حلقة وصـل حيوـة بين المدن والمناطـق الصّناعية

منفذ الطّريق السيار جن جن - جيجل..عودة الرّوح

ريبورتاج: خالد العيفة

 مشروع منفذ الطريق السيار جن جن - العلمة من المشاريع الهامة في الجزائر، حيث يربط ميناء جن جن بولاية جيجل بمدينة العلمة بولاية سطيف، ويمر عبر ولاية ميلة، ويعد من المشاريع الكبرى التي تساهم بشكل كبير في تحسين البنية التحتية للنقل في الجزائر، ويشكل هذا الأخير حلقة وصل حيوية بين العديد من المدن والمناطق الصناعية، ويعد المشروع خطوة مهمة نحو تحديث بنية النقل في الجزائر، ويؤثر بشكل إيجابي في الاقتصاد الوطني، ويعزز التكامل بين مختلف المناطق.

 في ردّه على سؤال شفوي بالمجلس الشعبي الوطني حول مصير المشروع، أوضح وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، رخروخ لخضر، أن الوزارة “تعمل على إعداد ملحق قانوني يمكن من منح إنجاز أجزاء من هذا المشروع لشركات غير تلك المتعاقد معها كحل أمثل لاستكمال المشروع في أقرب الآجال”.
وبالنظر للأهمية الاقتصادية والاجتماعية التي يكتسيها هذا المشروع، سيتم  حسب الوزير تسليم قريبا مقطع طوله 13 كلم من جهة ولاية جيجل و17 كلم من جهة ولاية سطيف، مؤكدا أن دائرته الوزارية ستعمل على استكمال المشروع مع حلول سنة 2026.
وأشرف وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، لخضر رخروخ، في آخر زيارة له لولاية جيجل، على وضع 27 كلم من الطريق السيار، الرابط بين ميناء جن جن بجيجل ومدينة العلمة بسطيف حيز الخدمة، ضمن شطرين، الشطر الأول بـ 13 كلم بجيجل والثاني بـ 14 كلم بولاية سطيف، وشدّد الوزير على رفع وتيرة الإنجاز لتسليم باقي الأشطر، مع ضرورة تقليص الآجال التعاقدية.
وصرّح وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، خلال الزيارة، بأنه تم وضع حيز الخدمة لأشطر من الطريق السيار الرابط بين جن جن والعلمة بولايتي جيجل وسطيف، على مسافة 27 كلم، وأكّد على القائمين على المشروع بضرورة رفع وتيرة الأشغال والتسليم التدريجي لمختلف الأشطر، إذ من المنتظر تسليم ما مجموعه 27 كلم من الأشغال قبل نهاية السنة بجيجل بالتوازي مع إكمال أشغال النفق، مع إتمام إنجاز 45 كلم بولاية سطيف.
وأشار الوزير إلى أنّ مجمّع الإنجاز على مستوى جيجل قدّم تعهدات بتسليم 32 كلم من المشروع قبل شهر جوان من سنة 2026، فيما ألح الوزير على تسليم الشطر المقدر بـ 32 كلم، الواقع بعد النفق مباشرة، مع نهاية السنة الجارية، بالرفع من وتيرة الأشغال والتنسيق بين مختلف الفاعلين في المشروع قصد الإسراع في الإنجاز وفق مخطط زمني بين أشغال وضع القوالب الإسمنتية بجسر سد تابلوط وأشغال النفق.
وجدير بالذكر، أنّه تمّ وضع حيز الخدمة مقطع 13 كلم انطلاقا من ميناء جن جن وصولا لمنطقة شادية، بحيث تم إنجاز 3 محولات و4 منشآت فنية من أصل 45 كلم من شطر ولاية جيجل ضمن الطريق السيار، إذ تبلغ نسبة الإنجاز 58 بالمئة بجيجل من أصل 59 بالمئة من نسبة إنجاز المشروع ككل بين جيجل وسطيف مرورا عبر ميلة.
وفي ولاية سطيف، تمّ وضع حيز الخدمة شطر الطريق من النقطة الكيلومترية 96 (محول بني فودة) إلى النقطة الكيلومترية 110 (محول العلمة) على مسافة 14 كلم، بحيث تقدر نسبة الإنجاز بشطر سطيف 66 بالمائة.

