تحتفل الجزائر، على غرار دول المعمورة، في 20 جوان الحالي، باليوم العالمي للاجئين، وهي التي تحتضن على أراضيها منذ سنة 1975 الأشقاء الصحراويين الذين هربوا من بطش المغرب بهم وسلبه أراضيهم بالصحراء الغربية.
تحتفي إذا بهذا اليوم بمواصلتها، كما أكد د. سعيد عياشي، رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، من منبر “ضيف الشعب”، في مساندتها اللامشروطة لإعانة ومساعدة الشعب الصحراوي ولاجئيه على أرضها، حتى تمكنهم من تحقيق حقهم المشروع في تقرير المصير.
«الجزائر لها نشاط إنساني على أعلى مستوى في العالم، وعندها ثقافة “دير الخير وانساه”.
الميزة التي يملكها الجزائري والجزائرية هي روح التضامن والكرامة، وهي ميزة قليلا ما نجدها في بلدان العالم الأخرى.
واللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، هي لجنة سياسية بنيت على أساس تدعيم ومساندة الصحراويين، بناء على موقف الدولة والشعب الجزائري، الذي دعم كل الحركات التحررية في العالم ومن الطبيعي أن يساند اليوم حركة جبهة تحرير الساقية ووادي الذهب “البوليساريو”.
وذكر عياشي أن “قضية اللاجئين الصحراويين تعود إلى 1975، سنة غزو المغرب وموريتانيا لأراضي الصحراء الغربية، حيث قام المغرب بقصف جوي وبالفسفور الأبيض أرغم الصحراويين على الهرب واللجوء إلى الجزائر، التي أمام الاستعجال التام سارعت لإيوائهم وتنظيم المخيمات لاستقبالهم وتكفلت بهم لوحدها من سنة 1975 إلى غاية 1984، تاريخ اعتراف الأمم المتحدة بهم وقرارها الاعتراف لهم بصفة “اللاجئين”.
وتواصل اللجنة تقديم الدعم والمساندة للاجئين الصحراويين حتى بعد قيام الدولة الصحراوية واعتراف دول عديدة بها، إذ، يضيف د.عياشي، بخصوص مهامها قائلا: “نحن لجنة سياسية تساند مواقف الصحراويين في مطالبهم المادية وتساعدهم أيضا في مسعاهم السياسي بقيامها بالاتصالات لفائدته مع الدول الأخرى”.
وكون القضية تعرف منذ سنين طويلة، حصارا إعلاميا مضروبا عليها من قبل المغرب بمساندة من فرنسا وإسبانيا، فاللجنة تحاول جاهدة، من خلال تعدد نشاطاتها، سواء على المستوى الوطني أو الدولي لكسره، فالكل، أضاف د. عياشي، يعرف الخروق اليومية لحقوق الإنسان التي ترتكبها القوات المغربية ضد المواطنين العزل بأراضي الصحراء الغربية المحتلة، دون أن ننسى عملية نهب الثروات الطبيعية للشعب الصحراوي، المنظمة بإحكام من قبل المغرب بالتنسيق والتعاون مع بعض الحكومات والشركات الأوروبية.
وأكد رئيس اللجنة، أن هذه الأخيرة تندد وبشدة بانتهاكات حقوق الإنسان ونهب المغرب لثروات الشعب الصحراوي بالأراضي المحتلة.
تماطل منظمات الإغاثة ودعم جزائري متواصل دون انقطاع
تأسف رئيس اللجنة الوطنية للتضامن، “على النقص الملحوظ في الدعم المادي الذي تقدمه الهيئات الأممية المكلفة بالإغاثة الإنسانية، للاجئين الصحراويين بالمخيمات، والتي تماطل في مساعدتهم بعرقلة من المغرب ومحاولاته المتكررة لتعجيز الدولة الصحراوية.”
وأكد د. عياشي، من منبر” ضيف الشعب”، أن “الدولة الجزائرية تحرص دائما على دق ناقوس الخطر في حال انخفاض المخزون الأمني للدعم الغذائي بالمخيمات، وتسهر على سد النقص في الاحتياجات عن طريق عمليات تضامنية يقودها الهلال الأحمر الجزائري ويشارك فيها بكل مرة وبقوة المجتمع المدني.
