الماجيك يتألّق..بخطى ثابتة على نهج بلماضي
تمكّن مجيد بوقرة من إسعاد ملايين الجزائريين بعدما قاد المنتخب الوطني للمحليّين إلى التتويج بأول لقب عربي، ضمن الطبعة العاشرة من منافسة كأس العرب التي جرت بين 30 نوفمبر و18 ديسمبر 2021 بالعاصمة القطرية الدوحة، حيث أنهى البطولة من دون أي هزيمة طيلة 6 لقاءات كاملة سيطر خلالها الخضر على المباريات التي لعبوها بالرغم من صعوبة المأمورية لأنهم واجهوا منافسين أقوياء.
لم تكن المأمورية سهلة لأنها أول تجربة للماجيك على رأس المنتخب الوطني للمحليين، الذي تولى مهمة قيادته في جوان 2020، ما يعني أنه تمكن من تكوين مجموعة في ظرف قياسي، وعمل على فرض التنسيق واللّعب الجماعي بين اللاعبين بسرعة كبيرة، لأنه ليس بالأمر السهل السيطرة على الأمور في المستوى العالي، وبوجود ترسانة من الأسماء التي تألقت ضمن البطولة الوطنية المحترفة، وفي الدوريات العربية وبعضها يحمل ألوان المنتخب الأول.
إسم بأحرف من ذهب
إلاّ أن بوقرة وبكل هدوء شرع في العمل خطوة تلو الأخرى بداية من برمجة بعض اللقاءات الودية التي سمحت له بتقييم المجموعة التي استدعاها لحمل الألوان الوطنية رفقة المحليين، أو المنتخب الرديف كما يلقّب أيضا، لأن هذا الفريق يعتبر خزان المنتخب الأول دون منازع، وتمكّن من السير بطريقة صحيحة بدليل أنه حقق جملة من النتائج الإيجابية ضد كل من سوريا، ليبيريا، بورندي والبنين، وتلقى هزيمة وحيدة لحد الآن ضد نيوزلندا الجديدة، لأن هذا الأخير لعب بالفريق الأول ومع ذلك فإنّ أشبال الماجيك أنهزموا بنتيجة 2 مقابل 1.
توالت الإنتصارات مع المدرب الشاب، الذي عرف كيف يشق طريقه نحو النجومية بخبرة قصيرة جدا في ميدان التدريب، حيث درّب بعض النوادي في قطر ثم مدربا في الإمارات العربية المتحدة عندما أشرف على نادي الفجيرة، إلاّ أنه كان في الموعد وفرض كلمته خلال مونديال العرب الذي كان مغايرا تماما للطبعات الماضية لأنه كان تحت إشراف الفيفا، ونسخة مصغرة عن كأس العالم التي ستحتضنها قطر سنة 2022، ومن جهة أخرى عرفت الطبعة العاشرة ولأول مرة مشاركة 16 منتخبا بما فيها الجزائر التي سجلت تواجدها للمرة الثالثة.
كانت البداية من دور المجموعات عندما أطاح بكل من السودان ولبنان، وتعادل مع مصر في لقاء كبير وقوي بين الفريقين مثلما جرت عليه العادة، وبعدها لعب الخضر مواجهة لا تقل صعوبة، وكانت في مستوى عالمي مع المغرب بالنظر للتكافؤ بين الطرفين في كل الجوانب بدليل أنهما احتكما لركلات الترجيح، التي ابتسمت في النهاية لرفقاء المتألق بلايلي، وكل ذلك راجع للعمل البسيكولوجي الذي قام به بوقرة، وكذا الخطة التكتيكية التي إتبعها في هذا النهائي قبل الأوان، ليقصي بعدها المنتخب الوطني صاحب الأرض والجمهور قطر بالأداء والنتيجة، وبعدها جاء الدور على تونس وبعد مواجهة استمتع من خلالها عشاق الساحرة المستديرة انتهت بفوز الجزائر بهدفين دون مقابل.
تفوّق على مدرّبين لهم سجل طويل
حقّق بوقرة بذلك أول ألقابه منذ إشرافه على رأس العارضة الفنية للخضر، متفوقا على أسماء كبيرة ولها سجل طويل في مجال التدريب، على غرار كل من الفرنسي فيلود والبرتغالي كيروش والإسباني فيليكس الذي توّج مؤخرا بكأس أمم آسيا مع قطر وأسماء أخرى سبق لها أن قادت منتخبات عالمية لعديد السنوات، كل ذلك راجع إلى التكوين الجيد الذي حصل عليه الناخب الوطني، لأنه مباشرة بعد إعتزاله اللعب دوليا اختار مسار التكوين في مهنة مدرب، فتحصّل على شهادات سمحت له بولوج عالم التدريب.
