سيد علـي لبيب لـ «الشعب ويكانـد»:

متفائل بنجاح الألعاب المتوسطية بوهران 2022

حوار: نبيلة بوقرين

«الدّرجة الثّامنة» عرفان لمستوى الرّياضة الجزائرية في السّابق

مشوار طويل وحافل بالانجازات، تمكّن من تحقيق عديد النتائج الإيجابية، بالرغم من قلة الإمكانيات وصعوبة الوضع لأنّ أغلب العائلات كانت تعاني من الجانب المادي، إلا أنّ جدّه صنع منه بطلا للجزائر في اختصاص الجيدو. سيد علي لبيب الرياضي والطبيب والوزير الأسبق للشباب والرياضة، ورئيس اللجنة الأولمبية، والمدير العام للجمارك، مناصب تقلدها بالتدريج، أكسبته الخبرة والتجربة على مدار سنوات كانت كلها خدمة للوطن، يتقلد اليوم الحزام الأسود من الدرجة الثامنة للاتحاد الدولي للجيدو عرفانا بمسيرة هذا الرجل الذهبية لما قدمه للرياضة العالمية، وبكل تواضع فتح قلبه لـ «الشعب ويكاند» وقادنا إلى تفاصيل مسيرته.


- الشعب ويكاند: كيف كانت بداية مسيرتك الرياضية؟
  سيد علي لبيب: بداياتي مع عالم الرياضة كانت ككل الجزائريين في الشارع من خلال لعب مباريات كرة القدم أو الاختصاصات الأخرى في الحي الذي كنت أسكن فيه بباب الوادي بالعاصمة المعروف بشعبيته والأسماء الكبيرة التي أنجبها في كل المجالات، وفي ذلك الوقت أي غداة الاستقلال كانت مرحلة الثانوي تبدأ من الأولى متوسط إلى غاية الباكالوريا وأنا درست في ثانوية الأمير عبد القادر، حيث حرص جدي - رحمه الله - على أن أمارس الرياضة بطريقة منتظمة، وقام بأخذي إلى نادي سبور اتليتيك باب الوادي في ذلك الوقت وسجلني، كان عمري حينها 10 سنوات حيث أتذكر جيدا ذلك اليوم كان 1 جوان 1964 أي بعد سنتين من نيل الحرية، وكان المبلغ المطلوب 10 دنانير للشهر الواحد لكن جدي قام بدفع 120 دينار، أي قيمة سنة كاملة لكي لا أتوقف عن ممارسة رياضة الجيدو التي اختارها لي كاختصاص، حينها كان هذا المبلغ كبير جدا لأن الظروف التي كانت تعيشها العائلات الجزائرية صعبة من الناحية المادية بسبب مخلفات المستعمر الغاشم، وهكذا كانت انطلاقتي إلى غاية وصولي للمستوى العالي.

-  هل لك أن تعطينا تفاصيل عن باقي مسيرتك في عالم الرياضة؟
  لما انطلقت مع النادي الذي سبق لي الحديث عنه مرّت 6 أشهر بالتمام تقرّر بعدها دمجه عن طريق إمضاء على توأمة مع فريق مولودية الجزائر، جرى ذلك بالمقر الذي كان بساحة الشهداء، ومن هنا أصبحنا نمارس الرياضة تحت غطاء هذا النادي العريق لعدة سنوات، حيث شاءت الصدف أن تتزامن هذه العملية مع الاحتفالات المخدة لذكرى اندلاع الثورة المجيدة وقمنا باستعراضات في الفاتح نوفمبر جمعت بين الذكور والإناث، ومشينا إلى غاية مرورنا بالمنصة الشرفية التي كان يجلس فيها رئيس الجمهورية انذاك أحمد بن بلة، الأمر الذي رسخ في ذهني ممارسة الرياضة أكثر، لأنّني تحمست بطريقة غير عادية وقلت في نفسي بعد أشهر قليلة تمكّنت من ملاقاة رئيس الدولة هذا يعني أنّني إذا نجحت سأحقق كل أهدافي مستقبلا، ومن هنا تألّقت في كل الأصناف العمرية من الأصاغر إلى الأوسط في وزن 71 كلغ الأمر الذي جعلني التحق بالفريق الوطني وأمثل بلدي في المحافل الدولية.

