مقهى «التلمساني» بالواجهة البحرية

ملتقـــى الأحبـــــاب وتحديـــــد المواعيــد

العاصمة : جمال أوكيلي

لا تخلو ألسن العاصميّين من تداول أسماء المقاهي الشّعبية الذّائعة الصّيت، يقصدونها من أجل إبداء تعلّقهم بذاكرة المكان، وتعبيرا عن انتمائهم لمسقط رأسهم يلتقون في كل الأوقات لقضاء لحظات حميمية، يتبادلون أطراف الحديث، ويعيدون شريط ذكرياتهم بحلوها ومرّها.
ومن بين هذه المقاهي التي فعلا ما تزال راسخة في أذهان هؤلاء، وبشيء من الصّلة الروحية التي لا تجد لها تفسيرا مقهى «التلمساني» التي تقع بشارع لامارين بالواجهة البحرية في زاوية الأقواس محاطة بعدة محلات بنهج الحاج مريزق.
لم يتغيّر منها أي شيء بمساحة ضيّقة رفقة الطّاولات بداخل وخارج المقهى، هناك من يرتشف فناجين القهوة وهناك من يتناول الشاي أو مشروبات بشتى الأنواع، ولا يتعلق الأمر هنا بما يقدّمه مسيّرو هذه المقهى، بل أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير إذا ما قارنا ذلك، بجاذبية المكان القريب من كل المرافق الإدارية والخدماتية، وخاصة المساجد «كتشاوة، جامع الجديد وجامع الكبير)، الكل كان يلتقي هناك، سواء من سكان القصبة، باب الواد، أو ساحة الشهداء، وغيرها ولا نستثني هنا محبّو مولودية الجزائر واتحاد العاصمة وفرق أخرى صغيرة.
واستنادا إلى الباحث في التراث السيد محمد بن مدور، فإنّ المقهى هي ملك لعائلة مساوي كانت تحت وصاية الوالد، لم تكن تحمل اسم «التلمساني»، هذا الأخير اشتهر بالتردد عليها كونه كان يشتغل في العقار أو ما يعرف لدى العامة من الناس بـ «السمسار»، وهي مهنة تتعلق بعرض الفرص المتاحة حول السكنات أو القطع الأرضية، والجميع كان يسأل عنه ولا يعثرون عليه إلا في تلك المقهى التي سميت باسمه مع مرور الوقت.
وبالرغم من تعليق يافطة باسم «مقهى البحرية» حاليا، فإن ما يشاع لدى المتردّدين هو اسم «التلمساني» في الأوساط السالفة الذكر، تجاورها مقهى «قوراري» التي لها نفس السمعة من ناحية جذورها التاريخية في تلك الجهة المعروفة بالقرب من الواجهة البحرية الممتدة إلى الأسفل باتجاه البحر، الذي كان يعج بالصيادين آنذاك، والذين يتوجّهون إلى تلك الأمكنة المحبّذة من طرفهم للقاء الأصدقاء والأحباب، وما تزال هذه الظّاهرة موجودة إلى غاية يومنا هذا لكن بدرجة أقل نظرا لعدة اعتبارات، منها إحالة الأغلبية على التقاعد وتقدّم الكثير في السن وعدم قدرتهم على تحمل الجلوس في المقهى.
ولابد من القول هنا، أنّه بالرغم من الطابع التّاريخي والاجتماعي وحتى الثقافي لهذا المكان الذي ما زال يقاوم تحديات الزمن، ولا توجد للأسف أي مبادرة من لدن المهتمّين من أجل ترقية هذه المعالم الشّعبية ولو بإعادة ترميمها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024