دعا رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، أمس إلى إنجاح الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 17 أفريل المقبل، وأن يحرص كل شخص على أن يتم ذلك في كنف الهدوء والأمن والطمأنينة، والعمل على إقناع الشعب بضرورة المشاركة في هذا الاستحقاق الكبير والموعد الهام، وهو ما اعتبره البعض ردا صريحا على دعاة المقاطعة الذين قرروا خوض حملات مضادة لإقناع الشعب بعدم التصويت لصالح مرشح ما بعد أن قرروا عدم المشاركة فيها.
كعادته في مثل هذه المناسبات، فضل رئيس الغرفة العليا للبرلمان عبد القادر بن صالح في خطابه أمام أعضاء مجلس الأمة خلال اختتام أشغال دورتها الخريفية أن يعرج بالحديث على واقع البلاد وتقديم بعض القراءات وإبداء ملاحظات حول ما يجري في مختلف المجالات، ولأن البلاد مقبلة على موعد سياسي هام لا يفصلنا عنه سوى شهور قليلة، ويتعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية فقد استغل بن صالح الفرصة ليوجه رسائل أمل ودعوة صريحة لإنجاح هذا الموعد الهام كونه سيسمح للجزائريين بتسطير معالم طريقهم نحو المستقبل واختيار من يتولى قيادة بلادهم للسنوات الخمس القادمة.
ورغم أن كل واحد سيخوض حملته الانتخابية لصالح مرشح يدعمه أو برنامج يساير قناعاته، حسب ما تقتضيه أبجديات الممارسة الديمقراطية، إلا أن ذلك لم يمنع رئيس مجلس الأمة من دعوة جميع الأطراف إلى العمل على إنجاح هذا الاستحقاق الهام، وإقناع الشعب بضرورة المشاركة في هذا الموعد، كون أن المشاركة في الانتخابات تعتبر «حقا لكل مواطن، وأخلاقيا تعد واجبا وطنيا» كما قال بن صالح، الذي حذر من التفريط في استعمال هذا الحق لأنه قد يحمل في طياته عواقب غير حميدة، مستدلا في ذلك بتجربة التسعينات، معربا عن أمله أن يكون الاستحقاق القادم مناسبة جد مواتية لمشاركة شعبية واسعة لاختيار من يقود البلاد، ولتكريس الممارسة الديمقراطية فيها.
وفي رأي بن صالح، هناك العديد من الأشياء التي تدعو إلى التفاؤل خيرا، منها تحول الممارسة الديمقراطية إلى حقيقة ملموسة على صعيد الواقع المعاش ما يؤكد أن الشعب هو مصدر كل السلطات، كما أن التعددية السياسية والحزبية باتت هي الأخرى واقعا ملموسا ويتم التعاطي معها، فضلا عن الحضور الكبير للأحزاب السياسية التي «نأمل منها أن تتحرك جديا في الساحة السياسية وتحفز المواطن على الذهاب إلى صناديق الإقتراع».
ولم يستن بن صالح، السلطات العمومية التي تمرست على تنظيم الانتخابات المحلية والوطنية حيث قال أنها مطالبة هي الأخرى بتوفير كافة الشروط المشجعة على تأدية الواجب الانتخابي.
الجزائر آمنة ومستقرة بفضل السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية ويقظة أبناءها
لم يشأ بن صالح أن يترك المناسبة تمر، دون أن يرد على أصحاب الأطروحات السوداوية المشككين في الإنجازات التي تم تحقيقها في السنوات الأخيرة، حيث أكد في خطابه أن ما تنعم به الجزائر من أمن واستقرار ومؤشرات اقتصادية ايجابية، هو بفضل السياسة الحكيمة التي انتهجها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة و بفضل يقظة أبناءها، واصفا ما يقوم به البعض للتعتيم على نتيجة الجهد التنموي المبذول، بـ «المحاولة البائسة» لطمس معالم الواقع الملموس لتغليط الرأي العام بحقيقة الأمور.
وقال بن صالح في خطابه أن الواقع الملموس هو خير شاهد على ما يجري في البلاد رغم خطب الشؤم التي يلوح بها البعض، فإن «الجزائر بخير وهي آمنة ومستقرة» بفضل السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية، وبفضل يقظة أبناءها الذين كانوا باستمرار واعون لواقع التحديات التي تواجه بلادهم ومدركون خاصة لحقيقة مضاعفات التطورات التي تجري في منطقتهم.
