ماتزال منظومة الهندسة العمرانية في غرداية محل استلهام المدارس العالمية التي ترى فيها النموذج المعماري الفريد والنادر في آن واحد نظرا لما يحمله من قيم التوازن في المكان والزمان من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يؤدي في ديمومته إلى الاستقرار النفسي للإنسان صاحب المبنى.
هذه الخصوصيات الثابتة في التاريخ والراسخة في ذهنية الفرد في هذه المنطقة يترجم الحرص المتواصل على بيئة معيشية تراعي متطلبات الواقع الذي يجب أن يكون قائما على منطق التحكم في عملية البناء وفق منظور متبع في المقاييس المفروضة من قبل المجتمع للابقاء على المشهد الموحد للعمران.
وفي هذا السياق دعا السيد قاسم ألجون رئيس المجلس المحلي للمهندسين المعماريين بغرداية لـ«الشعب»، إلى تكييف المخططات السكنية مع التحولات الجارية خاصة المتعلقة بخيار الطاقة المتجددة الذي يسمح باقتصاد أكبر للكهرباء خاصة وهذا ما يميز النمط «الغرداوي» في البناء ويظهر ذلك في خصائص البيت من ناحية الموقع والأرضية والمواد المستعملة والتحكم في اتجاهات الزوابع الرملية والرياح والمساحة الخاصة للمجموعة ناهيك عن ما يعرف بطريقة العوازل.
هذه الركائز كلها تسمح بالتخلي عن عناصر جديدة دخلت في عملية النباء بغرداية وهذا بالاستفادة من العوامل الطبيعية واستغلالها استغلالا عقلانيا انطلاقا من الرؤية المتوجهة لكيفية تشييد المنزل ويرى السيد ألجون بأنه حان الوقت قصد العودة إلى العمل بالمواد المحلية والنمط الداخلي المعمول به منذ القدم والذي يصنف في خانة اقتصاد الطاقة بالأساس وهذا بالتخلي عن الإسمنت المسلح واستعمال مايعرف بـ» بي، تي، أس» وهي مادة قاعدتها التربة بنسبة عالية.
وبالإمكان الاستثمار في هذا الجانب بشكل واسع في حالة وجود تشجيعات في هذا الجانب من قبل الجهات المسؤولة محليا.. وهناك مواد لا تعد ولا تحصى تستعمل في البناء خاصة بالمناطق ذات الحرارة العالية والبرودة القارسة، إلا أن المهتمين بها لم يجدوا حتى الآن من يأخذ بأيديهم ويساعدهم على الخوض في هذا الغمار لفائدة سكان الولاية والذهاب رويدا رويدا باتجاه التراجع عن الاستعمال المفرط للإسمنت.
وتبعا لذلك، فإن السيد ألجون يقترح على الجهات المكلفة بقطع السكن بولاية غرداية إدراج دراسات معمقة في حالة الإقدام على برامج في هذا الإطار وهذا بعدم التسرع في إقامة أحياء جديدة لا تتناسب مع طبيعة المنطقة وهذا ما كان مع موقعي فوميرات وواد نشو عبر طريق تمنراست.
هذا لم يمنع أبدا من الاهتداء إلى الأحياء التي نعتبرها نموذجية مثل حي تينميرين بـ٧٠ سكنا وهذا بمنطقة بني يزقن هي عبارة عن إقامات فردية نفس الصيغة في تفيلات بألف سكن تاوزنة وتينعام وبالرغم من هذا الحرص فإنه المطلوب منا أن نعمل جاهدين من أجل إضفاء الطابع المحلي على البناءات والسير نحو أشكال هندسية جديدة.
وفي هذا الإطار فإن الهدف من كل هذا التيكيف هو الذهاب إلى اقتصاد الطاقة وإحلال محلها ثقافة أخرى تعتمد على التقشف في الكهرباء في المناطق الجنوبية، بتقليص المبردات أي المكيفات الهوائية واستبدال المصابيح الأقل استهلاكا ولابد على الجزائري أن يتحلى بهذه الثقافة التي ترمي إلى الحفاظ على الطاقة وعدم تبذيرها كما يلاحظ اليوم وهذا ما يعرف في أدبياتنا بالمواطنة.
ومثل هذا العلم يتطلب حملة تحسيسية واسعة متوجهة لكل الفئات، كي تطلّع على مثل هذا المسعى القائم على اقتصاد الطاقة في المنزل وهذا باستعمال تقنيات حديثة وبسيطة منها الزجاج المزدوج الذي يمنع الحرارة أن تتسرب شتاء والبرودة أن تضيع صيفا.
نأمل استكمال مشروع ٦٠٠ سكن
ويأمل السيد ألجون استكمال مشروع بناء ٦٠٠ سكن تساهمي في القرارة بتيز قروين كونه متوقفا حاليا والواقع عن بعد يقدر بـ١١٥ كلم من غرداية ويتسائل السيد ألجون عن مصير هذه السكنات التي تطلبت سنوات من إعداد الوثائق فقط وعندما شرع في تشييدها تقرر توقيف الأشغال إلى إشعار آخر.