نجــــــاح رياضيــــــي ذوي الهمـــــم ...

الشجرة التي غطّت غابة إخفاقات الرياضات الفردية

عمار حميسي

 تعد سنة 2021 لحظاتها الأخيرة وهي السنة التي لم تعرف فيها الرياضات الفردية أي جديد بخصوص بروزها أو تألقها خاصة بعد الإخفاق التاريخي في ألعاب طوكيو، بعد الخروج بدون ميدالية في حين رفع ذوو الهمم التحدي وصنعوا الحدث في الألعاب البارالمبية بتصدرهم ترتيب الدول العربية والإفريقية برصيد 12 ميدالية كاملة منحتهم شرف التكريم من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي أبى، إلا أن لا يفوّت هذه الفرصة ليؤكد أن كل الرياضيين سواسية في ميزان الدولة الجزائرية والفرق الوحيد هو في النجاح أو الفشل في الاستحقاقات الدولية.

 
عرفت سنة 2021 تحقيق رياضيي ذوي الاحتياجات الخاصة انجازا مهما وتاريخيا في الألعاب البارالمبية بطوكيو حيث نجحوا في الظفر بـ 12 ميدالية كاملة جعلتهم يتربعون على عرش ترتيب المشاركة العربية والإفريقية في هذا الحدث الرياضي الكبير ليؤكد مرة أخرى أن رياضيي ذوي الهمم هم دائما من يرفعون راية الرياضات الفردية في المحافل الدولية عكس المشاركة التي سجلتها الجزائرية في الألعاب الاولمبية من خلال الخروج «بخفي حنين» من هذه المنافسة الكبيرة و هو الأمر الذي كان متوقعا خاصة بعد انسحاق مخلوفي لحظات قبل انطلاق المنافسة الرسمية بحجة عدم الجاهزية البدنية بسبب الإصابة التي كان يعاني منها.
سنة 2021 عرفت تحقيق بعض الانجازات في الرياضة الفردية على غرار تألق السباحة الجزائرية في البطولة العربية التي جرت بالإمارات العربية المتحدة وإنهاء المنافسة في الصدارة، وهو المؤشر الايجابي من وجود مجموعة مميزة من السباحين الذين استطاعوا رفع التحدي رغم عدم توفر الإمكانيات اللازمة التي تسمح لهم بتسلق المستوى العالي في المنافسة على المراتب الأولى في بطولات العالم.
نجح رياضيو ذوي الهمم في تسجيل مشاركة تاريخية بالألعاب البارالمبية التي جرت في العاصمة اليابانية طوكيو حيث حققوا نجاحا باهرا تمثل في الفوز بـ 12 ميدالية، إضافة إلى تحطيم العديد من الأرقام القياسية الجزائرية والعربية والإفريقية، وهو المؤشر على ان المستوى الفني كان عاليا وبالرغم من ذلك نجح الرياضيون الجزائريون في تحقيق نتائج مميزة في هذا الحدث الرياضي الكبير.
تحضيرات رياضيو ذوي الهمم كانت في المستوى قبل السفر رغم النقائص وتداعيات غلق القاعات الرياضية بسبب فيروس كورونا إلا أن الرياضيين عرفوا كيف يستغلون الوقت القصير في التحضير بايجابية وعوضوا التأخر الذي سجلوه في الانطلاق المبكر للتحضير لهذا الموعد الرياضي المهم، إلا أن الأمور سارت فيما بعد بأفضل طريقة ممكنة واستطاعوا الظفر بالعديد من الميداليات .
عوّض رياضيو ذوي الهمم نقص التحضير بالإرادة والعزيمة التي رفعوها خلال هذا الحدث الرياضي الذي عرف مشاركة أبطال العالم في مختلف الاختصاصات، إلا أن الإرادة الفولاذية التي تحلوا بها كان لها دورا كبيرا في منحهم القوة اللازمة لتحدي أبطال العالم و البروز من خلال حصد العديد من الميداليات في مختلف الاختصاصات التي شاركوا فيها بالرغم من أن المأمورية لم تكن بالسهلة.
نجاح ذوي الهمم في طوكيو أفرح كثيرا رئيس الجمهورية الذي قاسمهم فرحة التتويج والصعود على منصة التتويج من خلال تكريمهم في قصر الشعب بحضور كبار المسؤولين في الدولة عرفانا على المجهودات الكبيرة التي بذلوها من أجل رفع راية الوطن عالية في هذا المحفل الرياضي الكبير الذي عرف تواجد العديد من الرياضيين المميزين.
