المواقع الإلكترونية ومواجهة حروب الجيل الرابع، التي تهدد أمن الجزائر في أي لحظة، وذلك على أنقاض قانون الإعلام لسنة 2012، وهذا من أجل التسريع في ضبط عمل الإعلام في الجزائر، الذي بات يشهد واقعا مغايرا تماما، بفعل التطورات التكنولوجية الحاصلة وبروز تحديات جديدة تواجه الجزائر.
أما قانون السمعي البصري، فيجب أن يكون القطاع الإعلامي ذو الوزن الثقيل مجهزا ومواكبا لها تحت غطاء قانوني جزائري، بعيدا عن الحماية الأجنبية التي تخضع لها القنوات الخاصة في البلاد، حيث تبث من الخارج، حيث ستكون نقطة نمط اعتماد القنوات الخاصة، محور التعديلات القائمة ــ كما يراه المختصون ــ خاصة وأننا إذا ما احتكمنا للقانون، فإن معظم القنوات ليست جزائرية، لكنها تهتم بالشأن الجزائري، بحكم أن بثّها يتم من الخارج، لذلك لابد من ضبط هذا الجانب، حيث سيتم إعطاء الأولوية لتسوية وضعية القنوات الخاصة، وأن إصلاح القطاع سيسمح بمرافقة القنوات الخاصة بغطاء قانوني جزائري، علما أن 50 قناة خاصة غير معتمدة في الجزائر تبث من الخارج.
المحكمة الدستورية
فيما ستكون القوانين المتعلقة بالعدالة حاضرة بقوة، حيث سينزل مشروع قانون عضوي حول إجراءات وكيفيات الإخطار والإحالة أمام المحكمة الدستورية، إلى جانب مشروع قانون يتعلق بالجهات القضائية، ومشروع قانون عضوي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 98ـ 01 المؤرخ 30 مايو 1998 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، فيما سيكون مشروع قانون عضوي يعدل ويتمم الأمر رقم 71ـ 57 المؤرخ في 5 أوت سنة 1971 المتعلق بالمساعدة القضائية حاضرا أيضا، إلى جانب مشروع قانون عضوي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 05ـ11 المؤرخ في 17 جويلية سنة 2005 والمتعلق بالتنظيم القضائي، ناهيك عن مشروع قانون عضوي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 04ـ12 المؤرخ في 6 سبتمبر سنة 2004 والمتعلق بتشكيل المجلس الأعلى للقضاء وعمله وصلاحياته، فضلا عن مشروع قانون عضوي يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 04 -11 المؤرخ في 6 سبتمبر سنة 2004، المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، ناهيك عن مشروع قانون يحدد تنظيم تشكيلة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وكذا صلاحياته الأخرى.
كما سيكون قانون عضوي متعلق بإنشاء الجمعيات، ومشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 89ـ28 المؤرخ في 31 ديسمبر سنة 1989 والمتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية، من بين أهم مشاريع القوانين التي يناقشها ويصادق عليها نواب وأعضاء البرلمان، المجلس والشيوخ.