الجزائر بإمكانها أن تقوم بدور الوسيط لإيجاد حلول

المنطقة العربية لا يمكن أن توحّد إمكاناتها دون تحرير فلسطين والصحراء الغربية

نورالدين لعراجي

أوضح الدكتور صالح سعود، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر، خلال نزوله ضيفا على «الشعب»، بخصوص دورة حركة عدم الانحياز بالجزائر، والتي تأتي في ظروف إقليمية ودولية راهنة تعرفها المنطقة العربية والساحل الإفريقي، والتهديدات العابرة للحدود، وما تتطلبه من مواجهة واستعداد لوجيستيكي، ودعم مادي، وتعاون دول الساحل فيما بينها، خاصة ما يحدث في ليبيا وسوريا ومصر…
أجاب سعود، أن ما يحدث في المنطقة العربية والإفريقية وحتى الآسيوية وأمريكا اللاتينية، التي كانت معظمها مستعمرة، لا يختلف كثيرا عمّا كان يحدث في بداية منطلقات حركة عدم الانحياز.
نحن عدنا من جديد إلى ظاهرة الاستعمار التي احتفلنا في ١٩٦٠ و١٩٦١ بنهاية الاستعمار وإذا به يعود في ٢٠٠٣ إلينا من جديد، ومن أعلى منبر في العالم، على أن العراق دولة احتلال.
ما يحدث الآن في المنطقة العربية، هو احتلال من نوع جديد بأساليب لينة مرنة أو ما يسمى بالاستعمار الناعم أو الاستعمار الذكي، وهذه المرة يحدث ليس بوسائل القوة التي يتصور أنه سيمارسها الآخر، وإنما بوسائل محلية؛ بمعنى أننا نحطم أنفسنا بأيدينا.
وأضاف سعود، أن الجزائر التي أخرجت فرنسا ونالت استقلالها، بقيت في ذاكرة الثقافة الاستراتيجية الفرنسية بأنها دولة تابعة لها، ليست دولة نفوذ فقط، بل يخطط الاستراتيجي الفرنسي على أنها دولة عبور إلى الدول التي كانت تستعمرها في إفريقيا، ولا يحق لها أن تبني استقلالها الذاتي وأن تكون محورية تؤثر في محيطها وتتأثر بما يحدث فيه، وبالتالي تمت محاصرتها من قبل شركائها في اتحاد دول المغرب العربي، بوساطة رأس مال المؤسسات المالية الدولية، وهو ما أفقدها حريتها في صناعة القرار المتعلق بأمنها ومن أجل تطويع الجزائر لإلحاقها بجيرانها، أثيرت المشاكل على حدودها وهم يدركون بأن إمكاناتها المادية لا تؤهلها في الوقت الحاضر لحماية حدودها التي تمتد على مسافة ٧٥٤٣ كلم، وبقوة عسكرية في حدود ١٤٧ ألف جندي، بمعدل ٢٠ عسكريا في الكلم٢.
كل ذلك يدفع بالجزائر إلى السعي في توجهها إلى كل الفرقاء في إفريقيا وشرح التهديدات المباشرة وغير المباشرة، الآنية والمستقبلية، التي تحدق بالمنطقة وتهدد استقرارها وتجعلها سهلة الانقياد للأجانب في إمكاناتها الجيوبوليتيكية والإفادة من ثرواتها التي ستبقى المؤسسات الاقتصادية الكبرى بحاجة إليها. واستمرار هذا الوضع يتطلب منّا جميعا تهيئة إمكاناتنا لمجابهة التحديات المفروضة علينا، وأن حركة دول عدم الانحياز ماتزال تمتلك الإرث التاريخي والتجربة والتطلع الذي كانت دوما تنادي بتوظيفه للدفاع عن حقوق الشعوب ومساعدتها في تقرير مصيرها، ونحن مازلنا أمام ظاهرة الاستعمار المستمرة في كل من فلسطين والصحراء الغربية والتي تبين بالفعل أن المنطقة العربية لا يمكنها أن توحد إمكاناتها دون تحرير فلسطين، وأن دول المغرب العربي لا يمكنها أن تفعّل مسارها دون إيجاد حل عادل لقضية الصحراء الغربية.
يمكن أن تطرح الجزائر هذا التصور في هذا الاجتماع ومطالبة أعضاء حركة عدم الانحياز بالضغط على الأطراف التي ماتزال تعرقل تحقيق هذا المسار، لإيجاد حلول تخدم مصالح الجميع وتحدّ في الوقت نفسه من الظواهر الجديدة التي تمارسها القوى الكبرى، وحتى الصاعدة منها للهيمنة على مقدرة الشعوب، والتوقف عن القتل بالاقتصاد.
الجزائر تمتلك من الإمكانات ما يخولها القيام بدور الوسيط في إيجاد حلول لما يقع على حدودنا من اضطرابات لا يمكن، مهما فعلنا، حماية أنفسنا من تأثيراتها السلبية، لأنه في عالم اليوم لا تستطيع أي دولة أن تعيش خارج محيطها.
وفي إجابته عن الأحداث الأخيرة التي عرفتها الحدود الجزائرية الليبية، وحالة الإنفلات الأمني والعملية التي نفذتها قوات الجيش قرب الحدود، فهل ستطرأ هذه الأحداث على أشغال القمة، واصل الدكتور سعود، بأنه لا يتصور بأن الجزائر ستغلق سفارتنا في ليبيا، لأن الإجراء صعب اتخاذه بصفة عامة، وإن ما حدث يدخل في إطار حماية أعضاء البعثة الدبلوماسية، في منطقة يبدو أن الأمن قد انفلت فيها، وأن القيادة السياسية المطالبة بحماية البعثات السياسية أصبحت غير قادرة على ذلك، وأن الجزائر بحكم مواقفها التاريخية واحترامها للقانون الدولي لا تسمح لنفسها بالتدخل عسكريا خارج حدودها حتى وإن كان ذلك متعلقا برعاياها ودبلوماسييها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024