نعيش مرحلة إستباقية لإنقاذ الدولة الوطنية، د.عيساني:

لا توجد ديمقراطية في العالم انبثقت من أحشاء الحراك الشعبي

 طوارئ تستوجب ردود أفعال آنية لا مجال فيها لاعتبارات سياسوية
 بنــــــــاء التوافـــــــق حول حمايــــــة وتأطير مسـاحـــات الحــــوار وتعميمها
وصف الدكتور محمد الطاهر عيساني، تجارب الانتقال الديمقراطي في العالم بالديناميكيات ذات أطوار بطيئة الحركة، ثقيلة الظل ممتدة في الزمان والمكان، وليست أبدا مجرد أحداث متقطعة الأنفاس، حتى ولو ظهرت في بعض البلدان على شكل أحداث بارزة يصاحبها زخم اجتماعي وإعلامي، إلا أن هناك تميز وتفرد لظواهر خصت بها الثورة الشعبية الجزائرية منذ 22 فيفري فيها أصبح الحراك راية اجتماعية متميزة وحيوية، تنصهر فيها كل المطالب فأصبحت بذلك ترمز إلى الانتقال الديمقراطي.

أبرز الاستاذ عيساني وهو طبيب ورئيس مؤسسة الفيلسوف مالك شبل، أن الظاهرة في حد ذاتها قد بدأت ملامحها في شكل شرارة ثورة مطالب اجتماعية في 5 أكتوبر 1988 أو ما سمي حينها بثورة الخبز والسكر والزيت، وهو ما يؤكد أن هذه الثورة هي مخاض طويل المدى قد يمتد إلى سنوات قبل الذهاب الكلي أو انهيار النظام القديم.
وبالعودة إلى الحراك الشعبي وما رافقه من إصرار وثبات شعبي ووفاء للمطالب الخاصة بالجمعة الأولى، حيث أكد على أن الخطوات التي يسيرها الحراك، ليست دائماً إلى الأمام وفيها التلكؤ وفيها الخطوات إلى الوراء، بل ويحذوها ما يشبه المسار المنعرج وفي هذا الباب، دعا إلى الحيطة والحذر من أحداث طارئة قد تتداخل لتغير مسار التغيير أو تؤخره أو تؤجله إلى حين، وهي في تصوره، طوارئ تستوجب ردود فعل آنية لا مجال فيها لاعتبارات سياسوية.

تسيير الشأن العام بشفافية وديمقراطية يخضع لارادة الأغلبية
توجس الدكتور عيساني خيفة من تردي الوضع الاقتصادي، خاصة مع تآكل مخزون الصرف بالعملة الصعبة وما ينجر عنه من خطر محدق يهدد الدولة الوطنية، تبقى التعبئة الاجتماعية طويلة المدى من خلال الحراك وسيلة مثلى، تنتهي دائماً في العرف الانسانية والدولية، الى الحوار الضمني او الظاهر للعيان مما يسمح بالتوافق المبدأي على طرق وآليات من شانها ان تجعل من تسيير الشأن العام شفافا وديمقراطيا يخضع الى إرادة الأغلبية، وحسبه لا توجد ديمقراطية في العالم انبثقت من أحشاء الحراك الشعبي مهما كانت قوة الحراك ومهما كان جبروته.
وحين مرافعته عن الانتقال الديمقراطي، اكد الطبيب عيساني بناء الوعي ويتخذ ذلك شكلا مؤسساتيا منظما ومنضبطا وفعالا وهي عملية تتم على مراحل لن تكون بمنأى عن الضغوطات والمساومات الخارجية، وهذا حسبه، ان التجربة الجزائرية ملفتة للعالم في تميزها بالتعبئة المبهرة وسلميتها، ما يجعل نجاحها قدرا محتوما خاصة اذا التزمت السلطة الفعلية بتنصيب حكومة تكنوقراطية، ترفع التحديات القصيرة المدى والمرتبطة بالنمو الاقتصادي ترقية الأمن الاجتماعي وروح التضامن ومنها منظومة الضمان الاجتماعي وأمن الوطن ووحدته مما يفرض التناسق والانضباط لدى المؤسسة العسكرية والأمنية في اعلى مستوياته بإجماع وتكاتف وطني منقطع النظير.

الحراك حمل بدائل من شأنها تقليص عمر المرحلة

قال الدكتور عيساني إن الثورة الشعبية في الجزائر تحمل بدائل، من شأنها تقليص عمر المرحلة وإمكانية التقارب بين أفراد النظام في قمته مع المعارضة السياسية مما يساعد على التوافق فيما هو مرتبط بالسياسات العامة والسياسات الاقتصادية، دون تجاهل القوى الخارجية في الشق الاقتصادي وما هو مرتبط بحقوق الانسان والاعلام والنقابات العالمية بل وحتى جاليتنا في المهجر...
برر الكاتب والناشط عيساني حديثه بان الديمقراطية في شكلها المثالي مشروع وطني يبنيه الجميع ـ مشروع يستوجب بناءه في ظل الدستور الحالي بتحضير جدي للانتقال الديمقراطي من خلال الحوار من جهة، وذلك بالعمل على ازاحة النظام القديم بآليات فعالة تحافظ على الأمن والاستقرار للوطن، ومن جهة اخرى بناء مؤسسات ديمقراطية تقودها الكفاءات الجزائرية قديمة او جديدة، ما لم تتورط في الفساد.
كل هذا يستوجب الصبر والروية والمرحلية، وصولا إلى بناء التوافق حول حماية وتأطير مساحات الحوار وتعميمها، ثم التحضير لإعادة صياغة الدستور بما يتوافق مع المنعرج التاريخي الذي تمر به البلاد بفتح المجال للعمل الحزبي والسياسي الفعال وماهو مرتبط بالتأسيس لعدالة انتقالية والدور الذي يستوجب ان تلعبه تمثيلياتنا الدبلوماسية في الخارج في المحافظة على الصورة المشرقة لهذه الهبة الشعبية التي تصنف حين نجاحها الكامل كطفرة ستكون درسا للإنسانية جمعاء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19614

العدد 19614

الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
العدد 19613

العدد 19613

الإثنين 04 نوفمبر 2024
العدد 19612

العدد 19612

الأحد 03 نوفمبر 2024
العدد 19611

العدد 19611

السبت 02 نوفمبر 2024