ردت بقوة على تصريحات الرئيس الفرنسي

الطبقة السياسية: وحدة الوطن ومؤسساته خط أحمر

زهراء.ب

 الجزائـر ليسـت بحاجـة إلـى دروس في تاريخهـا

استهجنت الطبقة السياسية، تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتطاولة على تاريخ الأمة الجزائرية، ووصفتها «بغير المقبولة» و»المرفوضة». وحذرت من المساس بذاكرة الشعب الجزائري، التي تعد ملكا لكل الأجيال وليس لشخص أو مؤسسة، مؤكدة أن وحدة الوطن ومؤسساته خط أحمر لا تسامح مع من يطاله.

اعتبرت رئيسة حزب تجمع أمل الجزائر «تاج» فاطمة الزهراء زرواطي، في تصريح لـ «الشعب»، تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بـ»غير المقبولة»، وهي الأولى من نوعها في هذه الفترة، حيث تستعد فرنسا لخوص استحقاقات رئاسية أصبح استعمال كل الأوراق الضاغطة فيها ممكنا، خاصة وأن الجزائريين المتواجدين في فرنسا يمثلون وعاء انتخابيا كبيرا كان له الأثر في كل الانتخابات الفرنسية، ولكن بهذه التصريحات لم تحسب لها فرنسا حسابا.
كما أن هذه التصريحات، تأتي في ظرف شهدت العلاقات بين البلدين انفراجا ورؤية مشتركة نحو مستقبل الأجيال دون نسيان الماضي، وحل الخلافات عن طريق الخبراء والمعنيين وفتح الملفات ودراستها حتى تجد كل الحلول الممكنة بالنسبة للقضايا المطروحة منذ الحقبة الاستعمارية.
وأضافت، «في الوقت الذي كنا ننتظر أن نتقدم خطوة للأمام، أعادتنا بهذه التصريحات خطوات للوراء»، مؤكدة أن المساس بالوطن «خط أحمر» لأي دولة كانت والمساس بذاكرة الشعب، يعتبر «جريمة» حتى داخليا، لأنه ملف ليس ملكا لشخص أو فئة، بل هو ملك لأمة وتاريخها الذي لا يزول.
وتساءلت زرواطي، عمن يقف وراء هذه التصريحات التي تأتي عشية إحياء مجازر 17 أكتوبر 1961، التي تعد أكبر جريمة ارتكبت في نهر السين في حق المغتربين الجزائريين تم رميهم بطريقة بشعة، هل «لوبي» يرفض قرارات الجزائر المتخذة بعد غلق المجال الجوي، ويستعمل التصريحات ورقة ضغط على الجزائر حتى تتراجع عن قراراتها التي اتخذتها، لأنها أضرت بمصالح اقتصاد دول، أم يوجد طرف آخر خفي هو الذي يحرك كل هذه المنطقة ووضع خطة ممنهجة تنتقل من سيناريو إلى آخر، كل ما كانت الجزائر قوية.
وأشارت رئيسة حزب «تاج»، إلى أن الرئيس الفرنسي إذا كان يريد «تحقيق النصر بهذه الطريقة»، سيكون نصر «ذل» و»خائبا»، لأنه ليس هكذا تتعامل الأمم، مثلما قالت، بل «يجب أن تكون علاقاتها مبنية على الاحترام المتبادل، واحترام السيادة، ويبقى التاريخ هو الفيصل لا يمكن المساس به مهما كان، لأنه ليس ملكا لأحد بل هو ملك لكل الأجيال لذلك لا نقبل المساس به».
وأكدت أن القضية «أعمق من هذا، معربة عن أملها في أن يستدرك الرئيس الفرنسي الأمر، لأن الشعب الجزائري لم يعد يتحمل أي إهانة من هذا القبيل».
