التزم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمام الجزائريين بإجراء «مراجعة واسعة» للدستور ستفضي إلى إنشاء «جمهورية جديدة».
قال تبون خلال ندوة صحفية نشطها بالجزائر العاصمة عقب الإعلان عن النتائج الأولية للرئاسيات إن «التزامه الأول مع الحراك ومع جميع الجزائريات والجزائريين يتمثل في التوجه بسرعة نحو إنشاء الجمهورية الجزائرية الجديدة من خلال إجراء مراجعة واسعة للدستور»، موضحا أن هذا الدستور سيمر عبر استفتاء شعبي و«سيقلص صلاحيات رئيس الجمهورية».
وأضاف قائلا «سنعرض مسودة هذا الدستور على مشاورات بمشاركة الأسرة الجامعية والمثقفين وجميع أطراف المجتمع قبل اقتراحها على الجالية الجزائرية بالخارج بغرض الإثراء وعرضها بعد ذلك على استفتاء شعبي»، مؤكدا أن «الاستفتاء من شأنه إضفاء كل الشرعية اللازمة على الدستور».
وأكد في هذا الصدد، أنه بعد المصادقة على الدستور الجديد «ستدخل الجزائر فعليا في جمهورية جديدة».
ومن بين أهم الإصلاحات التي التزم بتجسيدها لسد ثغرات الدستور الحالي وتجنيب البلاد جميع المخاطر المنجرة عنها اكتفى الرئيس المنتخب بذكر «تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وإرساء توازن بين مختلف المؤسسات».
وفي برنامجه الانتخابي تحت عنوان «54 التزاما من أجل جمهورية جديدة» التزم تبون بمراجعة واسعة للدستور تكرس الديمقراطية من خلال فصل حقيقي بين السلطات وتعزّز الصلاحيات الرقابية للبرلمان وتضمن العمل المتناغم للمؤسسات.
كما تهدف مراجعة الدستور إلى «ضمان حماية حقوق وحريات المواطن وتجنيب البلاد أي منحى انحراف وذلك من خلال إنشاء سلطة مضادة فعالة وتكريس حرمة وإلزامية تحديد فترة ولاية الرئيس لعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة وتحديد مجال الحصانة البرلمانية واقتصارها على الأفعال الواردة في سياق النشاط البرلماني».
وكان موضوع مراجعة الدستور حاضرا في جميع تنقلاته عبر الولايات في إطار حملته الانتخابية، حيث قال خلال أحد تجمعاته الشعبية «في حال انتخابي رئيسا للبلاد ألتزم بمراجعة الدستور بهدف الفصل بين السلطات وتقوية المؤسسات».
كما قال تبون خلال الحملة الانتخابية «أعدكم في حال ما اذا انتخبت رئيسا للبلاد بفتح حوار وطني واسع لتعديل الدستور»، مشيرا إلى أن الوثيقة التي سيطرحها «ستحافظ على الثوابت وعناصر الهوية الوطنية بما في ذلك الأمازيغية التي فصل فيها الدستور الحالي».
وخلال ترشحه لهذه الانتخابات، صرح تبون «في حالة انتخابي رئيسا للجمهورية سأشرع في مراجعة الدستور من أجل تقنين مطالب الحراك الشعبي وتفادي الحكم الفردي وتجاوز الاقتصاد الذي يرتكز على تهميش جهة على حساب جهة أخرى».
تعديل المادة 51
وخلال مناظرة تلفزيونية نظمت يوم 6 ديسمبر الماضي بين المترشحين الخمسة، التزم تبون بتعديل المادة 51 من الدستور الحالي الذي يستثني مزدوجي الجنسية من تقلد المسؤوليات السامية للدولة والوظائف العمومية.
في هذا السياق، أكد تبون يقول «ألتزم بتعديل هذه المادة حسب أهمية مسؤوليات الدولة وطابعها الاستراتيجي، حيث لن يكون هناك أي تمييز بين المواطنين الجزائريين المقيمين في الجزائر أو خارجها».
وحسب المادة 51 من الدستور الجزائري «يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون وأن التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها شرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية».
ويعود آخر تعديل للدستور الجزائري إلى شهر فبراير 2016 حيث أدرج هذا التعديل عدة إصلاحات منها الارتقاء بالأمازيغية التي رسمت لغة وطنية في سنة 2002 إلى مصف لغة رسمية».
كما تضمن الدستور إلزامية تحديد فترة ولاية الرئيس لعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة وهو إجراء «تم استثناؤه من كل مراجعة دستورية».
وتضمنت هذه المراجعة تأسيس سلطة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات بهدف تعزيز مصداقية الانتخابات والسهر على شفافيتها ونزاهتها.
وحسب تعديل أدخل في سنة 2016 فإن رئيس الجمهورية مدعو إلى استشارة الأغلبية البرلمانية من أجل تعيين الوزير الأول.
ويتم تكليف الوزير الأول، طبقا لهذه المراجعة، بعرض مخطط عمل على الحكومة قصد المصادقة عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني.
ومن بين المحاور الأخرى التي ارتكزت عليها مراجعة الدستور سنة 2016 ترقية وحماية الحريات الفردية والجماعية واستقلاليةالعدالة.
وينص الدستور في هذا الشأن على أن حرية الصحافة المكتوبة والسمعية - البصرية والشبكات الإعلامية «مضمونة» على غرار حرية التظاهر سلميا.
وفي مجال القضاء، يؤكد الدستور على الطابع «الاستثنائي» لإجراء الحبس المؤقت وتعزيز استقلالية العدالة من خلال أحكام مثل عدم قابلية قاضي الحكم للعزل وتدعيم استقلالية المجلس الأعلى للقضاء.