زيــارات متتاليــة

 زيارات متتالية لمختلف ورشات مشروع إنجاز منفذ الطريق السيار جن جن العلمة، من طرف احمد مقلاتي والي جيجل، الوقوف على مدى تقدم أشغال الإنجاز، وبغرض حلحلة الإشكاليات المطروحة، قام الوالي مؤخرا بزيارة ميدانية لمعاينة وضعية الأشغال المتواصلة بمشروع الطريق السيار جن جن - العلمة، بحضور ممثل مدير المشروع (الجزائرية للطرق السيارة (ADA) ومدير الأشغال العمومية، والمجمع المكلف بالإنجاز، حيث شملت الزيارة معاينة الأشغال الجارية بمقاطع مختلفة من المشروع انطلاقا من النقطة الكيلومترية PK13 ببلدية قاوس إلى غاية النقطة الكيلومترية PK27 ببلدية تاكسنة.
وتمّ الوقوف خلال هذه الزيارة على أشغال المنشآت الفنية، مقطع الطريق الى غاية pk27، والنفقين، حيث تتواصل الجهود من أجل تسليم مقطع الطريق ابتداء من النقطة الكيلومترية 13 ببلدية قاوس إلى غاية النقطة الكيلومترية 22 بلدية تاكسنة، خاصة منه مقطع الطريق 7 كلم.
وبعد المعاينة والاطلاع على الوضعية من قبل المسؤول الاول على الجهاز التنفيذي الولائي، أسديت توجيهات تتعلق بتدعيم الورشة بالإمكانيات المادية والبشرية والعمل بنظام العمل “2×8”، إعداد مخطط مفصل للأشغال الواجب القيام بها من أجل تسليم مقطع الطريق 7 كلم قبل نهاية شهر جوان من السنة الجارية، تدعيم أسطول النقل بشاحنات نقل مادة حصى المحجرة، مع ضرورة تنصيب محطة تزفيت احتياطية لإنتاج الخرسانة المزفتة، حسب ما جاء ضمن بنود دفتر الشروط، وضرورة تنصيب الوسائل المادية للانطلاق في الأشغال وفتح عدة ورشات ابتداء من النقطة الكيلومترية 19 الى غاية النقطة الكيلومترية 24.
كما تمّ التأكيد على الانطلاق بأشغال إنهاء الجسور بالنقطة الكيلومترية 15 و19، إنشاء خلية تقنية تتولى مهمة متابعة عملية التجهيزات الخاصة بالنفقين من الدراسة، المصادقة الى غاية جلب هذه التجهيزات، والتأكيد على ضرورة تكثيف العمل على مستوى الشطر الثاني من المشروع النقطة الكيلومترية 13 ببلدية قاوس إلى غاية النقطة الكيلومترية 22 بلدية تاكسنة.

يفتح ولاية جيجل على الجهـــات الأربع للوطن شرقا وغربا شمالا وجنوبــا

ويقول البروفيسور شلابي عمار من جامعة سكيكدة، إن ربط ولاية جيجل بالطريق السيار، حيث سيكون منفذا لها مرورا بمدينة العلمة التي يمر عليها الطريق السيار، وهو ما سيسمح بتبادلات تجارية كبيرة من وإلى ولاية جيجل التي تعرف مسالك جبلية صعبة للوصول إلى قسنطينة أو سطيف، الأمر الذي جعل السلطات العليا تنظر للأمر بعين استراتيجية، كما أنه يفتح ولاية جيجل على الجهات الأربع للوطن شرقا وغربا شمالا وجنوبا.
وأوضح الأستاذ بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير،
كما أنه يفتح ولاية جيجل على الجهات الأربع للوطن شرقا وغربا شمالا و جنوبا.
وأوضح، الأستاذ بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، أنه يسمح بربط ميناء جن جن بالطريق السيار شرق - غرب انطلاقا من محول العلمة مرورا بولايات جيجل على مسافة 45 كلم وميلة على 10 كلم وسطيف على 55 كلم. وعموما يفترض أن يشكل هذا المشروع “مستقبلا واعدا” لولاية جيجل حيث سيزيل العزلة عنها كونه يشكل حلقة قوية في استراتيجية الطريق السيار “شرق - غرب”. وسيكون محورا مهما للتنمية الاقتصادية للولاية ولتطوير مؤهلاتها الاقتصادية وإدماجها في مسار تنمية الاقتصاد الوطني.