واقترحت زرواطي، أن يرد أفراد الجالية الجزائرية، وكل فئات المجتمع من منظمات وأحزاب على تصريحات الرئيس الفرنسي، «المستفزّة للشعب الجزائري في تاريخه»، لأنه قال جملة غير مسبوقة «إننا لا نملك تاريخا وهو من قام بكتابته»، بالرغم من أن دخول فرنسا سنة 1830 كان 99٪ من الجزائريين يحسنون القراءة والكتابة، وعندما خرجت تركت 99٪ أميين، ولحد الآن نعاني من هذه التراكمات بسبب الاستعمار والتهميش، وكنا نسمى «الأنديجان»، وإذا كان يدّعي أن فرنسا صنعت الحضارة، فإننا لم تكن لنا صفة المواطن.
وشددت على ضرورة أن تكون هبّة مجتمع، لرفض هذه التصريحات، ووضع حد لها حتى لا تتكرر أبدا.
أما على مستوى الدولتين، فاقترحت وضع ميثاق أخلاقي يقوم على الاحترام المتبادل وينص على عدم المساس بالثورة أو ذاكرة الشهداء مهما تغير الحكام، وعلى هذا الأساس تستمر العلاقات الاقتصادية والسياسية، قبل أن تضيف بالقول: «الدولة الفرنسية إذا كانت تريد أن تحافظ على مصالحها بالمنطقة، فالجزائر يهمها استقرار المنطقة بكاملها».
النهضة: فك الارتباط مع الهيمنة الفرنسية
قال الأمين العام لحركة النهضة يزيد بن عائشة لـ «الشعب»، «إن فرنسا بالنسبة لنا تبقى العدو القديم الذي تحمل الذاكرة معه الكثير من الجرائم والقبح الذي مارسته فرنسا في حق الشعب الجزائري»، مؤكدا أن حركته تدعم اتخاذ الإجراءات الصارمة في مثل هذه التصرفات والتدخل في الشأن الداخلي، وفك الارتباط كل ما من شأنه أن يجعل لفرنسا يدا في الجزائر.
وثمن بن عائشة موقف الجزائر وردها على تصريحات الرئيس الفرنسي، واستدعاءها السفير الجزائري للتشاور، معتبرا هذا الموقف «رسالة دبلوماسية قوية» بالنسبة لفرنسا، ويجب عليها أن تدرك جيدا أننا لسنا مستعمرة ولسنا تابعين لها، وتعرف أن الجزائر اليوم هي مستقلة بإرادتها وباستقلاليتها فيجب أن يكون فيه فك ارتباط اليوم قبل الغد بين هذه الهيمنة الفرنسية على إفريقيا وعلى مستعمراتها القديمة، خاصة وأنها لا تزال تقطر بمنطقها الكولونيالي القديم.
البناء الوطني: هستيريا انتخابية نرفضها
رفضت حركة البناء الوطني على لسان رئيسها عبد القادر بن قرينة، المساس بالسيادة الوطنية والتدخل في الشأن الجزائري، مؤكدة أن «الجزائريين يدركون جيدا عدوهم من صديقهم».
واستنكر رئيس الحركة عبد القادر بن قرينة «الهستيريا الانتخابية التي طبعت تصريحات جهات رسمية فرنسية تجاه الجزائر، تناقلتها وسائل ووسائط مختلفة وعبرت عن مكنونات عدوانية في حق وطننا حاضرا وتاريخ دولته وشعبه، والاستغلال السياسوي للجالية الجزائرية في الحملات الانتخابية وإهمال حقوقها والاعتداء على قيمها المسجل خلال السنوات الأخيرة».
وعبر عن رفضه التام لأي محاولة عدوانية للمساس بمؤسسات الدولة الجزائرية أو محاولة التفريق بينها، مشيرا إلى أنها «وحدة واحدة ينظم عملها الدستور وقوانين الجمهورية ولا نقبل من أي كان التدخل في عملها أو التمييز بينها».
وأكد بن قرينة، دعم أي موقف سيادي للدولة الجزائرية ومؤسساتها الرسمية يمكن أن تتخذه لصد مثل هذه الاعتداءات المتكررة من أناس قال إنهم «لم يستطيعوا أن يتخلوا عن نظرتهم الاستعمارية والتي تجعلهم محل شفقة من صفعة شعبهم لهم في المواعيد المقبلة. كما أكد اعتزاز الحركة بتاريخ وشخصية ووحدة الشعب الجزائري وتناغم مؤسسات الدولة. فالجزائر، مثلما ذكر، «كانت تطعم فرنسا وديوننا العالقة وثرواتنا المنهوبة دليل على أن الجزائر كانت أمة قائمة ودولة سيدة حاول الاستعمار طمسها، لكنه لم يستطع ذلك».
