أحيت، أمس، ولاية بومرداس، بالتنسيق مع مديرية المجاهدين والسلطات المحلية لبلدية بغلية الذكرى 65 لمعركة «وادي هلال» الشهيرة التي تعتبر من أولى المعارك التي قادها جيش التحرير محليا، بالولاية الثالثة التاريخية، وكان ذلك، بتاريخ 22 ديسمبر من سنة 1954 أي 52 يوما فقط من انطلاق الثورة المباركة، حيث تركت صدى كبيرا وصدمة لدى السلطات الاستعمارية والجيش الفرنسي الذي خسر 31 عسكريا وأزيد من 70 جريحا.
سجلت مديرية المجاهدين إلى جانب أعضاء الأسرة الثورية، خاصة مجاهدي المنطقة التي كانت تابعة للولاية الثالثة حضورا رمزيا وقراءة فاتحة الكتاب، بمقبرة الشهداء على أرواح من سقطوا إبان ثورة التحرير الوطني من أبرزهم شهداء معركة وادي هلال الخمسة ببلدية بغلية، يتقدمهم البطل قالمي امحمد الذي قاد الواقعة التاريخية إلى جانب 4 مجاهدين آخرين، بعضهم نجا وبعضهم وقع في الأسر بعد سقوطهم جرحى، وهم ممن ساهموا لاحقا في سرد وقائع الأحداث وأهمية هذه المعركة التي دامت يوما كاملا وكانت من المعارك الأولى على المستوى الوطني، لكنها لم تنل حقها من الدراسة والاهتمام بشهادة المجاهدين والمناضلين.
عن أهمية الحدث ورمزيته التاريخية، كشفت مديرة المجاهدين لولاية بومرداس، حبيبة بوطرفة، متحدثة لـ «الشعب» أن إحياء هذه المناسبة التاريخية الهامة جاءت في إطار البرنامج الولائي الهادف إلى إحياء التراث التاريخي المحلي الزاخر وتسجيل مختلف الأحداث ومعارك جيش التحرير التي عرفتها المنطقة، منها معركة وادي هلال الكبيرة، التي تبقى بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والدراسة، وهي من الأولويات التي تقوم عليها حاليا المديرية في إطار برنامج الوزارة الوصية عن طريق تسجيل الشهادات الحية للمجاهدين الذين صنعوا الملحمة التاريخية.
هذا وكان الأستاذ رشيد قاسيمي، المختص في الكتابات التاريخية قد أعتبر في شهادة سابقة خلال محاضرة نظمها ببلدية بغلية «أن معركة وادي هلال هي بمثابة فاتحة معارك ثورة التحرير على المستوى الوطني بشهادة الكاتب العام للعقيد عميروش قائد الولاية الثالثة التي كانت تتبع لها منطقة بغلية آنذاك باعتبارها البوابة الرئيسية للولاية، وكذا أهميتها العسكرية والإستراتيجية في مسار الثورة التي كانت في بدايتها، حيث أعطتها بعدا ونفسا جديدين ودحضت كل محاولات إفشال الثورة من قبل بعض المشككين في أهدافها، وهوما جعل فرنسا تسخر كل إمكانياتها العسكرية لهذه المعركة قدرها بحوالي 5 آلاف عسكري، إضافة إلى الأسلحة الثقيلة وطائرتين في محاولة لزرع الرعب في صفوف الشعب وإجهاض الثورة في مهدها خاصة في هذه المنطقة.
عن أحداث هذه المعركة التي دامت من الساعة السابعة صباحا إلى الرابعة مساء، كشف الباحث «أن الملحمة قادها 9 مجاهدين بقيادة الشهيد قالمي أمحمد الذي يعتبر أحد أقدم المناضلين السياسيين والعسكريين في صفوف المنظمة السرية، حيث ظل محل بحث منذ فراره سنة 1942 من السجن، بعد قنبلة ثكنة علي خوجة من قبل القوات الألمانية، إضافة إلى كل من: حداد رزقي، عيبدة سعيد، قاسيمي محمد وعباس محمد، وأسر ثلاثة مجاهدين بعدما نفذت لهم الذخيرة وهم: ايدير علي، شيخ محمد ومحمد بن محمود التونسي، في حين استطاع المجاهد عبديش محفوظ من النجاة بنفسه بعد اختبائه طيلة 24 ساعة داخل جدول مائي به تجويف عميق، وهومن قدم لاحقا تقريرا شاملا عن أطوار المعركة لقائد الناحية محمد زعموم.
كما كشف الباحث «أن المجموعة كانت متمركزة بجبال بوبراك بأعالي سيدي داود قبل أن تتحول إلى أعالي قرية شرابة بعد أن وصلتها معلومات بقيام الجيش الفرنسي بعملية تمشيط للمنطقة، لكن عيون فرنسا كانت بالمرصاد، حيث قامت بتطويق المنطقة ليلة 21 ديسمبر بقوات كبيرة أدرك خلالها المجاهدون أن المعركة حتمية لذلك فضلوا التحرك نحو وادي هلال استعدادا للمواجهة وعدم تعريض المواطنين العزل للخطر، فكانت ملحمة بطولية كبيرة لا تزال أطوارها شاهدة لدى السكان والمجاهدين الذين عايشوا الحدث مثلما قال.