حظيت القضية الصحراوية باهتمام اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، حيث زار ولأول مرة وفد عنها مخيمات اللجوء بتندوف، ووقف على الأوضاع المزرية التي يعيش فيها المواطنون الصحراويون منذ أكثر من ٣٦ سنة.
وحسب أعضاء الوفد، المحافظ لدى اللجنة، محمد بشير خلف الله لـ«الشعب» من خلال هذا الحوار، خلفيات هذه الزيارة والنتائج التي تولدت عنها والرامية إلى طرح مشكل حقوق الإنسان والقضية الصحراوية أمام القمة الإفريقية القادمة .
@«الشعب»: لقد أعلنت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب رسميا منذ شهر سبتمبر الماضي اهتمامها بموضوع الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون الصحراويون في المناطق المحتلة وكذا الظروف المزرية التي يعيشها الشعب الصحراوي في مخيمات اللجوء، ماذا كان انطباعكم كمحافظ وكعضو في الوفد الذي زار المنطقة ؟
@@ محمد بشير خلف الله: طلب الاتحاد الإفريقي من اللجنة الموجودة في مقر الاتحاد الإفريقي أديس ابابا تشكيل وفد من محافظين لزيارة الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية وإعداد تقرير عن حال المواطنين الصحراويين هناك، كتبنا المرة الأولى للسلطات المغربية نطلب منها زيارة المدن المحتلة ، ولم نتلق أي جواب، فكاتبناهم للمرة الثانية، تم للمرة الثالثة دون تلقي أي رد بالقبول أو الرفض، فهمنا وقتها أن الحكومة المغربية لا تريد أن نقوم بهذه الزيارة في الأراضي المحتلة، وبعد الاستشارة داخل اللجنة ومع المسؤولين في الاتحاد الإفريقي وكذا التشاور بيننا و بين الحكومة الصحراوية، ثم الاتفاق على تنظيم زيارة لمخيمات اللاجئين والمناطق المحررة من الصحراء الغربية.
@ وماذا استنتجتم من هذه الزيارة ؟
@@ قام وفد من ستة محافظين ترأسه السيدة أتوكي، رئيسة اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، بزيارة للمخيمات في شهر سبتمبر، دامت خمسة أيام، تسنى لنا من خلالها زيارة مخيمات اللجوء والاقتراب أيضا من الحائط الرهيب الذي يبلغ طوله ٢٥٠٠ كلم ويدعمه جهاز عسكري معزز، هذا الحائط الذي فرق بين العائلات الصحراوية.
ووقفنا ـ أيضا ـ على الظروف السيئة التي يعيشها الشعب الصحراوي في اللجوء والتي قد تكون أسوأ لولا إعانات المنظمات غير الحكومية، برنامج الغداء العالمي (بام)، وكذا المساعدات الهامة التي يتلقاها من قبل الجمهورية الجزائرية.
زرت شخصيا الكثير من البلدان الإفريقية والعديد من مخيمات اللاجئين، ولكن لم أقف أبدا على التدهور الصحي مثل الذي يعاني منه الصحراويين، فهناك مشاكل صحية خطيرة، منها فقر الدم الذي يعاني منه النساء والأطفال على وجه الخصوص، فلا يمكن باسم حقوق الإنسان أن نترك بشرا تعيش في ظروف كهذه.
@ وما هو مصير الملاحظات والشهادات التي جمعها الوفد خلال زيارته للمخيمات؟
@@ قد جمعنا كل ما شاهدناه ولامسناه من ملاحظات وحاولنا تقيم الاحتياجات الأولية اللازمة لتحصين ظروف اللاجئين والتي تتعلق أساسا بالمواد الغذائية، الدواء والمعدات الطبية وكذا الأدوات البيداغوجية من أجل تعليم الأطفال.
قد تم جمع كل الملاحظات وضمها في تقرير مفصل عرضه الوفد للدراسة على اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وهو حاليا في حيز الطباعة النهائية وسيعرض التقرير أمام رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الإفريقي خلال القمة المقرر عقدها في شهر جانفي القادم.
@ هل ستكون هناك استمرارية في عمل اللجنة في ظل الظروف والتحولات الإقليمية المتوترة؟
@@ نحن قيمنا من خلال زيارتنا ومازلنا مستمرين في تقيم احتياجات اللاجئين الصحراويين، وإنني أظن أن على رؤساء الدول والحكومات الإفريقية تحمل مسؤوليتهم في حل هذه الأزمة وتمكين الشعب الصحراوي من حقه في الحياة بكرامة وحرية .
ولقد لمسنا إرادة قوية من طرف سكان المخيمات، الذين وبالرغم من طول مدة اللجوء مازالوا صامدين وعلى قناعة تامة بأن طلبهم يتعلق بحقهم الإنساني والطبيعي في الحياة وممارستها كمواطنين يتربعون على الحرية في بلادهم المستقلة.
ونرجو ـ في الأخير ـ من الأطراف المعنية بالنزاع حول الصحراء الغربية التعجل في إيجاد حل سلمي للقضية، لأنه ليس من الممكن لا من الطريقة الإنسانية ولا القانونية ترك الآلاف من اللاجئين الصحراويين يواصلون العيش في وسط هذه الظروف المزرية.