يتساءل الكثيرون بولاية قسنطينة عن التراجع في مشاريع البنايات العمودية، أو ما يعرف بالأبراج التي تبقى عادية نوعا ما إذا ما قارناها بنظيرتها التي تشيد في العديد من الدول الأخرى، فعلى الرغم من أن أغلب العمارات لا تتجاوز طوابقها الإثنى عشر إلا أنها تبقى محل قلق من طرف ساكنيها، وذلك بسبب تعطل المصاعد بها لتبقى هذه المعضلة تشكل هاجسا أمام سكانها سيما منهم المرضى وكبار السن، الذين أنهكتهم مشقة الصعود والنزول حتى في أشد الحالات.
في حديثنا عن شبه الأبراج بعاصمة الشرق الجزائري، نجد أن أغلبها في حالة مزرية بعد أن أصبحت شكلا من دون مضمون في غياب خدمة المصاعد التي تبقى هاجسا لسكانها، الأمر الذي أضفى نظرة تشاؤمية على مثل هذه المشاريع لتقتصر على البنايات الخاصة التي يتكفل ساكنوها بحماية وصيانة وإصلاح المصاعد من خلال مشاريع التساهمي وغيرها، حيث كان مجرد السؤال عن المصاعد في الأبراج العالية إن صح التعبير لدى إدارتنا أمر فوق طاقتهم، ولا يملكون من تقنيات الصيانة شيئا، فعلى سبيل المثال الأبراج المتواجدة بحي فيلالي، والتي تتكون من غرف صغيرة جدا لا تزيد مساحتها عن 85 متر مربع، بطوابق عالية الارتفاع أين يجد السكان هناك مشقة يومية عند التوجه لقضاء حوائجهم التي أضحت مع مرور الوقت تستنزف طاقة كبيرة منهم، خاصة سكان الطوابق العليا، ورغم الشكاوى التي رفعوها على مدار السنوات للجهات المسؤولة لإصلاح الأعطاب على مستوى المصاعد غير أنهم في كل مرة يحمّلون المواطنين وحدهم أزمة المصاعد المنعدمة في مثل هذه العمارات هذه من جهة، ومن جهة أخرى نجد نمودجا آخرا يبقى شاهد عيان على فشل مشاريع الأبراج، ونخص بالذكر خمس عمارات بحي السيلوك، والتي تضم حاليا ما لا يقل عن أربعة آلاف نسمة، وهي عمارات من 14 طابقا. هذه الأخيرة تحولت مع مرور السنوات إلى أكبر مفرغة قاذورات بقسنطينة، ونموذج فاشل بكل المقاييس، حيث تبخّرت المصاعد التي جعلت من السكان يلجأون بشكل يومي إلى رمي أكياس الفضلات والقمامة من النوافذ ومن الشرفات، بسبب عجزهم عن النزول إلى الخارج، والمشروع الذي تحول إلى مزبلة عمومية سواء في هذا الحي أو في حي فيلالي، الذي لا تعتبر حالته أفضل من حي «السيلوك».
من جهته أكد لنا شيخ في العقد التاسع من العمر يقطن في الطابق 14 بعمارة فيلالي بقسنطينة، أنه كان من قبل لا يتأخر عن الصلوات الخمس في المسجد، وبعد أن دُشّن أكبر جامع في الجزائر الذي يجاور عمارته وهو جامع الأمير عبد القادر، أصبح لا يستطيع أن يداوم على صلواته في المسجد بسبب انعدام المصاعد، فهو يصلي صلاة الجمعة في المسجد بجهد جهيد لأن الطابق 14 والمصاعد المعدومة حرمته من الصلاة وحتى من التنقلات اليومية بشكل طبيعي، ليضيف آخر آنه يعاني جراء هذا المشكل سيما أنه مصاب بداء السكري، في حين قال حتى الصغار المتمدرسين يواجهون هذه المتاعب اليومية، أما الحوامل فحدّث ولا حرج، خاصة وأن صعود حامل في شهرها السابع إلى غاية الطابق 15 هو إجهاض لمولودها و خطر عليها، هذا دون الحديث عن فئة المعاقين، نساء وكبار السن وحتى الرضّع بين أحضان آبائهم ممنوعون من تسلق هذا العلو، فمثل هذه العمارات تشكل جحيما حقيقيا ومشقة لا نهاية لها بالنسبة لهؤلاء الساكنين الذين لا يملكون من أمرهم شيئا غير أنّهم مجبورون على تحمل خلفيات انعدامها.