- ما هي أبرز المحطّات التي تبقى راسخة في ذهنك مع المنتخب الوطني؟
 قبل ذلك حقّقت عديد الإنجازات على المستوى الوطني حيث كنت بطل الجزائر للعديد المرات في صنف الأوسط والأكابر، بالرغم من المنافسة الكبيرة التي كانت مع عديد الرياضيين في الجيدو في السبعينيات، وبعد الإصلاحات الكبيرة التي كانت في مجال الرياضة في سنة 1977 تمّ انتقاء أفضل الرياضيين من عديد الأندية من كل أنحاء الوطن وكان نادي مولودية النفطي الرياضي يملك أسماء لها كفاءات عالية من بينهم انا، حيث تلقيت اول استدعاء للفريق الوطني لما كنت في صنف الأواسط من طرف المدرب الوطني أحمد حيفري الذي فتح لي الباب لاكتشاف عالم آخر.
وتحصّلت حينها على الحزام الأسود في الدرجة الأولى بعدما فزت بكل المراحل التي تسمح لي يجمع النقاط اللازمة وانضممت للفريق الأول سنة 1977، وبالرغم من أن مشواري مع الفريق الوطني كان ينقطع بسبب التزاماتي الدراسية، حيث كنت أغيب عن التربصات لما تكون خارج الوطن وحتى بالجزائر عندما تكون خارج فترات العطل، وكنت أتدرب بمفردي في القاعة البيضاوية لكي أحافظ على لياقتي وكنت في غالب الأحيان بديلا في الدورات الدولية التي كانت تشارك فيها الجزائر، إلا أنني جد فخور بذلك بما قدمته لأنني عملت على تشريف ألوان بلدي.

- هل توجد منافسات لها ذكرى خاصة في مسيرتك؟
 هناك عدة محطات تبقى ذكرى جميلة في مسيرتي على غرار تتويجي بلقب بطل الجزائر في عديد المرات، ولم أتوقف إلى أن أصبحت أحتل المركز الثالث، لأنّني لم أعد قادرا على المنافسة من أجل المركز الأول، وهذا أمر بديهي في مشوار الرياضي، أما مع الفريق الوطني المحطة التي أتذكرها جيدا عندما واجهت بطل سويسرا في تلك الفترة، وهو حاليا رئيس الاتحاد السويسري وانهزمت في آخر لحظة.
والذكرى الثانية عندما كنت أحضر لاجتياز شهادة الباكالوريا، وتمّ استدعائي التنقل مع المنتخب الوطني إلى مدينة الدار البيضاء المغربية للدخول في تربص مدته 15 يوما، وهنا لما استشرت والدي حملني مسؤولية القرار بين التنقل أو البقاء هنا للمراجعة، لكنني في الأخير فضّلت الدراسة وبقيت بالجزائر حتى لا أضيع الدروس لأنّني كنت في شعبة علوم تجريبية ومن الصعب التدارك، الأمر الذي جعلني أضيع عديد التنقلات، لكنّي لست نادما بما أنّني كنت أميل للدراسة أكثر وطموحي كان كبيرا للنجاح في هذا الجانب.

- كيف تمكّنت من التوفيق بين ممارسة الرياضة والدراسة؟
 بكل صراحة جدّي - رحمه الله - كان يشجّعني للنجاح في ممارسة الرياضة بدليل أنّه كان السبب في وضع أولى الخطوات في الميدان، وهو من اختار لي اختصاص الجيدو، لكن والدي ووالدتي كانت رغبتهما أن أنجح في الدراسة وكانا يوجّهاني لذلك من دون ضغط علي، أي بطريقة غير مباشرة من خلال تحميلي مسؤولية اتخاذ القرارات، وحتى أنا كنت أحب النجاح في الدراسة وتحصلت على الباكالوريا سنة 1975، ما جعلني أتخصّص في مجال الطب وكنت من الأوائل في كل الأطوار إلى غاية نيل شهادة الطب العام، ما سمح لي باختيار اختصاص الجراحة، الا انني لم أكمل وطلبت التغيير لأنني لم أتحمل تلك المشاهد بما ان الطب في تلك الفترة لم يكن متقدما بما يكفي.
وبالفعل وافقت الإدارة المركزية على طلب التحويل للطب الرياضي لأنه كان ناقصا في ذلك الوقت، وكنت من بين خريجي الدفعة الأولى في هذا المجال، حيث واصلت دراستي وممارسة الرياضة في نفس الوقت بالرغم من استدعائي للخدمة العسكرية، حيث كنت أداوم في المستشفى العسكري بباب الوادي، وشاركت مع المنتخب الوطني العسكري في عديد المواعيد.