جبهة المستقبل: مراهقة سياسية
اعتبرت جبهة المستقبل، تصريحات الرئيس الفرنسي التي تناقلتها وسائل إعلام فرنسية من مصادر رسمية حول تاريخ وحاضر ومستقبل الجزائر ووحدتها وسيادة مؤسساتها الدستورية، «مراهقة سياسية حقيقية» وتعديا مع سبق الإصرار والترصد على دولة كاملة السيادة.
وجاء في بيان للجبهة، تحوز «الشعب» نسخة منه، أن «الحديث عن تاريخنا كأمة واحدة موحدة يبقى حقدا دفينا، يؤكد مرة أخرى ما عجز المستعمر عن تحقيقه طيلة قرن وأزيد من محاولات فاشلة في طمس الهوية والوحدة الوطنية». أما تكرار خطاب الكراهية ضد مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير، الذي لقن استعمار الأمس أقسى دروس البطولة والشهامة، سيلقنهم اليوم مرة أخرى معنى أن تكون جزائريا في أرض سقيت بدماء الشهداء، وستبقى الجزائر عصية على كل أعدائها بفضل فطنة ووعي ووحدة كل أبنائها وتمسكهم بكل مؤسساتهم الدستورية.
وأشادت جبهة المستقبل بقرار استدعاء السفير الجزائري من أجل التشاور، مؤكدة أن وحدة الوطن ومؤسساته خط أحمر لا تسامح مع من يطاله.
الأفلان: حقد دفين وجهل بتاريخ ضارب في الأعماق
استاء حزب جبهة التحرير الوطني، من تصريحات الرئيس الفرنسي، وقال إنها «تنم عن حقد دفين على الجزائر وعن جهل مريب بتاريخها الضارب في أعماق التاريخ».
وصف «الأفلان» تصريحات الرئيس الفرنسي بـ»اتهامات خطيرة» تضمنت إساءة بالغة للجزائر، وهي تعكس عقدة استعمارية لم تستطع فرنسا التخلص منها وأبقتها أسيرة ماضيها وحنينها إلى الفردوس المفقود، في تجاهل بائس لحقائق ثابتة، هي أن الجزائر اليوم دولة مستقلة وسيدة بفضل تضحيات أبنائها الأبرار الذين يتجاوز عددهم الملايين.
وأكد «الأفلان»، أن الجزائر ليست بحاجة إلى دروس في تاريخها وفي تشكل دولتها، فالأمة الجزائرية ضاربة بجذورها في تاريخ هذا البلد، بخصوصيتها الحضارية ومكوناتها الثقافية ورموزها التاريخية، التي لا يجهلها إلا حاقد، كالرئيس الفرنسي وأمثاله من بقايا فرنسا الاستعمارية.
وأضاف، كان على الرئيس الفرنسي أن ينظر إلى الجزائر بعيون مفتوحة وليس من خلال نظاراته السوداء. فالحراك الشعبي الأصيل، هو إبن شرعي للشعب الجزائري وحده وقد حقق كل مطالبه المشروعة وليس بحاجة إلى أوصياء أو مرشدين، فقد أدى مهمته بسلمية وحضارية دون أن تسيل قطرة دم واحدة بفضل مرافقة الجيش وهو الحراك الذي أسقط المشروع الفرنسي في الجزائر، وهي اليوم تخوض شرعية ومؤسسات دستورية صلبة، في تجاوب مع الشعب الحريص على المصالح العليا للوطن والرافض لكل تدخل في شؤون بلاده تحت أي مسمى.
وأشار إلى أن تصريحات ماكرون تعبر عن عدائية وانزعاج من مواقف الجزائر الثابتة الداعمة لحق الشعبين الصحراوي والفلسطيني في تقرير مصيرهما، كما تنم عن قلق من عودة الدبلوماسية الجزائرية بصوت مسموع واحترام وتقدير إلى الساحة الإقليمية والدولية، الأمر الذي أربك مخططات فرنسا الاستعمارية.
