تقدم مديرية التشغيل لولاية بومرداس ومعها الوكالة الولائية «انام» تقارير دورية عن واقع القطاع وعدد التنصيبات المحقّقة في مختلف القطاعات الاقتصادية وأنماط التشغيل الكلاسيكي وعقود العمل المدعمة التي استفاد منها شباب الولاية، خاصة منهم خريجو الجامعات ومراكز التكوين المهني في محاولة لإضفاء نوع من الشفافية، مقابل تزايد الاتهامات والشكاو المرفوعة من قبل المسجلين في الوكالات المحلية بالدوائر بسبب عدم تكافؤ الفرص في التوظيف خاصة في المؤسسات الاقتصادية..
اتجهت سياسة التشغيل في السنوات الأخيرة نحو القطاع الاقتصادي العمومي والخاص بغرض امتصاص مزيد من اليد العاملة وسط الشباب وحاملي الشهادات والتخلي التدريجي أو التقليل من فرص التوظيف الإداري بسبب الضائقة المالية وهي الإجراءات التي حاولت وكالة التشغيل المحلية بولاية بومرداس اللعب عليها بغلق كل الأبواب في وجه طالبي العمل بحجة غياب المناصب الشاغرة.
نفس الأمر بالنسبة للفرص العديدة التي توفّرها المؤسسات الاقتصادية العمومية على غرار سونلغاز، سونطراك وغيرها من الشركات الأخرى التي لم تعد في متناول جميع المسجلين في وكالات التشغيل المحلية حسب تصريحات بعض الشباب مقارنة مع الوكالة المحلية لعاصمة الولاية، والاكتفاء بما تقدّمه بعض المؤسسات الخاصة في مجال الأشغال العمومية والبناء وبعض الأنشطة الصناعية والفلاحية من عروض في إطار عقود العمل المدعمة «ستيا» والكلاسيكي لم تعد تلقى الاهتمام من قبل الشباب البطال مثلما توقفت عنده «الشعب» في حديثها لعدد منهم من الذين خاضوا تجارب توقفت في نصف الطريق نتيجة الاستغلال ورفض المستخدمين دمجهم النهائي وترسيمهم في المنصب بعد انتهاء العقد رغم الامتيازات الجبائية وأخرى على مستوى صندوق الضمان الاجتماعي لتحفيزهم على التوظيف.
فإذا ما حاولنا تقديم قراءة في الأرقام المقدمة من طرف الوكالة الولائية للتشغيل بولاية بومرداس الخاصة بعدد التنصيبات، نجد أنها وصلت إلى 13092 تنصيب من مجموع 46064 طلب عمل استحوذ فيه القطاع الصناعي حصة الأسد بمجموع 7116 عرض عمل بنسبة 48 بالمائة، يليه قطاع البناء والأشغال العمومية بمجموع 4088 عرض بنسبة 27 بالمائة، وبالتالي فإن القطاع الخاص من الناحية القانونية استحوذ على نسبة 88 بالمائة من نسبة التنصيبات بمجموع 9102 تنصيب مقابل 1955 في القطاع الاقتصادي العمومي، يضاف إليها 12641 تنصيب خلال سنة 2017.
لكن وبنظر المتتبعين وأصحاب التجارب القاسية من الشباب المستفيد «تعتبر مناصب غير مستقرة وأغلبها ظرفية ومؤقتة لأن النسبة الكبيرة من هذه الحصة أحيلت مجددا على البطالة بمجرد انتهاء عقد العمل أو حتى قبل هذا التاريخ، وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات حول نجاعة سياسة التشغيل بولاية بومرداس في غياب المتابعة والرقابة من طرف مفتشية العمل والمعطيات الدقيقة حول مصير هؤلاء وظروفهم المهنية المتدنية داخل ورشات البناء ووحدات الإنتاج وحديث عن تهرب المستخدم من دفع المستحقات المالية، وهل هناك إثبات أن أرقام التنصيبات المقدمة على الورق يمكن تتبع أثرها في ميدان الشغل؟
إشكالية أخرى كان طرحها مدير التشغيل بالولاية وتتعلّق بارتفاع نسبة العزوف ورفض الشباب المسجّل على مستوى وكالات التشغيل المحلية قبول عروض العمل في بعض المؤسسات والمقاولات في محاولة لتحميل هؤلاء مسؤولية عدم الرغبة في العمل، في حين أعتبر بعض الشباب الذين عرضت عليهم فرص عمل لدى الخواص في حديثهم لـ»الشعب» بأنها عروضا لا ترقى إلى مستوى تطلعات الشباب خاصة الجامعي من حاملي الشهادات العليا إما بسبب التخصّص أو بسبب أنها مناصب غير دائمة ولا تتوفر فيها الشروط المهنية المطلوبة، إنما تؤدي فقط إلى شطبهم من قائمة طلبات العمل بحجة الاستفادة من فرصة عمل واحدة غير متجدّدة على غرار عقود ما قبل التشغيل على مستوى وكالة أنام ومديرية النشاط الاجتماعي.
كما أكد بعض الجامعيين من حاملي الشهادات العليا في التخصّصات التقنية والعلمية وحتى من خريجي معهد المحروقات والكيمياء متحدثين لـ»الشعب»، أنهم مسجلين منذ سنوات بفروع وكالة التشغيل المحلية المتواجدة في كل من دائرة دلس، الثنية، برج منايل وخميس الخشنة لكنهم لم ينظر إليهم رغم التجديد المتكرّر لبطاقة التسجيل، في حين تمّ توظيف عشرات الشباب المسجلين بوكالة عاصمة الولاية وحتى من خارج بومرداس في مؤسسات اقتصادية وطنية كسونطراك، سونلغاز وعدد من المؤسسات الاقتصادية الأخرى بحجة الإقامة»، وهي الوضعية التي أثارها مؤخرا بعض المسجلين بسبب مناصب التوظيف بشركة سونلغاز منها ورشة مشروع محطة الكهرباء برأس جنات، ونفس الأمر بالنسبة لعقود التحويل من وكالة النشاط الاجتماعي إلى وكالة أنام بعد انتهاء عقد التوظيف الذي يمتد لـ30 شهرا غير المتاح لجميع المسجلين، حسب تعبيرهم.