تنصيب اللّجنة المركزية المختلطة المكلّفة بإعداد ورقة الطّريق للنّظام الوطني للعنونة الخاص بتسمية الأماكن العمومية والشّوارع وترقيم البنايات، جاءت من أجل التفكير الجدي في تصوّر جديد، وصيغة مبدعة في كيفية وضع معالم ثابتة لفضاءات المدينة تكون وفق مرجعيات ذات الدلالة التاريخية أو الشّخصيات الصّانعة للأحداث يرافقها في ذلك ترقيم قائم بذاته.
والتّشخيص لهذا العمل يؤدّي بنا إلى القول بأنّ المنهجية المتبعة من قبل البلديات سارت على سابقتها أو بالأحرى توارثتها عن فترة ما قبل الاستقلال، أي تغيير اسم باسم آخر فقط ممّا أوقعها أحيانا في تشابه معقّد من النّاحية الادارية كلّفت سعاة البريد متاعب جمّة في عملهم اليومي ممّا يحتّم عليهم إعادة الرّسائل والوثائق الأخرى الى مراكز الفرز.
الكثير من لجان البلدية المكلّفة بالتّسمية لا تنسّق فيما بينها من ناحية إطلاق الأسماء على الأحياء لتجد في نقاط لا تبعد عن بعضها البعض نفس اسم الرّمز المقاومة أو غيره يتكرّر هنا وهناك شوارع، مؤسسات، مرافق، ساحات، حدائق وكذلك من ولاية الى أخرى.
غياب هذا العمل الثنائي المتكامل بين بلدية وأخرى، جعل كل واحد يجتهد انطلاقا من القائمة المعدّة لهذا الغرض دون الاطلاع على نظيرتها الأخرى أوقع هؤلاء في هذا التشابه الذي لا يخدم الجانب التقني فقط أي تفادي الوقوع في الأخطاء عند مراسلات معينة أو البحث عن عناوين ضرورية من متطلّبات العمل.
قد تكون هذه التّفاصيل جزء من الاستراتيجية المبحوث عنها في خارطة طريق المعلنة قصد ضبط الملف على طريقة لما كان سائدا في السّابق عندما تحدّد مناطق بأوصاف غير مقبولة من الناحية الادارية، وماتزال للأسف سارية المفعول مثل حي ١٢٠٠ سكن والأرقام لا تنتهي في هذا الشأن، ومتوسطة الحديد والصلب التي تغيّر اسمها مؤخّرا بدلا من أن يطلق عليها اسما معينا واضحا تربط بالمكان الموجودة فيها تلك المؤسّسات “سوناكوم” الرويبة، “لي بارو روج” بواد قريش، ناهيك عمّا هو موجود في الولايات الأخرى.
لذلك، فإنّ اللّجنة المركزية المختلطة للنظام الوطني للعنونة عليها تشخيص الوضعية الرّاهنة وفق معرفة دقيقة لا تعمل على تغيير ماهو موجود لكن تسعى من أجل تعزيز وتدعيم ما كان معمول به على قواعد جديدة، خاصة من الناحية التقنية مع كل هذا التطور التكنولوجي، والسّير بواسطة ما يسمى بجهاز “جي، بي، أس” الذي يتطلّب معطيات صحيحة.
ومثل هذا العمل لا ينجز بين عشيّة وضحاها بل يتطلّب وقتا معيّنا لأنّه ليست مجرد قوائم لأسماء تقترح من قسمات المجاهدين أو البلديات، وإنما الأمر يتجاوز ذلك إلى تقسيم مرن في المقاطعات السّكنية كل من يبحث عن مكان يجده بالسّهولة اللاّزمة، وفي ظرف وجيز لا يسير من نقطة إلى أخرى أو يقطع مسافات دون جدوى ويجد نفسه في وضع مقلق بسبب نقص في المعلومات.
والعديد من الأشخاص يعانون من هذا الأمر، ويوميا نلتقيهم في طرقات العاصمة، تائهين لا يوجد من يدلّهم على المكان الذي يريدون الذهاب إليه بسبب كل هذا التّداخل والتّعقيد في التّسميات بمدننا.