قاطنو عمارة ممر أكلي عايد بحي طنجة بالجزائر الوسطى، ذهبوا ضحية “لون” اختاره الخبير المعين لتصنيف عمارتهم بأن يكون برتقاليا غداة زلزال بومرداس، في ٢٠٠٣. ومنذ ذلك التاريخ والبناية في انزلاق هادئ وتصدعات أحدثت شروخا مخيفة، وبالرغم من هذا الخطر المحدق بالبشر، فإن تسع عائلات ما تزال بداخلها. كل يوم تسجل حالة الهلع، وفي كل لحظة تشد الأنظار إلى العمق الذي يبتلع واجهتها، بدءا بالمدخل الرئيسي.
وقد تأكدنا من ذلك خلال زيارتنا للمكان وملاحظتنا الميدانية للوضعية المأسوية للعمارة المهددة في كل لحظة بالسقوط، بعد أن تشققت الجدران السندية بسنتيمترات واسعة أصبحت عبارة عن شروخ ظاهرة للعيان في كل الطوابق.
وإلى يومنا هذا أهلها لم يغادروها، بل فضلوا البقاء رفقة ذويهم، وأبنائهم وبناتهم، صامدين في وجه من صنفهم في “البرتقالي” بدلا من “الأحمر” ومن لم يصبغ بالثاني لا يرحل أبدا. هكذا قيل لسكانها، بمعنى أن “الأول” قابل للترميم، هذا مقبول نظريا، لكن واقعيا ندعو مسؤولي ولاية الجزائر أن لا ينظروا إلى “الخطر” بقيمة اللون. هنا أناس في شدة، فما على هؤلاء إلا إخراجهم منه أو إنقاذهم بالسرعة المطلوبة، والحجة في كل هذا أن الأولوية لساكني الأسطح والأقبية و«الضيق” هل هذا منطق معقول ومقبول؟ هذه المقاييس لا يعمل بها في حالة وجود الخطر، ومثال حي تماغليت بـ “روبوتان” ما تزال حديثة العهد، لذلك لا تريد تلك العائلات الوصول إلا ما لا يحمد عقباه.
بلدية الجزائر الوسطى، دونت ملاحظة مفادها الإخلاء الفوري، إلى أين يذهب هؤلاء؟ هل يحالون على مصلحة العقار لولاية الجزائر، قصد كراء لهم إقامات، مقابل انتظار الانتهاء من عملية الترميم، التجربة بينت أن حالة أخرى، يعاني أصحابها من تعقيدات إدارية بعد أن وصلت عملية الكراء إلى نهايته من قبل الولاية، ولم تجدد حتى الآن.
إننا حقا أمام حالة إنسانية قبل أن تكون إدارية، و بالرغم من هذا الطابع المذكور، فإن المعنيين المباشرين بالبناية وجدوا أنفسهم أمام أبواب مسدودة، ونقصد بذلك هم الآن في مستوى “اللاحل” كل واحد يريد التخلص منهم، يسجل ملاحظة مغادرة العمارة أو يحيلهم على جهات أخرى، والحل مؤجل إلى إشعار آخر، وللأسف فهو موجود، لكن المسؤولية كل المسؤولية ألقيت على عاتق ذلك الشخص الذي صنفها في البرتقالي، والأجدر الأحمر. وكل النقاش حول اللون بدلا من الانتقال إلى أفاق رحبة، هذا هو الإشكال القائم اليوم، ووقع الجميع في هذا الخطأ الفادح، عند سقوط العمارة لا قدّر الله.
ينتهي الحديث عن اللون ومسؤولية فلان وعلان، نأمل أن لا نصل إلى هذه الدرجة، إن تحلى الجميع بالتعقل، لأننا أمام أرواح بشرية لا نريد تضييعها هكذا، وقبل فوات الأوان، لأن الإنذارات لا تنتهي كان آخرها الأسبوع الماضي، تحركت العمارة ليلا، الجميع حضر للمعاينة فقط. فإلى متى مسلسل الهلع في عمارة أكلي عايد بحي طنجة بالجزائر الوسطى.