حمس: تصريحات عدائية تفضح زيف الاحترام
وصفت حركة مجتمع السلم، تصريحات الرئيس الفرنسي تجاه الجزائر، بـ»العدائية». وقالت، إنها «تكشف الوجه الحقيقي والسياسة الرسمية لفرنسا تجاه الجزائر» وهو ما يفضح زيف علاقة الصداقة والاحترام المتبادل بين البلدين.
اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، هذه التصريحات «خطيرة واستفزازية» تمس بسيادة الدولة الجزائرية، وإهانة لرموزها وشعبها، وتدخلا «مرفوضا» في شؤونها الداخلية، كما أنها تظهر حجم الاستخفاف والعدائية تجاه الجزائر، وذلك بتزييف تاريخها وخدش شخصيتها الدولية قبل الاحتلال الفرنسي الأسود لها.
ودعت «حمس» السلطات إلى استخلاص الدروس واتخاذ الإجراءات الفعلية التي يتطلع إليها الشعب الجزائري للقطع مع العهد الكولونيالي، منها تفعيل قانون تجريم الاستعمار وتعميم استعمال اللغة العربية، وإصدار قانون يمنع استعمال اللغة الفرنسية في الوثائق والخطاب والاجتماعات الرسمية، وتحويل الشراكات الاقتصادية الدولية نحو دول غير معادية للجزائر.
الأرندي: تصريحات لا مسؤولة
أدان التجمع الوطني الديمقراطي، التصريحات اللامسؤولة لرئيس فرنسا المترشح لفترة رئاسية ثانية، واعتبرها سلوكا فجًّا صادرا عن أعلى مسؤول فرنسي، في غمرة الدعاية الانتخابية، التي تأتي، مثلما ذكر، «بعد فشله الذريع في الرقي بشعب فرنسا ولعب دور إيجابي في الارتقاء بالتعاون الدولي في أفريقيا والعالم».
ورفض التجمع الوطني الديمقراطي، بشدة، هذا التوجه الذي وصفه بـ»المتعجرف» لدولة قال إنها «تسير خارج السياق العام وتسبح ضد تيار شعبي جارف في الجزائر، قوامه التغيير وكسر الاحتكار الفرنسي للتعامل التجاري وقطع كافة محاولات الوصاية على بلدنا، الذي يخوض معركة البناء والتغيير وفق تناغم تام بين الشعب ومؤسساته الدستورية وباستقلالية تامة عن المختبرات الفرنسية».
ودعا الأرندي الحكومة إلى مراجعة كل الاتفاقيات الثنائية مع فرنسا وخاصة التجارية منها، وطالب بتنويع الشراكات الاقتصادية بمبدإ توازن المصالح، واتخاذ ما يلزم من إجراءات جادة وسريعة لفتح السوق أمام استثمارات أجنبية واعدة وبعيدة عن كل تبعية. كما حث على رفع التجميد عن قانون التعريب وتفعيله، ويطالب بإنهاء الوصاية اللغوية الفرنسية في الإدارات والهيئات العمومية، مع إبراز البعد الحضاري والثقافي للأمة الجزائرية بمختلف الآليات.
وأشاد الأرندي بموقف الرئيس عبد المجيد تبون، الرافض لتصريحات إيمانويل ماكرون، والمعبر عنه بخطوة دبلوماسية «سيدة»، باستدعاء سفير الجزائر في باريس للتشاور، مؤكدا دعمه لأي قرارات أخرى تصب في مصلحة الدفاع عن الجزائر وشعبها ومؤسساتها الدستورية.
وجدد تأكيد تمسكه بمطلب الاعتذار عن جرائم المستعمر الفرنسي، الذي قهره أبطال المقاومة الوطنية، فظلت تلك عقدة تلاحق حكام فرنسا، وستبقى إلى الأبد تؤرقهم وتفضح تاريخهم الملطخ بدماء المقاومين في الجزائر والعالم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024