تكريم رئيس الجمهورية لرياضيي ذوي الهمم عكس السياسة الجديدة للدولة الجزائرية من خلال المساواة بين رياضيي ذوي الهمم و الرياضيين الأصحاء الذين رغم توفر كل شيء، إلا أنهم لم يقدموا ما كان منتظرا منهم في موعد طوكيو حيث أكد خلال تكريم رئيس الجمهورية على أن المنح المالية لذوي الهمم من الآن فصاعدا لن تختلف عن المنح التي تمنح للرياضيين الأصحاء في حال تتويجهم و فوزهم بالميداليات.
لم يكن رياضيو ذوي الهمم يتحصلون على نفس المنح التي يتحصل عليها الرياضيون الأصحاء بعد كل تتويج حيث كان الفارق كبيرا من حيث القيمة، لكن الآن الأمور اختلفت كثيرا بعد التعليمات التي منحها رئيس الجمهورية والمتمثلة في المساواة بين الرياضيين ذوي الاحتياجات الخاصة والأصحاء في المنحة التي يتم منحها بعد كل تتويج.
تغير الأمور بخصوص المنح سيمنح رياضيي ذوي الهمم الحافز المهم و الكبير من أجل العمل أكثر خلال الفترة المقبلة ورفع سقف طموحات الأهداف المسطرة في المنافسات التي سيشاركون فيها بالنظر إلى التحفيزات الكبيرة التي تنتظرهم وهم بحاجة كبيرة إليها بالنظر إلى الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها أغلب رياضيي ذوي الهمم في الجزائر.
يسعى رياضيو ذوي الهمم إلى التحضير الجيد ليكونوا في الموعد خلال الاستحقاقات التي من المنتظر أن يشاركوا فيها خلال السنة المقبلة من أجل مواصلة التألق والبروز ورفع الراية الوطنية في المحافل الدولية بالنظر إلى توفر المواهب القادرة على تحقيق المزيد من الانجازات خلال المنافسات التي سيشاركون فيها وهو ما يجعل السنة المقبلة هي الأخرى فرصة لهم من أجل التأكيد والبروز والتألق.
نجاح رياضيي ذوي الهمم يجب أن يكون فرصة من أجل منحهم المزيد من الإمكانيات وهو الأمر الذي يقع على عاتق السلطات المحلية من خلال توفير القاعات والملاعب الرياضية التي تسمح لرياضيي ذوي الهمم من أجل التحضير الجيد والايجابي قبل دخول غمار أي منافسة رياضية سيشاركون فيها، لأن هذا الأمر يمنحهم القدرة على تحقيق الأهداف المسطرة والتي يبقى أهمها رفع راية الجزائر وحصد المزيد من الألقاب والميداليات.
مشاركة مخيّبة للآمال في طوكيو
لم تكن المشاركة الجزائرية في المستوى خلال مشاركتها في أولمبياد طوكيو بعد أن أنهت المنافسة في المرتبة الأخيرة وهو ما جعل التساؤلات تطفو إلى السطح حول جدوى المشاركة في هذا الموعد دون البحث عن كيفية التتويج بميدالية على الأقل على غرار ما قامت به جل الدول العربية التي توّجت بميداليات من مختلف الألوان في الأولمبياد عكس الجزائر التي خالفت التوقعات وخرجت من المنافسة بدون رصيد.
كل المؤشرات كانت توحي قبل السفر إلى طوكيو من أن البعثة الجزائرية لم تحقق نتائج رياضية كبيرة لدرجة إنهاء المنافسة في المركز الأخير على مستوى جدول الترتيب الذي عرف تقدم دول لم تكن في الصورة إلى وقت قريب، إلا انه بفضل العمل الاحترافي والجاد استطاعت دخول جدول الميداليات لأول مرة في تاريخها على العكس من المشاركة الجزائرية التي لم تحقق المراد منها.
يتطلب الوقوف طويلا لتحليل أسباب خيبة الأمل في طوكيو رغم أن كل الأمور تتقاطع عند نقطة سوء التسيير بمعناه الرياضي أي سوء اختيار الكوادر الفنية ومنها سوء اختيار الرياضيين الذين يتم المراهنة عليهم في هذا الحدث الرياضي الذي عرف تهميش بعض الرياضيين الذين كانوا قادرين على تحقيق نتائج أفضل لو منحت لهم الفرصة المناسبة مثلما تم منحها لرياضيين آخرين.
