القصبة .. ورشة ماتزال مفتوحة

اقتراح محافظة للتكفل بالموقع التاريخي

جمال أوكيلي

فتح النقاش الثري الذي نشّطه الباحث في التراث السيد محمد بن مدور بقاعة المحاضرات لمؤسسة فنون وثقافة بديدوش مراد أفاقا واعدة باتجاه اعتماد سياسة جديدة حيال القصبة تكون في شكل «محافظة» تابعة للسلطات العليا في البلاد مباشرة قصد وضع حدّ لعدم استقرار هذا الملف وتفادي الوصاية عليه إلى درجة ضياعه في كل هذا الزخم والتحكم أكثر في إدارته بآليات صارمة.
وكان الحضور مميزا لنخبة من المثقفين وأساتذة سعت من خلاله المديرة فوزية لرادي على إبقاء الآراء في إطارها الطبيعي احتراما للموضوع محل الطرح مع تجاوز كل الخلفيات والأحكام المسبقة،، والسير في الاتجاه الذي يخدم هذا الفضاء التراثي الزاخر بمنظومة من القيم الاجتماعية التي زالت بحكم ما أفسده الدهر.
وعلى ضوء هذه الحركية، يرى بن مدور بأن تاريخ ٢٣ فيفري هو محطة للحصيلة والتقييم، ماذا أنجزنا؟ وإلى أين  نحن ذاهبون في هذا المشروع؟ من الصعوبة بإمكان ايجاد ذلك الجواب الشافي والحل المنشود نظرا لكثرة المتدخلين ورفعهم للواء الأولوية في التكفل بالمسألة. وفي هذا الصدد تمّ احصاء ١٢٠ جمعية تهتم بهذا الشأن لكنها حبر على ورق فقط.. تكلف نفسها بمهمة أكبر منها.
وليست مفوضة من أي جهة قصد التحدث باسم هذا الموقع لكنها تتمادى في حشر أنفها.. شغلها الشاغل انتظار الدعم المالي وكفى، أما في الميدان فلا يراه أحد.. هذا الفراغ المؤسساتي هو الذي أدى إلى كل هذه التفرعات والجزئيات عاد بالسلب على الجميع والأدهى والأمر هنا هو أن هؤلاء القوم يتكلمون باسم جهة أي القصبة دون حيازة أي صلاحية في هذا الإطار.
والمحافظة أو الحماية لا تكون بوثيقة أو ختم لتلك الجمعيات التي تحملها في حقائبها ترافقها في كل المصالح الإدارية في حين هي غائبة في الواقع اليومي الذي يعد تحديا قويا إن لم يسارع البعض إلى التحرك في الوقت المطلوب.. لإنهاء هذه الاشكالات الخطيرة.
والأرقام التي قدمها بن مدور تعتبر مذهلة ومخيفة في آن واحد من باب أنها انذار مبكر للجهات المسؤولة قصد إعادة النظر في ملف القصبة التي كلّفت مبلغا خياليا ٩٢٠٠ مليار،  واستفادت من ١٢ ألف سكن وبعودة إلى لغة الاحصاء، فإنه غذاة إستعادة السيادة الوطنية كان هناك ١٥٢٣ دار (طراز موراسك)، وعند الشروع في إطار التثمين سجل العثور على١٧٠٠ دار منها١٢٠٠ نوع محلي وتبعا إلى هذا العمل في ٢٠٠٨ تمّ الإشارة إلى ٢١٨٩ حصة، ٨٣ ٪ بنابات متبقية و١٧ ٪  شاغرة، و١٠ ٪ متدهورة و١٠ مغلقة.
وخلافا لهذه الأعداد، فإن بن مدور عاد ثانية قصد الاستدلال بأحقية رقم ١٥٢٣ دويرة منها ٩٨٢ محلية و ٥٤١ غير ذلك، وهذا عند محيط الحمية والأكثر من هذا كانت هناك ٦٣٠ دار تقليدية، ١٨٧شاغرة و٨٩٣ قطعة أرض، و٢٩٢ مالك، و١٥١ تابعة للوقف، هذا ما يؤدي إلى٤٤٣ بإضافة ١٨٧ تصبح ٦٣٠ دويرة، وبـ٨٩٣ قطعة شاغرة تصبح ١٥٢٣دويرة. ومنذ ٢٠١٢ انهارت ٣١ بناية لتبقى هناك ٥٩٩ دويرة فقط.
هذه الأرقام متعددة المصادر ورادة من جهات تكفلت بكل البرنامج الذي كان مخصصا للقصبة من ترميم تبين أن الموقع لم يعد يحتمل أكثر مما مرّ عليه، فمن الضروري التفكير في صيغة جديدة لمتابعة أي مسعى في هذا الشأن.. وفق تصور جديد بإبعاد كل من أضروا بهذا المشروع ضررا أليما ومازالوا يبكون على الأطلال.. باسم الوصاية وشهادة الميلاد.
هذه النظرة السائدة لدى الجمعيات وغيرها يجب أن تتغيّر نحو ما يعرف بالمفهوم الواسع للموقع على أنه تراث وطني ليس تابعا لفلان أو علان وإنما للشعب الجزائري برمّته.. إذا تحرّرنا من النظرة الضيقة ستنجح بالتأكيد في هذا المشروع التراثي.

 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024