تشهد أسعار الخضر والفواكه خلال هذه الأيام، ارتفاعا مذهلا وصل مستويات قياسية، حيث لم يفوت التجار على مستوى مختلف الأسواق الفرصة للمضاربة مجددا بأسعار هذه المواد واسعة الاستهلاك، والتي ترجمتها الزيادات التي مسّت مختلف الخضار على غرار البطاطا والطماطم والبصل والفاصوليا الخضراء، وغيرها من الخضر الأخرى ذات الاستهلاك الواسع، فضلا عن الفواكه التي قفزت بدورها.
في هذا الصدد اقتربت «الشعب»، من بعض الوافدين على سوق الخضر والفواكه ببجاية ونقلت هذه الانطباعات، حيث تقول السيدة أمينة، «تشهد أسعار الخضر والفواكه بمختلف أسواق بجاية ارتفاعا، حيث بعد أن كانت تمسّ المناسبات، صار الوضع سائر شهور السنة، ويفوت التجار الفرصة للتلاعب بمختلف الأسعار بحجة عدم استقرارها في أسواق الجملة، وهو ما جعل أرباب العائلات تعيش على وقع صدمة جديدة ارتفاع أسعار كل أنواع الخضر والفواكه دون استثناء، وبشكل ملفت للانتباه حيث اتفق تجار التجزئة على توحيد الأسعار، حيث بلغ سعر البطاطا، أكثر المواد الاستهلاكية من طرف الجزائريين، من 90 دج، البصل من 60 إلى 70 دج، الطماطم 140 دج، اللفت والجزر ما بين 70 و80 دج للكلغ الواحد، الخس 140 دج، فيما تراوح سعر الفلفل الحلو ما بين 110 إلى 120 دج».
السيد محمود بدوره يقول، «تجد العديد من الأسرة في الوقت الراهن، صعوبات كبيرة في ملئ قفة التسوّق الخاصّة بها، فالرفاهيّة التي مكّنت منها إعدادات تقييم الأجور المتتالية التي تمّ تقريرها في السّنوات الأخيرة لفائدة العمال الأجراء لم تدم طويلا، فقد أنهكت موجات التّضخم التي مسّت تقريبا كل السّلع والخدمات، باستثناء المواد المدعومة، القدرة الشرائية للعمال، حيث اتّخذ مؤشّر أسعار المنتجات المستهلكة على نطاق واسع، منحنى تصاعديا بفعل الممارسات القائمة على المضاربة ورفع القيود التنظيمية عن السوق المحليّة، كما أن الانخفاض المستمر لقيمة الدينار قد ساهم إلى حدّ كبير في مضاعفة التقلبات الصاعدة للسوق».
وفي نفس السياق، أعرب أحد المواطنين العاملين في الوظيف العمومي عن قلقه إزاء الأمر، «لم نعد نعرف كيف نتصرف، فالأجر الضعيف الذي أتقاضاه لا يكفيني لمواجهة المصاريف اليومية، بالرغم من كونها تقتصر على الحد الأدنى من المتطلبات وأواجه صعوبات كبيرة في تغطية مصاريف نهاية الشهر، حيث أن 80 بالمئة من دخلي يُصرف فقط في تغذية عائلتي المتكونة من أربعة أفراد، وحتى في حالة الاستغناء عن بعض المشتريات، أجد الأجرة التي أتقاضاها قد تبخّرت في غضون 20 يوما على الأكثر».
الأكيد أنّ هذا الاتجاه التصاعدي لم يستثن، وفقا للأستاذ صبري، لا الخدمات ولا السلع الغذائية والصناعة الغذائية ولا حتى المنتجات المصنّعة، ولكن تجدر الإشارة إلى أن أهم زيادة في الأسعار تمسّ المنتجات الزراعية الطازجة، خاصة الفواكه، حيث عرفت أسعار هذه الأخيرة وثبة خياليّة قدرت بـ 30بالمئة خلال بضعة أشهر فقط، وينبغي القول أن أسعار بعض المنتجات التي تُعرض في الأسواق تبدو أحيانا أكثر ارتفاعا، مما تشير إليه أرقام التضخّم التي تصدر عن الديوان الوطني للإحصائيات، ومن الممكن تفسير هذا الفارق بفعل كون مؤشّرات التضخّم بالرغم من أنّها تحسب على أساس عيّنة تمثيلية للمنتجات والخدمات المستهلكة، لا تشمل مع ذلك كل السّلع الاستهلاكية ولا المنتجات المدعومة.
وفي ظلّ هذه الظروف، تجد شريحة عريضة من المجتمع نفسها فريسة للفقر وعدم الاستقرار الاجتماعي، والأسوأ في الأمر أن هذا التجريف القاعدي لا يمكن حلّه عن طريق المباشرة في تعويضات في الأجور، خاصة في الوقت الحالي المتّسم بالتأزّم الاقتصادي وانحسار الإيرادات العامة.