تشكّل ثروة النّخيل موردا طبيعيا هاما بعدة ولايات جنوبية، وعلى الرغم من الإنتاج الوفير والمساعي الرامية إلى النهوض بالقطاع إلا أن عملية تطوير زراعتها تواجه تحديات كبيرة، حيث يمثل النقص المسجل في اليد العاملة المتخصصة في العناية بالنخلة أبرز الصعوبات التي تعترض سبيل عملية تطوير زراعتها، والرفع من جودة المنتوج المحلي التي ترتكز بشكل أساسي على هذا النوع من المهن التي تتمحور حول جني التمور، والاهتمام بتنظيف النخلة بشكل دوري والعمل على وقايتها من مختلف الأمراض، وهي مهن مهددة بالاندثار في ظل عزوف الشباب عن مزاولتها بسبب غياب المهارة والتكوين من جهة، وتراجع الاهتمام بهذه الثروة محليا بالمقارنة بالماضي.
من بين الخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها في هذا الجانب، إطلاق برنامج لتكوين متسلقي النخيل في إطار مشروع تمهين متسلقي النخيل المدعم من طرف الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع جمعيات ويهدف هذا المشروع إلى إعادة الاعتبار لمهنة متسلق النخيل التي يؤثر نقص اليد العاملة المؤهلة فيها على تطور شعبة النخيل الجزائري.
كما يستهدف هذا التكوين عمال النخيل اليوميين في المقام الأول، وعمال النخيل والمزارعين الذين يرغبون في تحسين تسيير مزارعهم الخاصة، وتكملة دخلهم من خلال تقديم خدماتهم في بساتين المجاورة، ويمس مشروع التكوين التجريبي ثلاث ولايات أولوية وهي أدرار، الوادي وورقلة لكنه يبقى مفتوحا للمترشحين الراغبين في التكوين من الولايات الأخرى، كما سيتم توسيعه قريبا إلى بقية المناطق التي تتميز بزراعة النخيل.
يهدف هذا التكوين التأهيلي إلى اكتساب 14 مهارة أساسية للمتخصص في النخيل يتم بالتناوب، ويستمر في مجمله 45 يوما مقسمة على عدة فترات يتم تعيينها وفقا للجدول السنوي لزراعة نخيل التمر، حيث يشتمل على بعض الحصص النظرية ولكن يتم بشكل أساسي على شكل أعمال تطبيقية في بستان النخيل، ومن بين المهارات التي يتم التركيز عليها، تسلق شجرة النخيل لتنفيذ العمليات في الأعلى بأمان باستعمال معدات الوقاية الشخصية المناسبة، القيام بأعمال لصيانة الخاصة بنخيل التمر على الأرض، الري والتسميد وإزالة الأعشاب الضارة، تنظيف وإزالة الأعضاء الميتة للحصول على نخلة سليمة وآمنة للمتسلق، القضاء على النخيل المزعج وغير المنتج، تلقيح النخيل، تعديل وزن العراجين بالنسبة لقوة النخلة، إعداد الفسائل التي سيتم غرسها، غرش أشجار النخيل، حماية العراجين وتغليفها لتفادي أخطار التقلبات المناخية والغبار والطفيليات، جني التمور المبكرة، جني التمور وفقا لوجهتها التجارية.
تجدر الإشارة إلى أن قافلة تحسيسية حول مهنة تسلق النخيل انطلقت من دائرة تماسين، وينتظر أن تمر عبر عدة مناطق معروفة، وذلك انطلاقا من قيمة الواحة الجزائرية التي تقدر بحوالي 18 مليون نخلة تحتاج إلى رعاية من قبل عمال مؤهلين، ولأن تلبية احتياجات العمل في واحة النخيل غير كافية في العديد من أحواض إنتاج التمور حاليا، فإن خدمة النخيل تتم من قبل عمال غير أكفاء وغير مستقرين، في حين يبقى من المهم الانفتاح على محترفي النخيل الحقيقيين القادرين على استخدام الأدوات الحديثة في بيئة عمل آمنة وفعالة.