تصنيف مجحف

جمال أوكيلي

كل سنة تطلّ علينا منظّمة «مراسلون بلا حدود» بتقرير مجحف ضد الجزائر بخصوص واقع وآفاق الممارسة الصحفية في هذا البلد، وذهب بها الأمر هذه المرة إلى حدّ تصنيف الجزائر في المرتبة ١٢١ سنة ٢٠١٤، مدّعية بأنّ هناك تقدّما طفيفا لا يتعدّى الـ ٥ درجات سنة ٢٠١٣، والأدهى والأمر أنّها لم تتوان في مقارنة التجربة الجزائرية الثرية في قطاع الإعلام ببلدان أخرى لا داعي لذكرها لأنه لا مجال لوجه المقارنة في هذا الأمر، نظرا للتطور الهائل للصحافة المكتوبة في الجزائر، من جميع الجوانب سواء الإطار القانوني أو وسائل الطّبع المتقدّمة، ناهيك عن المضمون الذي أثرى التنوع لدى القرّاء.
يجب أن نشير هنا إلى أنّ التقارير التي تعدّها هذه المنظمة يجهل المقاييس التي تتبعها في ذلك التّصنيف، ومن يقف وراء ذلك؟ هل مختصّون وخبراء في الإعلام والإتصال أم نشطاء في الصحافة؟
لا نعتقد أبدا بأنّ التّصنيف مبني على رؤية علمية، بل له خلفيات سياسية بحتة، تسعى في نهاية المطاف إلى ضرب جل المكتسبات التي تحقّقت في هذا الصدد في الجزائر، والدليل على ذلك النوايا المبيتة التي تجرّأت على إدراج العمل الصحافي في مرتبة ما بعد الـ ١٠٠، هل هذا هو معقول ومقبول؟ وما يثير نوعا من الإستياء والقلق هو أنّ هذا التّقرير الذي صدر في غضون الفصل الثلاثي جاء بقراءة سلبية، وموجّهة ضد العناوين المطروحة في المشهد الإعلامي، متسائلة عن كل هذا الكمّ الهائل من الجرائد؟
ولأول وهلة تنحرف هذه المنظمة عن خطّها أو مهمّتها، وهذا عندما ابتعددت عن الإشادة ولو بصورة ضمنية بإنجازات هذا القطاع الحيوي، استنادا إلى الأرقام التي بحوزتها بخصوص الصحف المشكّلة للفعل الإعلامي في البلد، والتي استطاعت أن تتواصل مع القارئ بتزويده بالأخبار اليومية، وإطلاعه على الأحداث بكل تفاصيلها، لذلك فإنّ «مراسلين بلا حدود» سارعوا إلى تصنيف الجزائر دون العودة إلى ذكر الأسباب الكامنة وراء ذلك، والأكثر من هذا تفاديها العمدي في تجاهل الطّفرة التي شهدتها الصّحافة الجزائرية. وتبعا لتلك التساؤلات ما دخل الإشهار في كل هذا؟ ولماذا أثارته في سياق كهذا؟ وهذا بالرغم من أنّ الأمور واضحة في هذا الشّأن، ولم يستعمل هذا الجانب أبدا في إلحاق الضّرر بالآخر، علما أنّ هؤلاء الذين تتعالى  أصواتهم حول ما تدّعيه هذه المنظمة يحتكرون كل الإشهار الخاص بعلامات السيارات الأجنبية الحاضرة بالجزائر منذ سنوات طويلة، ومداخيلهم خيالية لا تعدّ ولا تحصى.
للأسف لم يذكر مراسلون بلا حدود هذا الأمر، وفي مقابل غير مسموح لهؤلاء انتقاد في أعمدتهم هؤلاء الوكلاء وغيرهم. لا يحق لهذه الأطراف التي تبكي على الصحافة في الجزائر أن تنظر للأشياء من زاوية واحدة، في حين تتجاهل الكثير من النّقاط الحسّاسة منها بالأخص تسييس التّقرير بصفة غير مرغوب فيها بتاتا، وهذا بمحاولة تسويد صورة هذا البلد خاصة وأنّه صدر في خضم الإستعداد للرئاسيات.
ولابد من القول هنا بأنّه منذ استدعاء الهيئة الناخبة لموعد ١٧ أفريل، تحرّكت أكثر من آلة أجنبية لزعزعة استقرار الجزائر، تارة باسم المساس بالصّحافة وتارة أخرى باسم انعدام حقوق الإنسان وتفشّي الفساد وانتشار الرّشوة. كلّها جاءت متتالية إلى غاية يوم الإقتراع، وكان الجميع على علم بأنّ هذه التقارير التي برعت في تصنيف الجزائر لها خلفيات سياسية، تهدف إلى التّشويش على هذا المسعى والتّشكيك في كل مراميه النبيلة، لكن في كلّ مرّة تصطدم بإرادة شعب عازم على عدم التفريط في بلده.
كانت خطّة محكمة من طرف هذه المنظمات التي تدّعي حرصها على الشّعوب، وهي التي نشرت الفوضى في هذه الأوطان باسم البعد الانساني.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024