ضيّع لقبين في ظرف 15 يوما

نحو موسم أبيض «للعميد» في مئوية تأسيسه

محمد فوزي بقاص

تعيش معاقل مولودية الجزائر احباطا كبيرا بعد تضييع الفريق لقبين في ظرف 15 يوما، حيث أقصي العميد في الدور ثمن النهائي من كأس الرابطة، أمام الغريم الأزلي اتحاد العاصمة في مواجهة كان بطلها الحكم لطفي بوكواسة، الذي حرم العميد من ركلتي جزاء وهدف شرعي، ليضيع رفقاء بلخير ثاني أهداف الموسم ببلوغ المربع الذهبي لرابطة الأبطال، أمام الوداد البيضاوي الفريق الذي كان في المتناول، وضعية يتخبط فيها عميد الأندية جراء سوء التسيير وعشوائية التعينات، التي أصبحت السمة البارزة للنادي الأكثر شعبية في الجزائر.

 ظنّ الجميع أن موسم (2020 ـ 2021) سيكون موسما استثنائيا ليس للظروف الصحية التي تقام في المنافسات الكروية، بل لتوقعهم اكتساح مولودية الجزائر للألقاب المحلية، وإعادة تموقعها قاريا عن طريق بلوغ المربع الذهبي أو نهائي رابطة الأبطال الافريقية، خصوصا بعدما تيقن الأنصار أن مستوى كل الفرق التي عبرت للدور ربع النهائي تملك نفس الحظوظ للتتويج باللقب القاري، وأن عمالقة القارة السمراء بقي فيهم إلا الاسم الذي يهاب.
بالرغم من تقارب مستوى الفرق في منافسة رابطة الأبطال، إلا أن رفقاء المخضرم عبد الرحمن حشود، عجزوا عن تحقيق مطلب الجمهور بالتأهل إلى المربع الذهبي على الأقل، أمر أفقد الأنصار الأمل في تتويج العميد بلقب وحيد ولو محلي على الأقل، في موسم مئوية تأسيس النادي الذي أضحى نقمة على محبي اللونين الأحمر والأخضر، خصوصا بعد غياب الفريق عن منصات التتويج لمدة خمس مواسم كاملة، أنفقت فيها خزينة العميد أزيد من 450 مليار سنتيم، ما جعل أنصار الفرق العاصمية تغازل الجيش الأخضر بشعار «مولودية العام الجاي».
 
ألماس نقطة سوداء في موسم تاريخي
نكسة المولودية أساسا تعود إلى تشبث مجلس إدارة الفريق بالرئيس السابق عبد الناصر ألماس الذي أتخذ الكثير من القرارات الخاطئة، التي لا يزال الفريق يعاني من تبعاتها في أطول موسم كروي في تاريخ كرة القدم الجزائرية.
أول أخطاء ألماس أنه فضّل اللجوء إلى المحكمة الرياضية في قضية المهاجم الكاميروني روني، عوض الاتفاق معه بالتراضي وفسخ عقده في الساعات الأخيرة من عمر الميركاتو الصيفي، قصد الظفر بصفقة مهاجم أهلي برج بوعريرج السابق السوداني محمد عبد الرحمن الغربال، الذي اتفق على كل تفاصيل عقده وكان ينتظر التوقيع على عقده، وهو الأمر الذي فوّت على المدرب نغيز فرصة ضمان ازدواجية منصب الجناح الأيسر، وتسريح اللاعب مهدي بن علجية الذي تبين مع مرور الجولات أنه لاعب لا يمكن التحكم فيه، وضعية جعلت اللاعب المعار من الترجي الرياضي التونسي، يلعب الكثير من المباريات اتباعا الأمر الذي أفقده الحيوية البدنية، ما جعل فعالية الهجوم تقل عكس بداية الموسم.
ثاني أخطاء ألماس هو عدم التمكّن من ضمان خدمات مدافع محوري رابع مميز، مثلما طالب به المسؤول الأول على رأس العارضة الفنية للفريق قبل انطلاق الموسم، والتفريط في خدمات المخضرم زيدان ميباركو صخرة الدفاع الحالي لفريق شباب قسنطينة، ما جعل نغيز وعمراني يستنجدان بمتوسط الميدان ميلود ربيعي في محور الدفاع في العديد من المباريات، بسبب تجدد إصابات الثنائي نبيل سعدو ومحمد مرواني، عوض الاستفادة من الحس التهديفي لابن مدينة مغنية، ودهائه في استرجاع الكرات الخطيرة وبناء الهجمات.
أخطاء المسؤول الأول في فريق مولودية الجزائر لم تتوقف عند هذا الحدّ، بل وصلت إلى إقالة المدرب نغيز من منصبه بسبب تصريح لوسائل الإعلام، أعلم فيه جمهور المولودية بأن سبب التعادلين المتتاليين داخل الديار، ضد جمعية عين مليلة واتحاد بسكرة على التوالي، راجع لتأثر اللاعبين بسيكولوجيا من الوعود الكاذبة لرئيس مجلس الإدارة الذي فشل في تسديد مستحقات ومنح اللاعبين العالقة، الأمر الذي زعزع استقرار الفريق، خصوصا بعد تعيين المدرب عبد القادر عمراني الذي لم يتمكن من ايجاد التوليفة المناسبة لإعادة الفريق إلى السكة الصحيحة.
 
