استمد قوّته من والدته التي صنعت منه بطلا

لوصيف حماني.. أسطورة الملاكمة الجزائرية يغادرنا

نبيلة بوقرين

أسطورة جزائرية ذاع صيتها في المحافل الدولية غداة الاستقلال، رفع العلم الوطني عاليا، بالرغم من أنه تلقى تكوينه في فرنسا، إلاّ أنه فضل الوطن الأم عنوانا لبطولاته في عالم الفنّ النبيل، لوصيف حماني، يغادرنا إلى الأبد بعد صراع طويل مع مرض عضال، عن عمر ناهز 71 عاما بباريس.
ولد لوصيف حماني بتاريخ 15 ماي 1950 بقرية آيت يحي بتيزي وزو، ميلاده تزامن مع استشهاد والده في إحدى المعارك ضدّ المستعمر الفرنسي الغاشم، لتتكفل بذلك والدته خالتي تسعديت بتربيته وتلقينه كل أبجديات حب الوطن والتعلّق به منذ نعومة أظافره، لأنه الإبن الوحيد لها وكانت ترغب في رؤيته في الريادة مدافعا عن قضية الوطن، ولم يهدأ لها بال حتى بلغت هدفها من خلال ما صنعه لوصيف بالساحة الرياضة في فترة جد صعبة.
تنقل لوصيف حماني إلى فرنسا رفقة والدته في عمر الـ 15 سنة، أين تلقى تدريباته في رياضة الملاكمة هناك، وبالرغم من الظروف المادية الصعبة التي كان يتخبط فيها والابتعاد عن حضن الوطن الأم، إلاّ أنه رفض تمثيل الراية الفرنسية، وأول ظهور دولي له كان بألوان المنتخب الجزائري بعد الإستقلال خلال البطولة الأفريقية سنة 1964، ومن هنا إنطلق نحو العالمية ليكتب إسمه بأحرف من ذهب، وكان يرهب كل المنافسين الذين يلتقي معهم إلى غاية 1980، عندما انهزم ضد الامريكي مارفن هاغلر.
مشاور ابن مدينة تيزي وزو الثري والمليء بالإنجازات على كل الأصعدة، جعلت منه أسطورة الرياضة الجزائرية لأنه رفض تمثيل فرنسا وقدم الكثير للعلم الوطني، حيث كان يتنافس بحرارة كبيرة فوق الحلبة لأنه كان يحب الإنتصارات وكان حضور والدته في كل المنافسات التي يشارك فيها دعما وحافزا له للتألق والإنتصار، لأنها كانت مصدر قوته والمناصر الأول له، وكانت سفيرة اللّباس التقليدي القبائلي الجزائري أو “الجبة القبائلية الجزائرية وحلي الفضة الذي يرمز لتقاليد وعادات الجزائر التي كانت ترتديه أينما حلت وارتحلت”.
يملك حماني أكثر من 26 لقب على كل المستويات الدولية بداية من بطولة أفريقيا سنة 1964، عندما كانت الجزائر تسير نحو عهد جديد عقب الاستقلال، ليسيطر بعد ذلك لعدة سنوات على الساحة القارية حيث فاز بذهبية الألعاب الأفريقية التي جرت بنيجيريا 1972، وتأهل للألعاب الأولمبية التي جرت بـ “لوس أنجلس” الأمريكية التي إنهزم خلالها بسبب انحياز التحكيم، وبعد مشوار ثري ورائع إعتزل حماني الرياضة سنة 1985 ليتم تعيينه من طرف الرئيس الراحل، الشاذلي بن جديد، موظفا في وزارة الخارجية، وبقي بعيدا عن صراعات الاتحادية وإكتفى بالحضور لمتابعة المنافسات التي كانت تقام فقط.
فرحات فزيل: والدته صنعت منه أسطورة حقيقية
بتأثر كبير وحصرة ينعي رئيس الاتحادية الجزائرية للملاكمة، فرحات فزيل، في تصريح خاص لجريدة “الشعب” وفاة قريبه والأسطورة لوصيف حماني قائلا “الملاكم حماني كان من أقاربي رحمه الله، هو إنسان جد هادئ وطموح ويحب النجاح”.
وأضاف “مشواره الرائع حققه بالرغم أنه عاش يتيما، وكان يستمد قوّته من والدته التي كانت دائما بجانبه، وصنعت منه بطلا حقيقيا، من خلال مرافقتها الدائمة له ودعمها له للنجاح والتشريف الراية الوطنية منذ سنة 1964 إلى أن وافتها المنية”.
واصل فرحات فزيل قائلا “بهذا المصاب الجلل نعزي أنفسنا والجزائر في رحيل أسطورة حقيقية طالما تغنّت بالوطنية، حيث يعتبر حماني قدوة حقيقية في كل الجوانب لأنه إنسان متخلّق وقدم الكثير لوطنه ولم يطلب مقابل”.
تطرق فزيل إلى الإنجازات التي حققها لوصيف قائلا “يملك لوصيف سجلا ثريا صنعه خلال فترة الجيل الذهبي للملاكمة الجزائرية، حيث سيطر على الملاكمة الأفريقية لسنوات الستينات والسبعينات، وشارك في بطولات العالم والألعاب الأولمبية، وواصل سلسلة الإنتصارات إلى غاية سنة 1985 عندما وضع حدا لمشواره الرياضي”.
وختم قائلا “كان يحب كثيرا مدينة برج الكيفان حيث كان يأتي إليها كلّما تتاح له الفرصة، كما أنه كان يتنقل إلى مسقط رأسه بقرية آيت يحي لجني الزيتون، وعرف بكرمه ومساعدته للمحتاجين”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024