الوضع في الساحل خطير .. والتعجيل بالمصالحة المالية ضروري
رسم الخبير في الشؤون الأمنية، علي الزاوي ، صورة قاتمة عن الوضع الأمني في الساحل الإفريقي، وأفاد أنه يتّسم بالخطورة الشديدة ويستهدف الجزائر وأمنها بالدرجة الأولى، مؤكدا أن المصالحة الوطنية بين الأطراف المالية هي السبيل الوحيد للخروج من دائرة العنف، وشدّد على ضرورة الإسراع في تنفيذ ذلك قبل أن تنسف به مستجدات لا تحمد عقباها بغرب أفريقيا..
كشف علي الزاوي، لدى نزوله ضيفا على «الشعب»، أن دائرة العنف المتقدة في شمال مالي، مؤامرة مدبرة لضرب حدود الجزائر، ورأى في تزامن تجدد الاشتباكات بين الجيش المالي والحركة المتمردة التي تطلق على نفسها «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» بمدينة كيدال في 17 من الشهر الجاري، مع تصاعد حدة العنف في ليبيا خطرا على الاستقرار الوطني.
وقال « أحداث كيدال مخطط لها بدقة، والغرض منها هو تشتيت الجيش الوطني واستنفاره بشكل كبير، لكن الجيش متحكم في الوضع كما ينبغي على الحدود» واعتبر أن الخطر الداهم يأتي دائما من الحدود الجنوبية الشرقية من تمنراست إلى إيليزي بسبب تدفق الأسلحة وتسلل الإرهابيين من ليبيا.
وأكد الخبير المطلع جيدا على خبايا أزمة الساحل الإفريقي، أنه لا خيار أمام الجزائر سوى غلق حدودها وتحصينها، والتصدي لكل محاولات التغلغل، وهو ما تعكف على تنفيذه بإتقان وإحكام في الوقت الراهن، مشيرا إلى أنه «ورغم شساعة الشريط الحدودي الجنوبي، إلا أن أجهزتنا الأمنية بينت كفاءة عالية، وأحبطت كل محاولات التوغل».
وفي رده عن سؤال حول مدى نجاح التنسيق الأمني الجزائري مع دول الجوار ذات القدرات القتالية والعملياتية المحدودة، إلى جانب النوايا الفرنسية السيئة في المنطقة، قال الزاوي «إن الجزائر وحدها اليوم، وكل ما يحاك ويدبر من مؤامرات وتهديدات يستهدفها مباشرة وهي تعتمد على نفسها بالدرجة الأولى وعلى جيشها الذي يملك خبرة وإمكانيات تؤهله لحماية أمن وسلامة الوطن كما ينبغي» مضيفا «الجزائر على دراية تامة بكل ما يدبر ضدها وهي متحكمة في الوضع حاليا» قبل أن يشدد أن الوضعية الحالية تتسم بخطورة شديدة على مستوى الشريط الحدودي شرقا وجنوبا «فليبيا انتقلت من سقوط نظام إلى انهيار دولة بالكامل أصبحت تهدد أمن دول الجوار ومصدرا لتزويد الجماعات الإرهابية» بالسلاح .
ووصف الخبير في الشؤون الأمنية، علي الزاوي، واقعا معقدا جدا في منطقة الساحل، اجتمعت فيه الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة، والتواطؤ الفاضح لبعض الجهات السياسية الفاسدة، موضحا أن استقرار مالي يمثل استقرار القارة السمراء ككل، والعكس الصحيح هو ما نشهده اليوم في إفريقيا الوسطى ونيجيريا وبوادر نشوب أزمات سياسية في دول غرب إفريقية.
هذه الأزمات التي تلوح في الأفق، يرى فيها الزاوي، الخطر الداهم الذي سيأتي على آخر حظوظ التسوية السلمية، «لذلك لابد من الإسراع في إنجاز مصالحة وطنية بين كل الأطراف المالية قبل أن يفوت الأوان».
وقال المتحدث، إن الجزائر لعبت دائما على المصالحة الوطنية، باعتبارها الخيار الأنسب والأنجع لتخطي الأزمة، مؤكدا أن فرنسا تيقنت متأخرة أن الحل يكمن في المقاربة الجزائرية بعدما تشتتت قواتها العسكرية بين مالي وإفريقيا الوسطى عقب عملية «سنجاريس».
ويرى الزاوي في تعويل السلطات المركزية بباماكو على القبائل العربية في شمال البلاد، خطوة مهمة لدعم مسار الأمن لكون القبائل العربية تجنح دائما إلى السلم ولا تتورط في أعمال الإجرام والإرهاب، مفيدا «أشرت على السلطات المالية بضرورة الشروع في المصالحة والاعتماد على القبائل العربية المسالمة لكي نفرق بعدها بين من يريد السلام ووحدة البلاد ومن يريد الإرهاب والعبث بالاستقرار».