تسريح جابو والمؤذن أضعف الفريق
ألماس واصل العبث بأكثر الفرق الجزائرية شعبية، حيث سرّح صانع الألعاب عبد المؤمن جابو الذي عاد في الميركاتو الشتوي إلى فريق القلب وفاق سطيف، وساهم السبت الماضي في النتيجة التاريخية التي سجلها النسور بثمانية نظيفة على الضيف اتحاد بلعباس.
كما تمّ فك الارتباط مع خريج أكاديمية نادي بارادو، رشيد عبد المؤمن المؤذن الذي احترف بنادي مولودية وجدة الناشط في الدرجة الأولى المغربية، ويصنع أفراحه رفقة المدرب الفرنسي بيرنارد كازوني، في ثاني تجربة له خارج الوطن بعد نادي «أف. سي. باريس».
إضافة إلى كل هذا قرر الطلاق بالتراضي مع المهاجم روني الذي احترف باليونان، بالرغم من عدم نيل أي تعويض من اللاعب وانتهاء القضية بهزيمة إدارة المولودية المطالبة بدفع قيمة 5 ملايير سنتيم و450 مليون، قبل انقضاء مهلة الفيفا المتمثلة في 45 يوما وإلا حرمان الفريق من دخول سوق تحويلات لثلاث فترات متتالية.
قرارات رئيس مجلس الإدارة الأسبق يمكن وصفها بالمحيرة وغير الرشيدة، اتخذت في حق لاعبين مميزين كان من الممكن الإبقاء عليهم إلى غاية الميركاتو الشتوي، لمساعدة زملائهم ومحاولة التفاوض مع الفرق المهتمة بخدماتهم للاستفادة من قيمة تحويلهم، خصوصا أن لاعبيْن غادروا البطولة الوطنية نحو الاحتراف، والثالث انتقل إلى رائد ترتيب البطولة، والمرشح رقم واحد هذا الموسم للتتويج باللقب.
القرارات الارتجالية لألماس جاءت دون إيجاد الحلول لتعويض رحيل المسرحين، بانتداب لاعبين جدد بالميركاتو الاستثنائي، وهو ما قلّص التعداد وأضعفه وجعل أنصار العميد يتألمون للوضعية التي آل إليها فريقهم المحبوب، خصوصا في آخر خرجة إفريقية أمام الوداد البيضاوي المغربي في مواجهتي ذهاب وإياب ربع نهائي رابطة الأبطال، التي عانى فيها الطاقم الفني للمولودية الأمرين من أجل تكوين فريق تنافسي، مع غياب لاعبيْ المحور سعدو ومرواني بسبب الإصابة، ومهاجمي الفريق سامي فريوي وعبد الحفيظ لنفس الداعي، ما كان سببا في ظهور الفريق بوجه شاحب أمام منافس في المتناول، خطوة قام بها ألماس بهدف تقليص كتلة الأجور، قصد تطبيق وعوده اتجاه المدير العام لسونطراك بترشيد نفقات الموسم الكروي التي تتجاوز أحيانا 100 مليار سنتيم.
في ذات السياق، ولولا سخط أنصار المولودية الذين خرجوا بالآلاف في سهرات رمضان، للمطالبة برحيل ألماس ومكتبه المسير والشركة الملكة لجميع الأسهم، لما تحركت الأمور وتمّ تغيير المسؤول الأول على إخفاقات أصحاب اللونين الأحمر والأخضر، وتعويضه بصاحب الخبرة العالية مسعود براهمية الذي سدّد جزاء كبير من الديون العالقة للاعبين منذ تعيينه خلفا لألماس، وتمكن من اقناع المدرب نبيل نغيز بالعودة على رأس العارضة الفنية للفريق، الأمر الذي حسن الأداء محليا مقارنة بفترة عمراني التي كانت تغيب فيها الروح عن المباريات.

 فرصة كتابة التاريخ قائمة ولكن..
بعد إقصاء العميد من كأس الرابطة ورابطة الأبطال الافريقية وتخفيف الضغط على اللاعبين، تبقى للفريق 17 مواجهة كاملة من أجل انهاء الموسم، عدد كاف من أجل تقليص الفارق عن الوفاق ومحاولة مباغتته رفقة كوكبة المقدمة، لإسعاد الأنصار الذين اشتاقوا لفرحة التتويجات التي طلقها الفريق منذ موسم (2015 – 2016)، الذي تمكن خلاله رفقاء القائد عبد الرحمن حشود من التتويج بلقب كأس الجمهورية الثامن في خزائن الفريق بالكلاسيكو على حساب شبيبة القبائل بضربات الترجيح بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة.
يذكر، أن عميد الأندية الجزائرية يملك في خزائنه 22 لقبا محليا وقاريا، ويطمح لإضافة لقب جديد هذا الموسم لينفرد وحيدا بوصافة ترتيب أكثر الفرق الجزائرية تتويجا بالألقاب خلف شبيبة القبائل.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024