من جهة أخرى، فإن لعامل السن دور كبير لأنه يملك نقطة مشتركة مع بلماضي، فكلا الرجلين قريبين في السن من اللاعبين، الأمر الذي ساعد في النجاح، لأن بوقرة يعرف جيدا اللاعبين وطريقة تفكيرهم، ما سهل عليه مهمة الحوار وإيصال الأفكار التي يرغب في تجسيدها في الميدان. وبالفعل هذا ما حصل حيث كان بمثابة زميل لهم سواء في الحصص التدريبية أو اللقاءات الودية والرسمية، وفي نفس الوقت الصرامة والجدية في العمل، وعدم التسامح مع الأمور التي من شأنها أن تخرج التعداد عن التحضيرات لأن الإنضباط عامل مهم لتحقيق الإنتصارات وبوابة النجاح.
أعطى الحلول للفريق الأول
ما يعني أن بوقرة سار على نهج بلماضي في أغلب التفاصيل، والدليل أنه تمكن من إخراج الملايين من الجزائريين إلى الشوارع في فرحة كبيرة بعد الأداء الكبير، بتشكيلة مزج خلالها بين طموح بعض الشباب الراغبين في البروز لنيل مكانة مع المنتخب الأول وبعض اطارات الفريق (أ) الذين قدّموا الإضافة من ناحية الأداء، وكذا الخبرة التي إكتسبوها من قبل، لأنهم في الماضي القريب حققوا اللقب الإفريقي على الأراضي المصرية، مؤكدين عودة الكرة الجزائرية على كل الأصعدة عربيا، إفريقيا وكذا عالميا، ما سيعطي الدعم المعنوي اللازم للعمل على مواصلة العمل لتحقيق الأفضل في المواعيد المقبلة سواء في البطولة الإفريقية للمحليين أو المنافسة القارية التي ستنطلق بعد أيام قليلة بالكاميرون.
بدأ مجيد بوقرة الذي ولد في 7 أكتوبر 1982 بمدينة ديجون الفرنسية من أبوين جزائريين مسيرته الكروية في سن السابعة، بعدما كان لاعبا ناجحا، الأمر الذي جعله يحمل ألوان عديد الأندية على غرار غويونيون من 2002 إلى 2006 ثم إنضم إلى فريق «كرو أليكسندر» على شكل إعارة إلى غاية 2007 ثم إنتقل إلى فريق شيفيلد وينزداي لموسم واحد فقط، وغيّر الأجواء بعدها إلى تشارلتون أتليتيك، وفي سنة 2008 إنتقل إلى نادي غلاسكو رانجرز الإسكتنلندي إلى غابة 2011 قضى رفقته أجمل الأوقات، وحقق رفقة عديد الألقاب المحلية وإختتم من الخليج العربي.
أما بالنسبة لمسيرته مع الفريق الوطني، فقد كان صخرة الدفاع بكل معنى الكلمة من خلال الدور الذي كان يقدمه فوق الميدان والإضافة التي كان يعطيها لزملائه، وكذا التوجيهات والنصائح لأنه لاعب جد هادئ وخلوق، حيث انضم سنة 2003 للفريق أقل من 23 سنة، وفي عام 2004 تلقّى استدعاء للفريق الأول إلى غاية وضع حد لمشواره كلاعب وقرّر الإنتقال إلى عالم التدريب، حيث حقق نتائج إيجابية بألوان الخضر من بينها بلوغ نصف نهائي كأس أمم أفريقيا سنة 2010، التأهل لكأس العالم التي جرت بجنوب أفريقيا 2010، والذي جاء بعد غياب الجزائر عن هذا الحدث لأكثر من عقدين من الزمن بعد مواجهة فاصلة مع مصر جرت بالسودان (أم درمان)، كما كان صاحب الهدف الوحيد ضد بوركينافاسو الذي أهّل الجزائر لمونديال البرازيل 2014، حيث لعب 37 مع الخضر وسجل 3 أهداف.