انتعاش النشاط المينائي

 وباعتبار أنّ ميناء “جن جن” مهيكلا وقابلا لاستقبال الشحنات الكبيرة، فإن فتح الطريق المنفذ الذي يربط مباشرة ميناء “جن جن” بالطريق السشيار “شرق - غرب”، يوضح شلابي عمار، سيجلب إليه متعاملين اقتصاديين جدد وبالتالي سيضفي حركية أكبر على نشاط الميناء التجاري في عملية التصدير والاستيراد، حيث سيكون المنطلق لتزويد مختلف الولايات بالسلع والخدمات المستوردة عبره، وبالمقابل سيكون منصة لتصدير مختلف السلع الصناعية والزراعية إلى باقي الشركاء التجاريّين للجزائر.
كما أنّ تنشيط وتطوير القطاع السياحي نظرا لطابعها السياحي الفريد من نوعه بما تملكه من مؤهلات، فإنّ وجود هذا الطريق سيكون دافعها وحافزا لزيادة إقبال الزائزين والسائحين من مختلف الولايات الداخلية، ممّا سينعكس على انتعاش القطاع السياحي بالولاية وتطوره، ليصبح بذلك قطاعا اقتصاديا هاما في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليس على المستوى المحلي فقط بل حتى على المستوى الوطني، وهذا ما سيعطي دفعا قويا نحو الاستثمار في قطاع السياحة بالولاية مع وجود 19 منطقة للتوسّع السياحي، حيث من المنتظر أن يساهم هذا القطاع مساهمة قوية في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتكريس مسار تنويع الاقتصاد الوطني.

تسهيل حركة النقل

 ويرى البروفيسور أنه سيكون هذا المنفذ الطريق السيار “جن جن ـ العلمة”، محورا مهما في قطاع النقل نتيجة دوره في اختزال الوقت المطلوب في عملية التنقل، فعلى سبيل المثال سيصبح بإمكان الأفراد بلوغ ولاية سطيف على مسافة 111 كلم في ظرف ساعة من الزمن فقط، والسفر إلى الجزائر العاصمة في ظرف 4 ساعات فقط، علما أنّ المدة الحالية تتراوح بين 7 و9 ساعات، وهذا الاختزال في الوقت ستكون له فوائده الاقتصادية عبر تحسين وتسريع سبل الوصول إلى الأسواق بما سينعكس على التقليل من استهلاك الوقود، وبالتالي انخفاض تكلفة نقل السلع والخدمات، ومن ثم ستصل إلى المواطنين بأسعار أرخص من ذي قبل. ومن جهة أخرى سيعمل هذا الطريق على تسهيل حركة النقل التجاري أشغال الطريق العابر للصّحراء الرابط بين خمس دول إفريقية، لتصبح جيجل بذلك ولاية حيوية لها أبعاد وطنية إقليمية وقارية، ليس للمناطق الداخلية فقط وإنما إلى عمق الصّحراء الجزائرية الكبرى، وأكثر من ذلك سيكون للولاية موقع مرموق على الصعيد المتوسطي والإفريقي من خلال هذه المنشأة الإستراتيجية، خاصة أشغال الطريق العابر للصّحراء الرابط بين خمس دول إفريقية، لتصبح جيجل بذلك ولاية حيوية لها أبعاد وطنية وإقليمية وقارية.