-   متى دخلت عالم التّسيير؟
 عندما أنهيت مشواري الرياضي تفرّغت لمجال الطب لكن رئيس الاتحادية الجزائرية للجيدو في سنة 1986 السيد طالحي وهو محافظ شرطة آنذاك، اتصل بي وطلب مني أن أترأّس اللجنة الطبية للفيدرالية وكان كمال بوشامة وزيرا للشباب والرياضة، وفي نفس الفترة فزت برئاسة الاتحاد العربي سنة 1991، وفي سنة 1992 ترشّحت للجنة الأولمبية الجزائرية وكانت منافسة كبيرة مع محمد بغدادي، الذي ترأس الهيئة لعدة عهدات، مصطفى العرفاوي، مصطفى بوغادو وكانت مرحلة ثانية من الانتخابات وفزت في النهاية، وبعدها بحوالي ستة أشهر كانت الألعاب المتوسطية بفرنسا سنة 1993 تم تعييني على رأس المجلس الدولي للبحر المتوسط وكان عمار عدادي في اللجنة التنفيذية  وكانت النتيجة جد إيجابية، حيث حققنا عدد كبير من الميداليات وفي كرة القدم تأهلنا للنهائي وخسرنا مع تركيا بنتيجة 2 مقابل 1.
وفي شهر أوت بعد تعيين رضا مالك رئيسا للحكومة طلب مني أن أكون ضمن الطاقم الحكومي وبالفعل عينت وزيرا للشباب والرياضة من 1993 إلى 1995 كانت الجزائر في تلك الفترة تعيش وضعا أمنيا واقتصاديا صعبا جدا، ثم بقيت بعيد عن الساحة لمدة سنتين مثلما ينص عليه القانون، وفي سنة 1998 عينني عبد العزيز بوتفليقة رئيسا لحملته الانتخابية في العاصمة وبعدها تم تعييني مديرا عاما للجمارك سنة 2001 إلى غاية 2006، ثم ابتعدت وبقيت أتابع الأحداث عن بعد..

- كيف كان رد فعلك بعد تتويجك بالحزام الأسود الدرجة الثامنة من الاتحاد الدولي للجيدو؟
 كنت أقود في سيارتي لما اتّصل بي رئيس الاتحادية الإفريقية أعلمني أنّ الاتحاد الدولي منحني الحزام الأسود من الدرجة الثامنة، سعدت كثيرا لهذا التتويج الذي اعتبره إنجازا يضاف للجزائر، ويثمّن النتائج التي حققت في الفترة الماضية عندما كنا نسيطر على عدة رياضات على كل الأصعدة، وأنا أفتخر لأنني مثلت بلدي من خلال هذا اللقب الذي يمنح للأسماء المميّزة فقط.
وأؤكّد جاهزيتي لخدمة الوطن من أجل تقديم الإضافة ومرافقة الرياضيين لكي نكون في الطليعة في قادم المناسبات، لأنّ النشء القادم بحاجة لنا حتى يكون له نظرة شاملة حول الرياضة وأبجدياتها لأنّ فرحتي الكبرى لما أشاهد أبنائنا يصعدون لمنصات التتويج وإعلاء المراكز الأولى، لأنّنا بلد كبير ولدينا المؤهلات البشرية والمادية التي تسمح لنا بالتواجد في مصاف البلدان الأولى.

- ما هو تقييمك للرّياضة الجزائرية في السّنوات الأخيرة؟
 الرياضة الجزائرية تعيش حالة من الركود منذ قرابة عقدين، وذلك راجع للعديد الأسباب أبرزها غياب التكوين، وجود دخلاء على القطاع من أصحاب المال والاستثمارات الأمر الذي أثر سلبا لأنه أدى إلى هجرة الكفاءات الحقيقية، ولكي نتمكّن من العودة إلى الطريق الصحيح يجب أن نعتني بالشباب الصاعد لأن جائحة كورونا كشفت سياسة «البريكولاج» والمستوى الحقيقي للرياضة الجزائرية.
وبمعنى آخر ما يحصل الآن هو تحصيل حاصل فقط، ويجب كذلك استرجاع الكفاءات لأن الجزائر تملك المؤطرين وأصحاب الخبرة، وكذلك يتحقق بإرادة سياسية وإستراتيجية عمل واضحة، ولمسنا ذلك من رئيس الجمهورية الذي أكد دعمه للرياضة والشباب في عديد المرات وأنا واثق من أنّنا سنعود لمكانتنا بحول الله، خاصة أن الجزائر مقبلة على احتضان موعد هام في صيف 2022، والأمر يتعلق بالألعاب المتوسطية التي ستكون بمدينة وهران، وأنا أثمن هذا القرار الصائب لأنه سيكون سببا لإنشاء قطب رياضي من المنشآت في الغرب الجزائري مثلما هو عليه الحال في العاصمة، حتى يكون التوازن ويستفيد منه أبناؤنا مستقبلا، كما أنّ الجزائر التي سبق لها أن كانت في الموعد وأبهرت ضيوفها في كل المناسبات التي نظمت من قبل ستكون الباهية جاهزة بعد 7 أشهر لاستقبال ضيوفها وسيعجبون بالتنظيم خاصة بعدما تم تعيين  السيد درواز وهو غني عن التعريف وطنيا وعالميا، وسيقدّم خبرته للنّجاح في هذا العرس المتوسطي

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024