واسترسل قائلا: أن هذا الوعي وذلك الإدراك مضافا لهم كل ما تحقق من إنجازات في مختلف الميادين استفاد منها الأغلبية من أبناء الشعب، وهو ما جنب الجزائر في كل مرة من الوقوع في الهزات التي من شأنها الإضرار باستقرارها ووحدة شعبها.
وشدد بن صالح على ضرورة الاستمرار في تقوية اليقظة وبذل الجهد لصيانة وحدة الشعب والحفاظ على الانسجام الاجتماعي والدفاع على المكاسب التي حققتها البلاد في مختلف المجالات، داعيا الجميع إلى العمل على تعزيز الاستقرار وتقوية أركان الدولة.
وفي هذا السياق، أشاد رئيس مجلس الأمة بكافة الجهود التي يبذلها «الخيرون» من أبناء الجزائر من أجل إعادة الأوضاع لحالتها الطبيعية في ولاية غرداية، داعيا الأطراف المعنية إلى اعتماد الحوار لحل المشاكل لدى بروز التوترات الظرفية وكلما تعكرت الأجواء بين الأفراد والجماعات، والأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا للبلاد قبل أي مصلحة أخرى.
وأثنى بن صالح على جهود الحكومة التي ما فتئت تقوم بها لمتابعة وتنفيذ المشاريع التنموية عبر ولايات الوطن، وتوطيد قنوات الاتصال والحوار مع مختلف مكونات المجتمع والعمل على التكفل بانشغالات المواطنين، كما ثمن ما تم تجسيده على أرض الواقع، لاسيما ما تعلق بالهياكل القاعدية، والمنشآت السكنية، والمرافق الخدماتية والجوارية، والمؤسسات التعليمية والجامعية.
وبالرغم من أنه عبر عن ارتياحه للتدابير التي اعتمدتها الحكومة بخصوص ترقية الاستثمار وتطوير القدرات الإنتاجية، إلا أن ذلك لم يمنعه من دعوة الهيئة التنفيذية إلى بذل مزيد من الجهد لوضع حد للمعوقات التي لا زالت تؤثر على وتيرة التنمية وعلى مصداقية الدولة، والتي يأتي في مقدمتها ظاهرة الفساد والبيروقراطية، والمحسوبية واستغلال النفوذ.
دورة «أكثر من عادية»
وصف عبد القادر بن صالح الدورة الخريفية التي اختتمت أشغالها أمس بـ «الأكثر من عادية» سواء من حيث عدد النصوص المصادق عليها أو من حيث مضمون هذه النصوص الأمر الذي أعطى عمل الدورة الأهمية والخصوصية.
وذكر بن صالح في خطابه، أن أعضاء مجلس الأمة ناقشوا وصادقوا على ترسانة من القوانين، يتقدمها قانون المالية لسنة 2014، الذي جاء ليترجم الإرادة السياسية للدولة في تطوير البلاد ومواصلة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، ولتعزيز وتيرة التنمية ومضاعفة عدد المشاريع الاستثمارية، واستكمال الشطر الأخير من البرنامج الخماسي المسطر للمرحلة، معتبرا نص هذا القانون بمثابة الكشف الطبي للحالة الصحية لواقع البلاد، كما صادق أعضاء مجلس الأمة على قانون ضبط الميزانية لسنة 2011، والقانون المتعلق بمهنة المحاماة، وقانون السمعي البصري، قانون المناجم، القانون المعدل والمتمم لقانون العقوبات، وكذا القانون المتعلق بسندات وثائق السفر.
أما في الجانب الرقابي، فعرفت الدورة حسب ذات المسؤول طرح أسئلة شفوية عديدة شملت جل القطاعات الحكومية، ومكنت أعضاء مجلس الأمة من طرح انشغالاتهم على مسؤولي القطاعات الوزارية المختلفة، ونقل انشغالات المواطنين إلى الجهات المختصة، كما خصص المجلس جزء من نشاطاته للدبلوماسية البرلمانية، للتعريف بمواقف الجزائر من مختلف القضايا الوطنية والإقليمية والدولية.