تطوير التجارة البينية في المجال الصناعي والفلاحي بـين جيجــل وباقـي الولايـات

 وجود هذا الطريق المنفذ، يؤكّد البروفيسور عمار شلابي، سيؤدي إلى تطوير الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط التجارة البينية في المجال الصناعي والفلاحي بين جيجل وباقي الولايات، وبالتالي سيكون عاملا مساعدا في التنمية الزراعية والصناعية للولاية، ومصدرا هاما لترقية الاستثمار المنتج للثروة. وبالتالي سيجعل هذا الطريق من الولاية بمثابة منطقة عبور ومحور مهم في تعزيز الترابط الاقتصادي والتجاري بين ولايات الوطن.
بالإضافة إلى الحد من ظاهرة الهجرة الريفية، يضيف شلابي، “بما أنّ الطريق المنفذ سيقطع مئات المشاتي والقرى المنتشرة عبر إقليم الولاية، والتي غالبا ما عانت من العزلة والتهميش في السنوات الماضية ودفعت بالكثير من سكانها لمغادرتها نحو المدن بحثا عن سبل أفضل للعيش، لذلك فمن المنتظر أن ينعكس وجود هذا الطريق ايجابيا” على هذه المناطق من خلال تثبيت سكان الأرياف في مناطقهم الأصلية وتحسين ظروفهم المعيشية، وتسيير حركة التجارة ونقل البضائع لهم، كما من شأنه أن يخلق فرص عمل ومصادر دخل لهم، بحكم أنّ مشاتي وقرى الولاية تتوافر على أنشطة تربية النحل والدواجن والمواشي، كما تزخر بكثرة الأشجارالمختلفة والثروة الغابية مثل الفلين، الزان والخلنج، والتي تستعمل في صناعة الأواني الخشبية المنزلية والزخرفية، والتحف الفنية والحرفية التي تلقى إقبالا ورواجا كبيرين سواء داخل الولاية أو خارجها.

تثمين العقار وتشجيع الاستثمار

 من جهة أخرى، يؤكّد الأستاذ بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، أنّ أهمية المنفذ الطريق السيار “جن جن ـ العلمة”، سيعمل على تثمين العقار من خلال خلق مساحات تبادل تجاري على غرار موانئ جافة، وحظائر لوجيستيكية، ما يؤدي إلى رفع أسعار الأراضي وقيمة إيجارها لأنه سيساعد على استغلال كثير من الأراضي التي لم تستغل بسبب بعدها عن مركز المدن وعدم اتصالها بتلك المراكز، وهذا يعني أنّ فتح الطريق سيهيأ ظروفا ملائمة لربط تلك المناطق النائية بالأسواق، ممّا سيشجّع على استثمارها ورفع قيمتها.
وتشجيع الاستثمار المحلي وفرت له كل شروط النجاح  في ولاية جيجل لتجسيد مشاريع استثمارية ناجحة، بوجود الطريق المخترق للطريق السيار الذي سيسمح بنقل البضائع والمسافرين بين ولايتي جيجل وسطيف بسرعة  100 كلم في الساعة بالنسبة للبضائع و60 كلم في الساعة بالنسبة لنقل المسافرين، كما سيسمح أيضا بتقليص مدة التنقل ورفع التبادلات التجارية بين الولايتين المؤهلتين لاحتضان مشاريع صناعية كبيرة، ولأن المؤسسات الاقتصادية تبحث عن المناطق المفتوحة والسهلة التنقل منها وإليها لإقامة استثمارات، وفقدان هذا العنصر يولّد ظاهرة العزوف عن الاستثمار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19717

العدد 19717

الخميس 06 مارس 2025
العدد 19716

العدد 19716

الأربعاء 05 مارس 2025
العدد  19715

العدد 19715

الثلاثاء 04 مارس 2025
العدد 19714

العدد 19714

الإثنين 03 مارس 2025