إحصــــاء دقيــــــق لرؤوس المواشي..ضبط العدد الحقيقي والتوزيــــــع الجغـــــــــرافي لتحســـــــــين التخطيــــــــــط الزراعــــــــي
ثمّنت الفدراليات والجمعيات الناشطة في مجال تربية المواشي القرارات الأخيرة، التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، والتي تهدف إلى إحصاء دقيق لرؤوس المواشي عبر مختلف ربوع الوطن، وتأتي هذه الخطوة في ظل التناقص الملحوظ الذي تشهده الثروة الحيوانية منذ سنوات، ممّا جعل تنظيم القطاع أولوية لتثمين الثروة الحيوانية وتحقيق الأمن الغذائي.
أكّد اجتماع مجلس الوزراء الأخير، على أهمية الإحصاء الدقيق لرؤوس المواشي، لأجل رسم سياسة زراعية واقتصادية ناجعة، خاصة وأنّ هذا الإحصاء يساهم في بناء قاعدة بيانات دقيقة تعكس الواقع الفلاحي، وتبرز نقاط القوة والضعف في قطاع الثروة الحيوانية، مع استعمال الأنظمة الرقمية والتطبيقات الخاصة بالمربّين، والاستفادة من بيانات المؤسّسات المعنية لتقديم أرقام دقيقة وواقعية.
وأبرز رئيس الجمهورية أهمية الإحصاء، باعتباره وسيلة ضرورية لمعرفة الإمكانات الوطنية وتحديد الاحتياجات، ممّا يساعد على اتخاذ قرارات صحيحة مبنية على بيانات علمية دقيقة، خاصة وأنّ هذا الأخير يساهم في تحسين توزيع الموارد بطريقة عادلة وتوجيه السياسات العامة نحو الفئات والمناطق الأكثر حاجة.
تخطيــــط زراعـــي فعّــــال
وفي السياق، ثمن رئيس الفدرالية الوطنية لمربي المواشي، إبراهيم عمراني، في تصريح لـ “الشّعب”، قرار الإحصاء الدقيق لرؤوس المواشي، وأبرز أهمية العملية في توفير الأرقام الحقيقية لعدد رؤوس الماشية وتوزيعها الجغرافي، ممّا يساهم في تحسين التخطيط الزراعي، وتوفير الأعلاف والخدمات البيطرية بشكل أكثر فعالية، كما أشار إلى أهمية الإجراء من حيث دعم الثروة الحيوانية وزيادة الإنتاجية.
وقال في ذات السياق:« إننا نعاني من عجز في أعداد رؤوس الماشية منذ أربع سنوات، والإحصاء الدقيق هو الحلّ الوحيد لمعرفة العدد الحقيقي للأغنام والأسباب وراء هذا النقص المسجّل في قطاع الثروة الحيوانية، والذي أرجعه البعض إلى ذبح إناث الخروف، ممّا أدى إلى تراجع الإنتاج الحيواني”.
أما بشأن عملية استيراد نحو مليون رأس من أضاحي العيد، فقد أكّد عمراني أنّ هذا القرار سيساهم في دعم القدرة الشرائية وحماية الثروة الحيوانية، وأوضح أنّ العملية ستوفّر للمواطن الجزائري عدة خيارات، كما حدث مع اللحوم الحمراء، حيث أثبتت الحكومة فعالية قرار استيراد اللحوم الطازجة، ومع تطبيق هذا القرار على الأغنام، من المتوقّع أنّ يشهد السوق تراجعا طفيفا في الأسعار، حيث أنّ السوق يخضع لمبدأ العرض والطلب، ومع توفّر العرض بشكل أكبر، من المتوقّع أن تنخفض الأسعار بنحو 20 بالمائة تقريبا.
وأضاف المتحدّث، أنّ هذه الخطوة تسمح بتحقيق التوازن في السوق، خاصة في ظل الطلب المرتفع على الأضاحي خلال عيد الأضحى، وأكّد أنّ استيراد الأضاحي يساهم في تلبية احتياجات المواطنين بأسعار معقولة، ممّا يقلّل من الضغط على السوق المحلي ويمنح فرصة للمربين المحليّين لتحسين إنتاجهم أكثر.
كما أشار عمراني إلى أهمية الإحصاء الوطني في توفير بيانات دقيقة وموثوقة، والتي تساعد على اتخاذ قرارات اقتصادية استراتيجية تدعم استقرار السوق وتلبي احتياجات المواطنين، كما أوضح أنّ عملية استيراد المواشي تمت بعد تسجيل نقص في عدد الرؤوس والتذبذب المسجّل في سوق الماشية.
اهتمام بالثروة الحيوانية
من جهته، رئيس الجمعية الوطنية لمربي المواشي مصطفى حيمودي، أعرب عن ترحيبه القوي بقرار رئيس الجمهورية المتعلّق بالإحصاء الدقيق لرؤوس المواشي، الذي يسمح بوضع خطة فلاحية خاصة من حيث الأعلاف، التغذية والرعاية البيطرية، وأضاف أنّ هذا القرار سيسمح بتحسين الإنتاج الوطني وتعزيز القطاع الفلاحي في البلاد.
وأشار حيمودي، إلى أنّ الإحصاء الدقيق لرؤوس المواشي يعد خطوة هامة نحو تنظيم القطاع، حيث سيمكّن من تحديد حجم الإنتاج الوطني بدقة، ممّا يسهّل وضع برنامج خاص موجّه لدعم المربّين من خلال تقديم التسهيلات اللازمة، سواء ما تعلّق بالتمويل أو تأمين المستلزمات.
كما يساهم الإحصاء الدقيق، يضيف المتحدث، في تحديد احتياجات السوق لاسيما خلال المناسبات الكبرى مثل عيد الأضحى، حيث يمكّن من تحديد حجم الطلب بصفة دقيقة، ويساعد الجهات المعنية على اتخاذ قرارات مبنية على معلومات صحيحة، بما في ذلك تحديد الكميات المناسبة التي يمكن استيرادها لتغطية الحاجيات دون إفراط.
وتكمن أهمية هذه المعطيات الإحصائية في تفادي أيّ اختلالات محتملة في توازن العرض والطلب، ممّا يساهم في استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطن التي تعتبر أولوية للسلطات، كما تعد أداة محورية في توجيه السياسة المتعلّقة بالاستيراد والإنتاج المحلي، بما يضمن تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وعليه، فإنّ لإحصاء الدقيق لرؤوس المواشي يمثل خطوة ضرورية لتنظيم قطاع تربية المواشي الذي يشهد تذبذبا، ودعمه على أسس علمية واقتصادية متينة، فهذا الإجراء لا يقتصر فقط على توفير بيانات صحيحة، بل يشكّل قاعدة جديدة نحو تخطيط زراعي فعّال، وتحقيق الأمن الغذائي الوطني.