الآن وقد تمّ الانتهاء من تجهيز المنظومة الاقتصادية بجميع أداوت الاقلاع على مسار النّمو، من خلال الترتيبات القانونية، الاجراءات المرافقة للمؤسسة الانتاجية، تحسين مؤشرات مناخ الاستثمار، ليس أمامها من سبيل للإفلات من تداعيات الصدمة النفطية، سوى الشروع في مضاعفة الجهود على كافة المستويات الاستثمارية، الانتاجية والمناجيريالية.
ليس من طريق أمام الفاعلين في الساحة، مهما كان حجم ورقم أعمال المؤسسة في كل القطاعات، إلا الانخراط في ديناميكية الانتقال الاقتصادي والتكيّف مع التحوّلات التي تلقي بظلالها على الأسواق العالمية والمحلية، حرصا على الديمومة في مواجهة منافسة سوف تشتد حدّتها في المديين المتوسط والطويل.
في هذا الإطار، يمثل التصدير خارج المحروقات الجسر الآمن لبلوغ الهدف الاستراتيجي، بحيث تكون المؤسسات الجزائرية في مختلف القطاعات الناشئة، وقد أظهر كثير منها نجاعة في التموقع على مستوى بعض الأسواق، على عتبة امتحان حاسم تتوفر عوامل كسب رهانه، إذا بقي رؤساء المؤسسات، ومن ورائهم القائمون على الجهاز الانتاجي، بدءا من التصميم إلى التسويق مرورا بالتحكم في معايير الجودة وتقليص الكلفة، على درجة عالية من العزم والثبات في تجسيد المهمة.
لقد أصبحت البنية القاعدية للتصدير متكاملة ضمن شبكة مترابطة الحلقات، من طرق مؤهلة، سكك حديدية وموانئ، إلى جانب طاقة معتبرة للشحن والتخزين، تضمن خدمات لوجيستية جديرة بالثقة في أدائها، شريطة أن تدرك المؤسسة الانتاجية مهما كانت طبيعة نشاطها مدى الثقل لهذا المكسب في الاهتمام بأسواق خارجية إقليمية إفريقية وعربية يمكن المنافسة فيها.
المؤكد أن مثل هذه الوجهات، مثلما تبين بشكل جلي مثلا، في موريتانيا، السنغال، تونس، وغيرها، هي حقيقة، في متناول عمليات التصدير خارج المحروقات، وسوف يتجسّد حتما التموقع هناك إذا ما سارعت المنظومة المصرفية بمرافقة المسار فيما يخص تأمين الخدمات البنكية وعزّزت إدارة الجمارك أكثر آليات تسهيل العمليات لكسب الثّقة، بالموازاة مع تفعيل قمع الغش والتهريب وشتى أشكال الفساد.
إن الموعد هذا العام، بكل ما يحيط به من صعوبات ومخاطر، يكون مع رفع التحدي الكبير والمصيري بالتفاف الفاعلين في السوق بكل جوانبها، حول الهدف المحوري، الذي يتعلّق في الجوهر بحماية الأمن المالي للبلاد، ومنه تأمين مستقبل المؤسسة الجزائرية نفسها عمومية وخاصة، فأما الديمومة أو الزوال، في أفق سوف تتقلص فيه حتما أشكال الحماية المختلفة.