شهدت السنتان الأخيرتان اقتطاع أكثر من 3 آلاف هكتار من الأراضي الموجهة لزراعة الحبوب لفائدة الأشجار المثمرة، والتي تشمل الكروم على وجه الخصوص اضافة الى غرس الفراولة على نطاق واسع ضمن توجه جديد للقطاع الفلاحي بالولاية تماشيا ومحدودية الأراضي الفلاحية وعدم ملاءمتها للزراعات الواسعة.
في ذات السياق، فقد اعتادت المصالح الفلاحية تسجيل ما يربو عن 17 ألف هكتار من الأراضي يتم زرعها سنويا بمختلف أنواع الحبوب خلال أكثر من عقد من الزمن، إلا أنّ الأمور تغيّرت بشكل محسوس خلال السنتين الأخيرتين حين انخفضت تلك المساحات الى حدود 14500 هكتار من بينها 3350 هكتار موجهة لإنتاج البذور، ويرتبط هذا التوجه حسب مصادرنا من المصالح الفلاحية والغرفة الفلاحية الى تداعيات مشاريع الشراكة بين الفلاحين والمستثمرين الراغبين في انعاش القطاع الفلاحي، بحيث لجأ العديد منهم الى الاستثمار في الأشجار المثمرة مع التركيز على الكروم والحمضيات بالدرجة الأولى، الأمر الذي أفرز تقلّصا ملحوظا للأراضي الموجهة لزراعة الحبوب، في حين أشار رئيس الغرفة الفلاحية رشيد عثمان طلبة الى أنّه لولا عائق مياه السقي لتمّ تخصيص مجمل الأراضي الفلاحية بلاولاية للخضروات والاشجار المثمرة بالنظر لخصوبتها العالية.
ولأنّ الأراضي الفلاحية للولاية تعتبر من أخصب الأراضي عبر الوطن، فقد أشارت مديرة المصالح الفلاحية لتيبازة عذرة تيرة الى كون 3350 هكتار من مجموع قرابة 14500 هكتار موجهة لزراعة الحبوب بتيبازة تعنى بانتاج البذور وفقا لبرنامج وطني تؤطره عدّة هيئات ومصالح عمومية، من أهمها المعهد الوطني للزراعات الواسعة والمركز الوطني للتصديق على البذور بمعية المصالح الفلاحية والغرفة الفلاحية، بحيث تحتفظ الولاية بجملة من الميزات والمؤهلات المرتبطة بنوعية التربة ونوعية المناخ والتحكم في المسار التقني مما أهّلها لاحتلال مرتبة جدّ مشرّفة في هذا المجال وطنيا من حيث المردود الذي يبلغ أحيانا حدود 50 قنطار في الهكتار بالنسبة للقمح الصلب و60 قنطار في الهكتار بالنسبة للقمح اللين ليشكّل محصول الولاية من البذور، ما يعادل 80 بالمائة من انتاج الولايات المحيطة بها.
وفيما يتعلق بأهم العقبات المسجلة لدى مزارعي هذه الشعبة، أشار رئيس مكتب الارشاد والتكوين بمديرية المصالح الفلاحية لتيبازة مولود جلايلي الى أنّها تتثمل أساسا في تذبذب التساقطات المطرية خلال الفترات الحساسة من نمو مزروعات هذه الشعبة والحاجة للتحول نحوالسقي التكميلي، في حين أنّ العديد من الفلاحين لا يحوزون على التجهيزات والتقنيات الضرورية، كما تؤثّر الأعشاب الضارة المتأخرة التي تصعب معالجتها بشكل مباشر على نوعية ومردود الانتاج، ناهيك عن تعرّض بعض المزارع للأمراض الفطرية خصوصا خلال السنوات التي تشهد رطوبة عالية، ومن ثمّ فقد تمّ التركيز بشكل ملحوظ على الخرجات الميدانية من طرف فرق متخصصة لارشاد المزارعين الى أهم السبل الكفيلة للتخلص من العقبات المذكورة، وهي الخرجات التي تبلغ ذروتها خلال الفترة الربيعية التي تساير فترة النمو، الأمر الذي ساهم بشكل ملحوظ في تحسين المردود وترقية المنتوج على مدار السنوات الأخيرة.