يعتبر إصلاح نظام التمويل المحلي أحد أهم المحاور الرئيسية والمتطلبات الأساسية لفعالية التنمية يطرح بقوة إلزامية لإعادة النظر بشكل عميق في أداء الجماعات المحلية ليكون ذلك بمثابة أرضية يتم على أساسها تجسيد الاستقلالية المالية كمرحلة ثانية. والتي لازالت تشكل جدلا واسعا باعتبارها الشق الأساسي في الإصلاح، لا يمكننا معالجة إشكالية بشكل منفرد عن مظاهر التبعية الإدارية للسلطة المركزية، لتكتمل لدينا في النهاية الرؤية في تحديد مواطن الخلل في تجسيد الأهداف المرجوة.
وأجابنا الدكتور شباح رشيد من جامعة تيارت وأحد المهتمين بالملف عن سؤال مفاده، هل يقتصر إصلاح نظام التمويل على الجانب البشري أم يشمل جوانب آخرى؟
يرى في هذا السياق، ان الملف يجب ان يبدأ بتحقيق نقطتين أساسيتين وهما إصلاح نظام التمويل المحلي في الجزائر والذي يحتاج إلى الاستقلالية المالية للجماعات المحلية وايجاد صيغة مثالية . كما يجب تحسين علاقة السلطة المركزية بالجماعات المحلية وايجاد مصادر التمويل المحلية والأعباء التي تتحملها الجماعات المحلية، كما يجب تحديد مفهوم الاستقلالية المالية . ويختلف العديد من الباحثين في تحديد مفهوم الجماعات المحلية، ولذلك نجد أهم التعاريف التي وردت في هذا الشأن تستخدم مصطلح الجماعات الإقليمية، ومنهم من يستعمل مصطلح الإدارة المحلية للدلالة على اللامركزية الإدارية ومنهم من لجأ إلى استخدام مصطلح الحكم المحلي.
ومن بين النقاط التي يجب التركيز عليها يرى ضيفنا انه يجب إخضاع مداولات المجلس الشعبي الولائي للرقابة القضائية، لأن المشرع الجزائري يرى أنّ الاحتكام إلى القانون على مشروعية مداولات المجلس الشعبي الولائي إحدى أهم وسائل تجسيد الاستقلالية للجماعات المحلية والنظام اللامركزي ككل يقوم على توزيع الوظائف الإدارية بين السلطة المركزية والجماعات الإقليمية المنتخبة، وبالتالي ضرورة منح حرية أكثر للجماعات الإقليمية في الصلاحيات المحلية، وعمليا يتم إبطال المداولة للمجلس الولائي من خلال صلاحية رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية المختصة إقليميا من طرف والي الولاية.
والتخفيف من الوصاية الممارسة على أعضاء المجالس الشعبية: قام المشرّع بتقييد دور وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية في الرقابة على أعضاء الجهاز التداولي الولائي، مع اعتماد نوع من التخفيف في إقالة أعضاء المجالس الشعبية البلدية، وهو ما نص عليه قانون الولاية لسنة 2012 (القانون رقم 12-07) في مادته 43 التي جعلت الوصاية الممارسة على أعضاء المجلس الشعبي الولائي بيد الجهاز التداولي وما على السلطة الوصية سوى التصريح بما وصل إليه المجلس، بالإضافة إلى تقييد دور الوالي كذلك في إقالة أعضاء المجلس الشعبي البلدي، هو ما نصت عليه المادة 45 من القانون المتعلق بالبلدية (القانون رقم 11-10) والتي تضمنت الاستقالة التلقائية بسبب الغياب عن 03 دورات في نفس السنة دون مبررات مقبولة (يصادق المجلس على استقالة العضو المنتخب بعد سماعه ويخطر الوالي باستقالة هذا العضو). أما عن مصادر التمويل المحلية والأعباء التي تتحمّلها الجماعات المحلية، يقول الدكتور شباح ان الإيرادات الجبائية في مالية الجماعات المحلية أهم مورد باعتبارها ثلاثة أرباع الموارد المالية لميزانية الجماعات المحلية، إلى جانب المداخيل غير الجبائية الناتجة عن مداخيل أملاك الجماعات المحلية، وعلى هذا الأساس نتناول بنوع من التفصيل هذه الإيرادات، وفق المصادر المصنّفة كالضرائب والرسوم العائدة للجماعات المحلية كلية والإيرادات الجبائية المشتركة بين الجماعات المحلية والدولة.