الجميع كان يراهن على «الكهل» مخلوفي، لكن هذا الأخير خرج من الباب الضيق، بعدما انسحب في المربع الأخير وقبل يوم واحد من انطلاق المنافسة بحجة أنه غير جاهز من الناحية البدنية، بعدما شفي من الإصابة وبالرغم من أن الأمر منطقي من الناحية الرياضية، إلا أن الإمكانيات المتوفرة حاليا تمنح أي رياضي الفرصة للتحضير الجيد بالنظر إلى أن مخلوفي يستفيد من منحة سنوية تمنحها له الدولة الجزائرية من أجل التحضير الجيد في المستوى العالي، لكن كل المجهودات ذهبت سدى ومخلوفي لم يكن في الموعد رغم المنح التي استفاد منها قبل موعد طوكيو وهنا يطرح باب التساؤل حول كيفية اختيار الرياضيين الذين يمثلون الجزائر في المحافل الدولية.
السباحة الجزائرية تتألق عربيا
صنعت السباحة الجزائرية الحدث بفضل تألقها على المستوى العربي خلال البطولة العربية التي جرت في الإمارات العربية المتحدة بمشاركة العديد من الدول العربية التي كانت تراهن على هذا الموعد من أجل الفوز بأكبر عدد من الميداليات في مختلف الاختصاصات، لكن الجزائر كانت في الموعد وحصدت الأخضر واليابس.
تألق السباحة الجزائرية في البطولة العربية جاء بفضل مجموعة من السباحين الذين أكدوا على علو كعبهم في مثل هذه المواعيد الرياضية واستطاعوا الظفر بالميداليات الذهبية التي منحتهم فرصة تصدر جدول الترتيب وهو ما يؤكد أن الفارق فنيا كان كبيرا بين السباحين الجزائريين والعرب في هذا الموعد.
تألق السباحة الجزائرية عربيا وقبل ذلك قاريا يمنحنا الأمل من أننا قد ننجح في التألق على المستوى العالمي في السباحة بالرغم من أن الأمور ستكون صعبة فالمستوى العالمي للسباحة كبير جدا ويتطلب تحضيرا من نوع خاص، لكن احتراف العديد من السباحين الجزائريين في أندية فرنسية قد يمنحهم فرصة الاحتكاك بالمستوى العالي وهو ما يساعدهم على تطوير إمكانياتهم الفنية ليكونوا في الموعد.
توفير الإمكانيات اللازمة للمنتخبات الوطنية للسباحة هو الآخر أمر مهم وضروري حتى لا يحس السباحون بالفرق من التحضير في أنديتهم وفي المنتخب فيما يخص الإمكانيات، لأن غياب هذه الأخيرة قد يؤثر سلبا على معنوياتهم قبل دخول معترك أي حدث رياضي كبير.
حماد يخلف بيراف على رأس اللّجنة الأولمبية
كانت سنة 2021 فال خير على البطل السابق عبد الرحمن حماد بعد أن نجح في الظفر برئاسة اللجنة الاولمبية الجزائرية التي تعد أعلى هيئة رياضية في الجزائر وكل الاتحاديات الأخرى تأتي تحت لوائها حيث نجح حماد في الفوز بالانتخابات وخلافة بيراف الذي عمّر طويلا على رأس اللجنة الاولمبية.
نجاح عبد الرحمن كرياضي من قبل قد لا يكون مقياسا لمعرفة مدى نجاحه كمسير وإداري في المجال بالرغم من انه كان عضوا في المكتب التنفيذي للجنة الاولمبية لفترة طويلة منحه الفرصة من أجل التعرف على خبايا التسيير الرياضي من خلال الاحتكاك بالعديد من المسيرين المعروفين في المجال.
أضحى رئيس اللجنة الاولمبية الجديد مطالب بمنح هذه الهيئة الدفعة اللازمة خلال الفترة المقبلة من أجل مرافقة رياضيي النخبة للتألق والبروز في المحافل الدولية من أجل رفع راية الجزائر بعد الاتهامات التي طالتها وحملتها مسؤولية الظهور الباهت للمشاركة الجزائرية في أولمبياد طوكيو.
اختار حماد أعضاء مكتبه التنفيذي بعناية كبيرة حيث يتكون من مجموعة من الأعضاء الشبان الذين حققوا العديد من النجاحات على رأس الاتحاديات في صورة برباري وهو مؤشر على أنه يمتلك نظرة جيدة لما هو قادم في انتظار التأكيد على الميدان.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024