كما تساعد الدولة الجزائرية اللاجئين الصحراويين في حلّ مشاكلهم اليومية كسد الحاجة إلى المياه، الأدوية، التكفل بالصحة، إلى آخره...
برنامج مساندة وتضامن ثري
وتتجسد اليوم، مساندة الجزائر للاجئين الصحراويين عن طريق الهلال الأحمر الجزائري وكذا اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، بتنظيم مخيمات صيفية للأطفال، حيث تم حاليا استقبال 1100 طفل من المخيمات في شواطئ شرق البلاد.
كما ستحتضن ولاية بومرداس، خلال شهر أوت القادم، يضيف رئيس اللجنة، فعاليات الجامعة الصيفية لإطارات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وهي التظاهرة التي ينشط محاضراتها ونقاشاتها أساتذة وباحثون وجامعيون جزائريون.
وعرج د. عياشي، على تقليد التوأمة الذي يربط العديد من المدن والولايات الجزائرية بالولايات الصحراوية، إلى جانب اللجنة البرلمانية للأخوة والصداقة الجزائرية الصحراوية، ناهيك عن قافلة التضامن الرمضانية التي ينظمها الهلال الأحمر الجزائري لفائدة سكان المخيمات بتندوف.
الصحراويون ضيوف وليسوا لاجئين
نحن كجزائريين ندعم موقف الشعب الصحراوي الضيف، إذ أننا لا نحبذ استعمال كلمة لاجئ، بل نستعمل كلمة أخوة واستضافة حتى الاستقلال وتمكين الشعب الصحراوي من حقه المشروع في تقرير المصير.
وأضاف د.عياشي، في سياق حديثه، قائلا: “إن الملف الصحراوي، مصفح سواء على الصعيد السياسي أو القانوني، فكل الحق مع الصحراويين، فاللوائح التي يصدرها سنويا مجلس الأمن الدولي، وتوصيات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار تقرّ كل مرة بشرعية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، فالمعركة نبيلة وليست بتاتا قضية بين الجزائر المغرب، بل مسألة حركة تحررية تساندها أغلبية الدول في العالم”.
فمشكل اللاجئين الصحراويين، يقول د. عياشي مشكل قديم، الأمر الذي أدى إلى تقليص عدد المساندين والمانحين على مر السنين، لكن الكل يشهد أن مخيمات الصحراويين هي الأحسن تنظيما وتسييرا في العالم، ولكن السيّئ في الأمم أن الهيئات الأممية الداعمة تتعرض لضغط مغربي.
سياسة الكيل بمكيالين جرمٌ في حق الشعب الصحراوي
وانتقدت من جهتها، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، من منبر ضيف “الشعب”، ساسية الكيل بمكيالين التي تعتمدها العديد من الدول والشعوب العربية تجاه قضية الشعب الصحراوي، فمن جهة تفتخر بخوضها تجربة ما يسمى بـ«الربيع العربي”، ومن جهة أخرى، ترفض تقديم دعمها الإنساني للشعب الصحراوي والاعتراف بحقه في تقرير المصير.
والحال من شأنه عند الدول الأوروبية، تستنكر رئيسة الهلال، “فهم اليوم يحاولون دراسة سبل وميكانزمات تمكن شباب المخيمات من إعالة أنفسهم في محاولة لتقليص حجم المساعدات الإنسانية، كما أن هناك ازدواجية الخطاب عند البرلمان الأوروبي الذي لا يعترف للشعب الصحراوي بحقه في تقرير المصير ويمنحه بالمقابل إعانة سنوية بـ10 ملايين دولار”.
ولابد أيضا، أضافت بن حبيليس القول، إن “سبب المشكل القائم اليوم يكمن في فرنسا التي لها رابط عاطفي بالطبقة السياسية بالمغرب، وهي من استعملت الفيتو وتساعد على التعتيم الإعلامي. وفي إسبانيا، التي تنساق إلى فرنسا، كونها هي التي كانت وراء دخولها إلى الاتحاد الأوربي”.
وأشاد د.عياشي بدوره، بعظمة الشعب الصحراوي، الذي “وقف ممثلوه أمام برلمان الاتحاد الأوروبي وطلبوا منه أن يعترف فقط بحقهم في تقرير المصير، مؤكدين له أنهم ليسوا في حاجة لإعانته المالية”.