الأخصـّائية النّفسية وجدان بلعلمي لـ “الشعـب”:

هذا هـو الجانب المظـلـم لمـنصـّات التواصل الاجتماعي

إيمان كافي

 في العصر الرّقمي الحديث، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءا لا يتجزّأ من حياتنا اليومية، هذه المنصّات مثل فيسبوك، تويتر، إنستغرام، وتيك توك، تقدّم فرصا هائلة للتفاعل وتبادل المعرفة، إلا أن هناك جانبا مظلما لهذه المواقع، حيث يمكن للبعض استغلال الأطفال والفئات المجتمعية الهشة بطرق شتى وبدون أدنى رقابة، وهو ما يشكّل تهديدا حقيقيا لمستقبل هذه الفئات، ويتطلّب تحرّكا على الصعيدين التشريعي والتوعوي.
 
في الشق المتعلق بالأثر النفسي والاجتماعي لهذه الظاهرة، تعتبر الأخصائية النفسية وجدان بلعلمي أنّ ظاهرة استغلال الأطفال والفئات الهشة عبر الأنترنت واحدة من أخطر المشكلات التي يشهدها المجتمع في الوقت الراهن، فبينما توفّر مواقع التواصل الاجتماعي مساحة للتعبير عن الذات والتواصل، إلاّ أنّها في الوقت نفسه تعبر عن جوانب مظلمة في استخداماتها، تتمثل في استغلال الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة أولئك الذين يعانون من التخلف العقلي أو التأخر الذهني.
وترى المتحدّثة أنّ استغلال الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات على مواقع التواصل الاجتماعي يشكّل انتهاكا لحقوقهم الإنسانية، فقد يلجأ البعض إلى تصويرهم في مواقف سخيفة أو مزعجة، بهدف جذب الانتباه أو تحصيل المشاهدات والإعجاب، هذا الاستغلال يعكس صورة سلبية عن الأشخاص من هذه الفئات الهشة، حيث يتم تصويرهم كموضوعات للسخرية، بدلا من منحهم الاحترام والتقدير الذي يستحقونه.

الـتّحديات الـنّفسية..الاستغلال وتأثيراته السّلبية

 على الصّعيد النّفسي، كشفت محدّثتنا أنّ الأطفال الذين يتعرّضون للاستغلال على مواقع التواصل الاجتماعي يعانون من آثار نفسية عميقة، فقد أظهرت الدّراسات أنّ هذا النوع من الاستغلال يؤدّي إلى فقدان الثقة بالنفس وزيادة مشاعر الإهانة والرفض، كما يعزّز استغلال هؤلاء الأطفال في صناعة المحتوى الهبوط الثقافي والتفكير النمطي السلبي حولهم، ممّا يزيد من الفجوة بين المجتمع وهذه الفئات الهشة.
إضافة إلى ذلك، يؤثّر هذا الاستغلال على قدرة هؤلاء على التفاعل في المجتمع بشكل طبيعي، حيث يتعرّضون لمحتويات قد تكون غير مناسبة لهم عقليا أو عاطفيا، خاصة بالنسبة للأطفال، لهذا السبب أصبح من الضروري أن تتحمّل منصات التواصل الاجتماعي مسؤولياتها في مراقبة المحتوى، وتفعيل الإجراءات التي تحمي الأطفال من الاستغلال الرقمي.
وقالت إنّ الدّراسات تشير إلى أنّ هذا النوع من المحتوى يمكن أن يكون له آثار نفسية كبيرة على الأشخاص المعنيين، حيث يعانون من فقدان الثقة بالنفس، وزيادة في مشاعر الإهانة والرفض، كما أنّه يعزّز الصور النمطية حول الأشخاص ذوي التخلف العقلي أو التأخر الذهني، ممّا يعمّق الفجوة بين المجتمع وأفراد هذه الفئات.
في ذات السياق، أكّدت أنّ منصّات التواصل الاجتماعي تتحمّل مسؤولية كبيرة في حماية الفئات الضعيفة من الاستغلال، حيث يمكن للمواقع أن تلعب دورا حاسما في منع هذا النوع من المحتوى عن طريق تطبيق سياسات أكثر صرامة ضد التصوير المسيء أو الاستغلالي، علاوة على ذلك، يجب على مستخدمي هذه المنصات أن يتحلّوا بالوعي والمسؤولية عند التعامل مع مثل هذه الحالات، وأن يتجنّبوا نشر أو مشاركة المحتوى الذي قد يسهم في الإضرار بهؤلاء الأفراد.

رفع الوعي المجـتـمـعي..خطوة نحـو الحل

 ولمعالجة هذه الظّاهرة، ذكرت أنّه من المهم أن يبدأ المجتمع في مواجهة هذه التحديات عبر رفع الوعي حول المخاطر التي تهدد الأطفال والفئات الهشة عبر الأنترنت، كما يجب على وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني بالتعاون مع الأسر والمدارس العمل على توعية الأطفال وأولياء الأمور بكيفية حماية الأطفال من الاستغلال الرقمي، إلى جانب ذلك، ينبغي تحديث التشريعات القانونية لتشمل قوانين صارمة لمكافحة استغلال الأطفال عبر الأنترنت، وتحقيق تطبيق فعلي للضوابط المتعلقة بحماية الأطفال.
وفي الوقت نفسه، ينبغي أن تتحمّل منصات التواصل الاجتماعي المسؤولية في حماية المستخدمين الصغار، ويمكن لهذه المنصّات تطبيق سياسات أكثر صرامة ضد نشر المحتوى المسيء أو الاستغلالي، وتفعيل أدوات الرقابة الأبوية بشكل أكثر فعالية، ومع ذلك، تبقى المشكلة الأكبر في غياب الوعي لدى العديد من المستخدمين، حيث لا يتمكّن الأطفال من تمييز المحتويات الضارة، ولا يستطيعون حماية أنفسهم من المخاطر المحيطة بهم، مشيرة إلى أنّه من المهم أن نعمل جميعا على تعزيز ثقافة الاحترام والمساواة في المجتمع الرقمي، إذ يجب أن نكون أكثر حساسية لاحتياجات الأشخاص، الذين يعانون من التخلف العقلي أو التأخر الذهني، وأن ندعمهم في بيئة تتيح لهم التعبير عن أنفسهم بحرية دون تعرضهم للسخرية أو الاستغلال.
كما أنّ تعزيز ثقافة الاحترام والمساواة في المجتمع الرقمي يعتبر خطوة أساسية في هذا الاتجاه، ومن أجل تطوير بيئة رقمية آمنة ومزدهرة، حيث يكون الأطفال كذلك قادرين على التعبير عن أنفسهم بحرية، دون الخوف من الاستغلال أو التّأثيرات السّلبية التي قد تلاحقهم طوال حياتهم.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19651

العدد 19651

الأربعاء 18 ديسمبر 2024
العدد 19650

العدد 19650

الثلاثاء 17 ديسمبر 2024
العدد 19649

العدد 19649

الأحد 15 ديسمبر 2024
العدد 19648

العدد 19648

السبت 14 ديسمبر 2024